المعارضة تبدأ عملية الإعداد للمحـادثات مع نظام الأسد

عقدت «الهيئة العليا للتفاوض» في المعارضة السورية، أمس، أول اجتماعاتها في العاصمة السعودية الرياض، للإعداد للمفاوضات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد. في حين أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجيش بالرد «بمنتهى الحزم» على أي قوة تهدده في سورية بعد ثلاثة أسابيع من إسقاط تركيا طائرة مقاتلة فوق الحدود السورية، بينما دعت أنقرة، موسكو إلى التهدئة، مؤكدة أن لصبرها «حدوداً»، في وقت اتهم الأسد الإدارة الأميركية بأنها غير مخلصة في محاربتها للإرهاب.

وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أحمد رمضان، إن «الهيئة العليا للتفاوض» المؤلفة من 33 عضواً، التي أنشأتها المعارضة السورية للإعداد للمفاوضات مع نظام الأسد عقدت، أمس، أولى اجتماعاتها في الرياض.

ووافقت أطياف المعارضة، أول من أمس، على حضور مفاوضات برعاية الأمم المتحدة مع نظام دمشق، وشكلت لجنة لاختيار المندوبين للمحادثات المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

وذكرت قناة «المشرق» التلفزيونية المعارضة السورية أن اللجنة تضم تسعة أعضاء من الائتلاف الوطني السوري، و11 من الجماعات المتمردة المسلحة، وخمسة من المعارضة التي يتسامح نظام الأسد في وجودها، وكذلك ثمانية مستقلين.

واتفقت الأطراف المجتمعة بمؤتمر الرياض على مجموعة من النقاط، أهمها تشكيل هيئة سورية موحدة، أطلق عليها اسم «الهيئة العليا للمفاوضات»، سيكون مقرها مدينة الرياض، لتتولى مهام اختيار الوفد التفاوضي، وتكون مرجعية المفاوضين مع ممثلي النظام السوري نيابة عن المجتمعين.

كما اتفق المشاركون على أن هدف التسوية السياسية هو تأسيس دولة تقوم على مبدأ المواطنة، من دون أن يكون للأسد، وأركان ورموز نظامه، مكان فيها، أو في أي ترتيبات سياسية مقبلة.

من ناحية أخرى، قال الرئيس الروسي، أمس، خلال اجتماع مع مسؤولي وزارة الدفاع «آمر بالتصرف بمنتهى الحزم، وكل هدف يهدد الوحدات الروسية أو منشآتنا على الأرض في سورية سيدمر على الفور».

وأضاف أن «من المهم التعاون مع أي حكومة مهتمة حقاً بالقضاء على الإرهابيين»، وساق مثالا الاتفاق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لتفادي الاصطدام في الأجواء السورية. وأكد أن «استخدام القوات الجوية والبحرية الروسية لأحدث أسلحة دقيقة التصويب أتاح إلحاق أضرار كبيرة ببنية الإرهابيين التحتية، ما أدى إلى تغيير الوضع في سورية تغييراً نوعياً».

وأوضح بحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، أن السبب الرئيس لعملية روسيا في سورية يعود إلى تهديد تنظيم «داعش» المباشر لبلاده، وليس إلى الاعتبارات المرتبطة بالمصالح الجيوسياسية أو الرغبة في اختبار أسلحة جديدة.

وشدد بوتين على أن تنظيم «داعش» الإرهابي يشكل خطراً مباشراً على أمن روسيا، لذا يقوم العسكريون الروس في سورية بالدفاع عن وطنهم. وحذر من مغبة «التحرش» بالعسكريين الروس في سورية.

وبدأت روسيا في 30 سبتمبر الماضي شن هجمات بواسطة سلاحي الجو والبحرية ضد تنظيمات إرهابية في سورية، بناءً على طلب الاسد. وتمر العلاقات بين تركيا وروسيا بأسوأ أزمة دبلوماسية منذ الحرب الباردة، منذ إسقاط طائرة «سوخوي-24» الروسية في 24 نوفمبر الماضي.

في السياق، دعا وزير خارجية تركيا، مولود جاوش أوغلو، أمس، روسيا الى «التهدئة»، وقال إن لصبر تركيا «حدوداً»، في حين لايزال التوتر قائماً بين البلدين منذ إسقاط الجيش التركي طائرة روسية فوق الحدود مع سورية.

وقال لمحطة «إن تي في» التركية «ندعو روسيا، وهي أحد أكبر شركائنا التجاريين، إلى الهدوء لكننا نقول كذلك إن لصبرنا حدوداً».

وأكد أنه «إذا لم نقم بالرد بعد ما فعلتموه فليس لأننا نخاف أو يعترينا أدنى شعور بالذنب». وأضاف «نحن صابرون أملاً في عودة علاقاتنا إلى سابق عهدها».

إلى ذلك، اتهم الأسد، خلال مقابلة اجرتها معه وكالة الأنباء الإسبانية (إي.إف.إي)، نشرت أمس، الإدارة الاميركية بأنها غير مخلصة في محاربتها للإرهاب.

وقال إن «الإدارة الأميركية وفرت لأولئك الإرهابيين الغطاء السياسي، منذ البداية قالت إنهم يخرجون في تظاهرات سلمية، ثم عندما ظهروا على حقيقتهم كإرهابيين، قالوا إنهم إرهابيون معتدلون، ثم في النهاية وجدوا أن عليهم أن يقولوا إن هناك (داعش) و(النصرة)، لكنهم في المحصلة ليسوا موضوعيين».

وأضاف أنه لطالما «ظلت الولايات المتحدة غير جادة في محاربة الإرهاب، فلا يمكن أن نتوقع من بقية الدول الغربية أن تكون جادة، لأنها حليفة للولايات المتحدة». وأشار الأسد إلى أن «تركيا هي شريان الحياة بالنسبة لتنظيم داعش»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا).

وأضاف أن تلك «الشاحنات كانت تحمل النفط من سورية إلى تركيا التي تبيع هذا النفط الرخيص إلى بقية أنحاء العالم، لا أعتقد أن شخصاً لديه أي شك حيال هذا الواقع الذي لا يمكن دحضه».

وأكد أن الخطوة الأولى للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سورية تكمن في وقف تدفق الإرهابيين، خصوصاً من تركيا، إلى سورية والعراق، ووقف تدفق الأموال، ومنع دخول الأسلحة، وغيرها من أشكال الدعم اللوجستي لتلك التنظيمات.

ودعا إلى عدم الخلط بين المعارضة السياسية والجماعات المسلحة، مؤكداً أن الحكومة السورية أجرت حواراً مع بعض المجموعات، كمجموعات وليس كتنظيمات بهدف تخليها عن السلاح، معتبراً أن هذه هي الطريقة الوحيدة للتعامل مع المجموعات المسلحة في سورية «أما أن نتعامل معها ككيانات سياسية فهو أمر نرفضه تماماً».

وقال الأسد إن الرئيس الروسي لم يطلب شيئاً مقابل المساعدة في محاربة الإرهاب، مشيراً إلى انه ليس لروسيا مصلحة في أن يكون هناك المزيد من الإرهاب في سورية وفي انهيار الدولة السورية.

الأكثر مشاركة