على تلة في الكونغو الديموقراطية.. "الناس لا ينتظرون سوى الموت"
منذ سنتين وعلى تلال إقليم إيتوري، يشن آلاف المسلحين هجمات على قرى ومخيمات النازحين ومواقع عسكرية باسم الجمعية "التعاونية لتنمية الكونغو" (كوديكو) وهي مجموعة مسلحة مرتبطة بطائفة دينية، مع أنها تؤكد أنها تدافع عن قبيلة لندو في مواجهة الجيش وقبيلة هيما.
في هذه المنطقة وبعد رشقات من سلاح رشاش، يحث جندي من قوة بنغلادش العاملة في إطار قوات حفظ السلام، على الاحتماء متوجهًا إلى عناصر من جمعية الصليب الأحمر المحلي جاؤوا لدفن جثث تركت لتتعفن منذ هجوم للمسلحين قبل ثلاثة أسابيع في قرية ديدجا على الحدود الشمالية الشرقية للكونغو الديموقراطية.
ترك نحو عشرين مسعفًا تابعين للصليب الأحمر رفوشهم وهربوا بين الحقول ومنازل متفحمة وسط موجة من الهلع. واختبأ الفريق الصغير وراء جدار بينما أفرغ جنود حفظ السلام رشاشاتهم بإطلاق النار عشوائيا على العشب الطويل حولهم.
في القرية تعرضت آليات الأمم المتحدة أيضا لإطلاق النار فردت لتتمكن من شق طريقها وصولًا إلى المجموعة الصغيرة. وبعد 20 دقيقة من إطلاق النار، ساد الصمت. وبدأ تفقد أفراد الصليب الأحمر وبعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديموقراطية للتأكد من أنه لا مفقودين ولا جرحى بينهم.
في طريق العودة، يرتل أحد جنود حفظ السلام صلاة بينما تسيل قطرات من العرق على وجهه.
منذ أكتوبر، اتسعت هجمات جماعة "كوديكو" في منطقة دجوغو التي تحدها من الشرق بحيرة ألبرت وأوغندا وصارت أكثر تكرارا. ففي الأيام العشرة الأخيرة من نوفمبر، قُتل 82 شخصا على الأقل، حسب باحثين من مركز "المقياس الأمني لكيفو"الموجود في مناطق النزاع في شرق الكونغو.
بعد العودة من ديدجا، تتوقف دبابات الأمم المتحدة في درودرو حيث لم يبق سوى أنقاض من مخيم النازحين هذا الذي كان يؤوي 16 ألف شخص قبل شهر قرب موقع كنيسة كاثوليكية.
ففي 21 نوفمبر، أضرم مسلحون النار في الأكواخ والملاجئ وقتلوا 26 شخصا.
واليوم تحلق بضعة غربان فوق المخيم بينما تبحث نسوة وأطفال قلائل بين الأنقاض عن طعام أو مواد لجمعها.
يخرج طفل من بين الأنقاض ممسكا دفترا بيده، كتب على غلافه "إلى المدرسة".لكن لم يبق مدارس مفتوحة. كما أغلق مستشفى درودرو الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود، منذ الهجوم.
وقال أحد الوجهاء على طريق رملية تؤدي إلى تل رو حيث تتمركز قوافل جنود حفظ السلام على بعد عشرة كيلومترات شرقا "حتى أبرشية الرعية وأعضاء المنظمات غير الحكومية صاروا نازحين".
على سفح هذا التل على ارتفاع ألفي متر، أقيمت أكواخ من الأغصان وقماش الخيام على نحو فوضوي على مساحة تزيد عن عشرين هكتارا حول قاعدة الأمم المتحدة.
وقالت أودري ريفيير منسقة المنظمة غير الحكومية "اكسيون كونتر لا فان" (تحرك ضد الجوع) في إيتوري بعد وصولها إلى رو على متن مروحية مثل العدد القليل من العاملين في المجال الإنساني الموجودينفي المكان، إن "المنطقة مغلقة تماما".
وأضافت أن "هناك أقل من ثلاثة أمتار مربعة للشخص الواحد ... والناس هنا ينقصهم كل شيء: المياه والطعام وأماكن لقضاء حاجتهم".
قال التاجر كونستان نغاز "على الرغم من المخاطر، نحن مضطرون للخروج من المخيم للبحث عن الطعام، لكن الأمان معدوم. الناس في رو ما عادوا ينتظرون سوى الموت".
في الأسبوعين الماضيين، قُتل ثلاثة نازحين على الأقل بالقرب من المخيم أثناء توجههم إلى الحقول أو لجلب المياه.
وتمكنت الشاحنات الأولى التي تحمل مساعدات من برنامج الأغذية العالمي من الوصول إلى رو مطلع الأسبوع الجاري عن طريق البر.
قبل ثلاثة أيام وردا على سؤال لوكالة فرانس برس أثناء توزيع دلاء وصابون من قبل منظمة غير حكومية، قال سائق شاحنة إنه "تعرض للابتزاز من قبل مقاتلي كوديكو" لعبور نقاط التفتيش التابعة لهم.
ومنذ منتصف الأسبوع الماضي، قتل أربعة أشخاص على الأقل على هذا الطريق المؤدي إلى بونيا عاصمة الإقليم.
مع غروب الشمس، يعود أفراد الصليب الأحمر إلى ملاجئهم.
وفي مكان غير بعيد ووسط الدخان المنبعث من الخشب المحترق، يلتف عشرات الأشخاص وبينهم أطفال في مجموعات صغيرة حول بعضهم بعضًا في العراء للاحتماء من البرد وعلهم يتمكنون من النوم الذي حرموا منه.
بعد سنوات من الحرب، شهد إقليم إيتوري هدوءًا نسبيا لنحو عشرين عاما. وفي نهاية 2017، استؤنف العنف بشكل متقطع في البداية ثم على نطاق أوسع في 2019، مع فصائل منبثقة عن المجتمعات المحلية منظمة وجيدة التسليح.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news