أسماء الأسد.. أنثى غيرتها الثورة
كان من المفترض أن تكون أسماء فواز الأخرس، زوجة الرئيس السوري بشار الأسد، الوجه الأكثر رقة، لنظام يدعي أنه إصلاحي، لكنها أصبحت الآن شخصية يمقتها الكثيرون، بعد أن نظر إليها البعض بأنها رمز لعصر جديد من الحداثة والانفتاح في تاريخ البلاد.
وبعد أن وصفت ذات يوم بأنها "زهرة في الصحراء"، باتت سيدة سورية الأولى، المولودة في لندن، مختفية في قلب الدائرة الداخلية الغامضة للرئيس الأسد.
وفي حين تنزلق سورية نحو الحرب الأهلية وتقف القوى الخارجية في انتظار تصدع الزمرة الحاكمة، يمكن أن يكون فهم شخصية أسماء مهماً لفهم عائلة الأسد ومستقبل الأزمة السورية.
فقد اكتسبت الموظفة السابقة في بنك استثماري، والتي تلقت تعليمها في بريطانيا، صورتها كإمرأة فاتنة وجادة تحمل قيماً قوية مستلهمة من الغرب، كان من المفترض أن تحدث تحولاً إنسانياً في عائلة الأسد التي تزداد كتماناً وانطواء على النفس.
لكن تلك الصورة انهارت عندما استخدم زوجها العنف الشديد منذ أكثر من عام للرد على خروج الناس للشارع والمطالبة بالحرية. وقررت أسماء بشكل واضح الوقوف بجانب زوجها رغم النفور العالمي من أفعاله.
بنت حمص
تنحدر أسماء الأخرس من مدينة حمص التي باتت رمزاً للثورة والتي تعرضت لهجوم عنيف بشكل خاص شنته الدبابات السورية، حولها إلى أنقاض خلال الصراع.
والدها طبيب سوري مقيم في لندن، متخصص في أمراض القلب والأوعية الدموية، متزوج من سحر العطري التي كانت تعمل في السفارة السورية في العاصمة البريطانية.
ولدت أسماء في ضواحي لندن الغربية التي تصطف المنازل الفاخرة على جانبي شوارعها الهادئة.
وبعد 12 عاماً على زواجها من الأسد يبدو منزل العائلة شبه مهجور وستائره مسدلة. وقال الجيران إن والدها ما زال يعيش في المنزل مع زوجته.
أسماء المولعة بأحذية "كريستيان لابوتان" المرصعة بالكريستال وفساتين "شانيل"، تمثل لغزاً بالنسبة للكثيرين، وترفض المعارضة السورية بشدة التلميحات إلى أنها فعلياً سجينة رأي في القصر الجمهوري.
وقالت جايا سيرفاديو وهي كاتبة ومؤرخة عملت مع أسماء في عدة مشاريع، "كانت إلى حد كبير مثلما نقول يسارية. خلقت انطباعاً جيداً جداً جداً. كانت تبدو متألقة للغاية وفي غاية الاحترام للآخرين".
وأضافت "إنه نظام كريه للغاية ... آلاف الأشخاص سقطوا قتلى. لهذا من الصعب للغاية أن نقول : إمرأة مسكينة. كان ينبغي لها بالتأكيد أن تجد وسيلة للتحدث".
زهرة في صحراء
وكانت أسماء وهي أم لثلاثة أبناء وتبلغ من العمر 36 عاماً، توصف في وسائل الإعلام الغربية بأنها إمرأة راقية وأنيقة مفعمة بالثقة وتتمتع "بذكاء حاد" ومهتمة بانفتاح سورية من خلال الفن والأعمال الخيرية.
وبالنسبة لأولئك الذين علقوا آمالهم على الأسد كإصلاحي محتمل، عززت زوجته الرقيقة تلك الصورة، حيث أضفت لمسة من البريق على ظهوره العلني الذي يفتقر للجاذبية.
ووصفتها مجلة فوغ الشهيرة في مقال إطرائي بأنها "زهرة في الصحراء"، وعائلتها "بالديمقراطية الجامحة".
وقالت صحيفة فرنسية، إنها "مصدر ضوء في بلد مليء بالمناطق المظلمة".
وافتتن الناس بسلوكها المهذب وآرائها الليبرالية ولهجتها البريطانية. وحصلت عام 2008 على الميدالية الذهبية لرئاسة الجمهورية الإيطالية تقديراً لدورها الإنساني، كما حصلت على الدكتوراه الفخرية في علوم الآثار من جامعة لاسابينزا في روما.
لكن رسائل إلكترونية، نشرتها صحيفة غارديان البريطانية، الشهر الماضي من حسابات يعتقد أنها تخص عائلة الأسد، رسمت صورة مختلفة، حيث تظهرها على أنها زوجة دكتاتور غريب الأطوار، تنفق عشرات الآلاف من الجنيهات الإسترلينية على الجواهر والأثاث الفاخر ومزهرية زجاجية من البندقية من محلات هارودز.
وقالت على ما يبدو في إحدى الرسائل الإلكترونية في تعليق بشأن زوجها "أنا الدكتاتورة الحقيقية.. ليس لديه أي خيار".
وفي إحدى الرسائل لصديقة للأسرة ، امتدحت أسماء خطاباً ألقاه الرئيس لنقل شعور بكونه شديد البأس وأنه ما عاد يتخبط في مساره. وفي رسالة أخرى احتجت بأن شبكة "أي بي سي نيوز" نقحت بطريقة سلبية مقابلة معه.
وفي رسالة أخرى سخرت أسماء في مزحة من سكان مدينتها حمص قبيل الهجوم الذي نفذه النظام وأودى بحياة الآلاف هناك. ومنذ ذلك الحين كان سكان المدينة هدفاً للسخرية من سوريين آخرين.
وأجبرت العقوبات الدولية أسماء، التي تهوى التسوق، على القيام بذلك عبر الإنترنت تحت اسم مستعار، وتطلب من الأصدقاء إحضار مجوهرات لها من باريس ولندن.
ويبدو أن من يتصل بها من لندن وهو رجل أعمال سوري يرسل إليها رسائل الكترونية مستخدماً عنواناً أطلق عليه اسم "حفلة حفلة".
للقصة بقية غداً..