في الذكرى 76 للجلاء.. هذا ما قاله الرئيس السوري شكري القوتلي يوم خروج الفرنسيين من بلاده
يصادف اليوم، 17 أبريل، الذكرى السابعة والستون على إعلان جلاء آخر جندي فرنسي عن الأراضي السورية، بعد أكثر من ربع قرن على الاحتلال ودخول الجيوش الفرنسية الأراضي السورية، خاض خلاله الشعب السوري العديد من الثورات المسلحة بدءاً من ثورة الشيخ صالح العلي، انتقالاً لثورة الزعيم إبراهيم هنانو، وصولاً إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش و غيرها من ثورات عديدة، ومن ثم انتقل النضال في سبيل الاستقلال لمرحلة النضال السياسي.
وفي ذاك الوقت، كان الرئيس السوري، شكري القوتلي، يسعى لتحقيق استقلال بلاده وجلاء الفرنسيين عنها، لكن فرنسا كانت حريصة على بقاء جيوشها في سورية وجعلها مستعمرة لفرنسا، فأقدمت الأخيرة على تصعيد خطير وعدوان سافر، وأنزلت جيوشها استعدادًا لمواجهة شاملة مع الشعب السوري، وشنت حربًا مدمرة راح ضحيتها عدد كبير من الأطفال والشيوخ والنساء، واستخدمت فيها كل أساليب الوحشية.
وكان للعمل السياسي الدور الأساسي في تحقيق الجلاء، وقام بهذا العمل عدد من كبار السياسيين السوريين على رأسهم فارس الخوري الذي ترأس الوفد السوري المتجه إلى مجلس الأمن، وكان له دور كبير بتسريع خروج الفرنسيين من بلاده.
اتجهت سورية إلى مجلس الأمن تطالب بانسحاب الجيوش البريطانية والفرنسية عن أراضيها، ولم تتوان في طلبها ذلك حتى تم جلاء الجيوش الأجنبية عن سورية في (15 جمادى الأول 1365 هـ= 17 إبريل 1946م)، وصار هذا اليوم، يوم الجلاء، عيدًا قوميًا لسورية.
وفي 17 نيسان 1946، أقيم عيد الجلاء الأول في سورية بمشاركة عربية واسعة، ورفع شكري القوتلي علم بلاده فوق سماء دمشق، قائلاً إنه لن يرفع أي عَلم فوق هذه الراية إلّا علم الوحدة العربية.
وألقى القوتلي في هذه المناسبة خطابا وصف بـ "التاريخي"، قال فيه:
"بني وطني...
هذا يوم تشرق فيه شمس الحرية الساطعة على وطنكم، فلا يخفق فيه إلا علمكم، ولا تعلو فيه إلا رايتكم. هذا يوم الحق تدوي فيه كلمته، ويوم الاستقلال تتجلى عزته، يوم يرى الباطل فيه كيف تدول دولته، وكيف تضمحل جولته. هذا يوم النصر العظيم والفتح المبين.
أهنئ اليوم هذه الأمة، شباباً وشيباً، هلالاً وصليباً. أهنئ ذلك الفلاح، دعاه داعي الوطن فلباه، هجر مزرعته وتنكب بندقيته، وراح يذود عن أمته ويثأر لكرامته. أهنئ العامل الكادح، يجعل من نفسه لوطنه الفداء، وهو فيما يصيبه لمن السعداء. أهنئ ذلك الطالب، تتأجج روحه حماسة، ويغلي مرجله إباء.
أهنئ الأستاذ يبث العزة القومية، والشاعر يهز الروح الوطنية، والكاتب ينافح عن الحق ويشدد العزائم. أهنئ ذلك التاجر طالما غادر متجره احتجاجاً على ظلم صارخ، ودفعاً لعدوان نازل. أهنئ رجل الأحياء تثيره النخوة ويستجيب للحمية. وأبارك للسيدة تؤدي واجبها جهداً وثباتاً وصبراً."