اشتداد المعارك بين «داعش» وقوات النظام على مشارف الحسكة
اندلعت، أمس، معارك عنيفة في محيط مدينة الحسكة، التي يحاول تنظيم «داعش» انتزاع السيطرة عليها من قوات النظام السوري، فيما نزحت عائلات من الأحياء الجنوبية والشرقية للحسكة، التي يسيطر عليها النظام، باتجاه أحياء المدينة الغربية والشمالية التي يسيطر عليها الأكراد. في وقت واصل الطيران المروحي التابع للنظام، أمس، إلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء الشرقية في مدينة حلب، في حين حصدت الغارات الجوية المتواصلة على مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة 94 قتيلاً، بينهم 20 طفلاً في يومين.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن المعارك العنيفة استمرت، أمس، في محيط مدينة الحسكة.
وتتجه الأنظار إلى مدينة الحسكة الواقعة في شمال شرق سورية التي ستكون، في حال سقوطها، مركز المحافظة الثالث الذي يخرج عن سيطرة النظام بعد مدينتي الرقة الواقعة تحت سيطرة التنظيم، وإدلب التي استولى عليها «جيش الفتح»، المكون من تحالف يضم «جبهة النصرة» وفصائل إسلامية، في 28 مارس الماضي.
وبدأ تنظيم داعش في 30 مايو هجومه في اتجاه الحسكة، مركز محافظة الحسكة، التي تتقاسم السيطرة عليها «وحدات حماية الشعب» الكردية والقوات النظامية.
وتتركز المعارك جنوب المدينة، التي بات التنظيم على بعد نحو 500 متر منها.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن، إن «قوات النظام تواصل استقدام تعزيزات إلى المدينة».
وأضاف «لاتزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين قوات النظام مدعمة بكتائب البعث وقوات الدفاع الوطني والمسلحين الموالين لها من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر، في المشارف الجنوبية لمدينة الحسكة».
وأشار إلى أن المنطقة تشهد منذ صباح أمس، قصفاً عنيفاً ومكثفاً من الطيران الحربي «على تمركزات للتنظيم في محيط المدينة وجنوبها».
وأسفرت العمليات العسكرية منذ اندلاعها عن مقتل 71 عنصراً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم قائد «كتائب البعث» في الحسكة، و48 عنصراً على الأقل من التنظيم، بينهم 11 فجروا أنفسهم بعربات مفخخة في مواقع لقوات النظام.
وذكر ناشطون لـ«فرانس برس»، أن عائلات نزحت من الأحياء الجنوبية والشرقية للحسكة، التي يسيطر عليها النظام في اتجاه احياء المدينة الغربية والشمالية التي يسيطر عليها الأكراد، خوفاً من دخول التنظيم إلى المدينة، أو من تعرض مناطقهم لقصف بقذائف الهاون. ولم يتدخل المقاتلون الأكراد حتى الآن في المعارك، بحسب المرصد.
وكانت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات، انتقدت أول من أمس، «تخاذل» الأكراد عن مساندة قوات النظام.
ويأتي الهجوم بعد هزائم ثقيلة مُني بها التنظيم في شمال شرق سورية الشهر الماضي، على يد «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تمكنت بدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة من طرد مقاتلي التنظيم المتشدد من أجزاء في المناطق المحيطة بالحسكة. وذكرت نشرة إخبارية تابعة للتنظيم المتشدد أن مقاتليه على بُعد كيلومتر من المدينة، وأن موقعاً واحداً تابعاً للجيش يفصلهم عن المدخل الجنوبي للحسكة، لكن مصدر عسكري سوري، أكد أنه تم صد هجوم التنظيم ووصف الوضع بأنه «ممتاز». وأفاد بيان لـ«وحدات حماية الشعب» والمرصد، بأن التنظيم وجه نظره إلى مدينة الحسكة التي تسيطر عليها الحكومة، لأنه يرى في الجيش السوري هدفاً أسهل من وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق البلاد. وقال متحدث باسم الوحدات لـ«رويترز»، إن القوات الحكومية لن تتمكن من الصمود إذا كان التنظيم المتشدد جاداً في السيطرة على الحسكة.
وتعرض النظام خلال الشهرين الأخيرين لسلسلة خسائر على الأرض، وهو يشن منذ ايام حملة قصف جوي بالطائرات الحربية أو البراميل المتفجرة على مناطق عدة خاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سورية وجنوبها وشرقها. وتسبب هذا القصف «غير المسبوق»، بحسب ما وصفه عبدالرحمن، بمقتل 94 شخصاً خلال الساعات الـ48 الماضية.
ووثق مقتل 20 طفلاً بين هؤلاء و16 امرأة، «إضافة إلى إصابة مئات آخرين بجروح ودمار في الممتلكات».
وواصل الطيران المروحي التابع للنظام، أمس، إلقاء البراميل المتفجرة على الأحياء الشرقية في مدينة حلب. وتسبب برميل سقط على حي الميسر في مقتل ثلاثة أشخاص هم والد ووالدة وطفلهما.
وأفاد مصور لـ«فرانس برس»، أن الدفاع المدني يبحث عن ضحايا آخرين محتملين تحت الأنقاض.
على جبهة أخرى، إلى أقصى الشمال في محافظة حلب، تتواصل المعارك بين تنظيم «داعش» وفصائل المعارضة المسلحة ومعها «جبهة النصرة» في محيط بلدة مارع. وكان التنظيم استولى الأسبوع الماضي على بلدة صوران القريبة من مارع، والواقعة على طريق إمداد رئيس للمعارضة من تركيا إلى حلب.
وفي منطقة القلمون شمال دمشق، افاد المرصد بمقتل ثمانية عناصر من «حزب الله» اللبناني وقوات النظام، في صاروخ اطلقته «جبهة النصرة»، أول من أمس، على مواقع لهم.
ويقاتل «حزب الله» إلى جانب قوات النظام السوري في مناطق عدة من سورية، فيما أفادت مصادر أمنية سورية والمرصد بوصول آلاف المقاتلين العراقيين والإيرانيين أخيراً إلى سورية، لمساندة قوات النظام للحفاظ على المناطق الخاضعة لسيطرتها، بعد التراجع الميداني القاسي الذي شهدته أخيراً.