بوتين يأمر القوات الروسيـــة ببدء الانسحــاب مــن سـوريـة اليـــوم
أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، وزارة الدفاع بأن تبدأ، اعتباراً من اليوم، عملية انسحاب القسم الأكبر من القوات الروسية من سورية، فيما طلب من وزارة الخارجية تكثيف دور موسكو في الوساطة، من أجل التوصل لاتفاق سلام في سورية. في حين بدأت، أمس، جولة المفاوضات حول سورية في جنيف، بلقاء بين وفد الحكومة، مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستافان دي ميستورا، الذي أعلن أن الانتقال السياسي هو «أساس كل القضايا» التي ستتم مناقشتها، مؤكداً أن استمرار الحرب هو البديل الوحيد.
وأصدر الرئيس الروسي، أمس، أوامره إلى وزير الدفاع سيرغي شويغو، بالبدء في سحب القوات الروسية الرئيسة من سورية.
وقال بوتين لشويغو، خلال اجتماع ضمهما إلى جانب وزير الخارجية سيرغي لافروف: «إن المهمة التي طلبت من وزارة دفاعنا والقوات المسلحة أنجزت عموماً، لذلك أمرت وزارة الدفاع ببدء انسحاب القسم الأكبر من قواتنا العسكرية من الجمهورية العربية السورية، اعتباراً من الغد (اليوم)».
لكن الرئيس الروسي أشار إلى أن موسكو ستحتفظ بوجود عسكري، ولم يذكر موعداً لإتمام الانسحاب.
وأضاف أن القوات الروسية ستبقى في ميناء طرطوس، وفي قاعدة حميميم الجوية، في محافظة اللاذقية بسورية.
وقال إن «العمل الفعال لجيشنا هيأ الظروف لبدء عملية السلام».
وأضاف «أعتقد أن المهمة حققت أهدافها في المجمل، وتمكنت القوات المسلحة السورية، والقوات الوطنية السورية، بمشاركة الجيش الروسي، من تحقيق تحول جذري في الحرب ضد الإرهاب الدولي، وملكت زمام المبادرة في جميع النواحي تقريباً».
كما طلب بوتين من وزارة الخارجية الروسية تكثيف دور روسيا في الوساطة، من أجل التوصل لاتفاق سلام في سورية.
وأعلن الكرملين أن بوتين ونظيره السوري بشار الأسد اتفقا، خلال اتصال هاتفي بينهما، على سحب القوات الروسية من سورية، مع الإبقاء على وجود جوي، لمراقبة وقف إطلاق النار.
وذكر المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الأسد قال لبوتين إنه يأمل أن تقود عملية السلام الجارية في جنيف إلى نتائج ملموسة. وأضاف أن الأسد أكد الحاجة إلى وجود عملية سياسية في سورية.
من جهتها، قالت الرئاسة السورية، في بيان، إن الأسد وبوتين اتفقا على هذه الخطوة، وإن ذلك يأتي اتساقاً مع «استمرار وقف الأعمال القتالية، وبما يتوافق مع المرحلة الميدانية الحالية، مع تأكيد الجانب الروسي استمرار دعم روسيا الاتحادية لسورية في مكافحة الإرهاب».
وفي جنيف، عقد دي ميستورا، أمس، اجتماعاً في مقر الأمم المتحدة، مع الوفد الحكومي السوري برئاسة كبير مفاوضيه ممثل دمشق لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، في إطار الجلسة الأولى من المفاوضات غير المباشرة.
وقال دي ميستورا، في مؤتمر صحافي قبل الاجتماع «إنها لحظة الحقيقة»، وأضاف متسائلاً «ما النقطة الأساسية؟ الانتقال السياسي هو النقطة الأساسية في كل القضايا» التي ستتم مناقشتها بين وفدي الحكومة والمعارضة.
وأكد أن «جدول الأعمال وضع استناداً إلى القرار الدولي 2254، وفي إطار توجيهات إعلان جنيف بالطبع».
ونص القرار 2254، الصادر عن مجلس الأمن في ديسمبر، على تشكيل حكومة تضم ممثلين عن المعارضة والحكومة، خلال ستة أشهر، وصياغة دستور جديد، وإجراء انتخابات خلال 18 شهراً.
ولم يذكر دي ميستورا تفاصيل إضافية عن جدول الأعمال، وتوقع أن تكون المفاوضات، التي بدأت أمس، واحدة من ثلاث جولات.
وتستمر الجولة الحالية حتى 24 مارس، ثم تبدأ الجولة الثانية بعد توقف، لمدة أسبوع أو 10أيام، على أن تستمر لمدة «أسبوعين على الأقل».
وتُعقد جولة ثالثة من المفاوضات بعد توقف مماثل. وقال دي ميستورا «حينها نعتقد أنه ستكون لدينا خريطة طريق واضحة على الأقل»، مضيفاً «أنا لا أقول إنه اتفاق، لكن خريطة طريق واضحة، لأن هذا ما تتوقعه سورية منا جميعاً».
وتعقد المفاوضات وسط تباين كبير في وجهات النظر بين طرفي النزاع، لكن في ظل اتفاق لوقف الأعمال القتالية، صامد إجمالاً منذ 27 فبراير الماضي، يستثني تنظيم «داعش» و«جبهة النصرة».
وحذر دي ميستورا من أن البديل عن نجاح المفاوضات هو استمرار الحرب، وقال «الخطة (ب) الوحيدة المتاحة هي العودة إلى الحرب، وربما أسوأ مما هي اليوم».
لكن المحللين يشككون في إمكانية تحقيق تقدم سريع، فيما يبقى مصير الأسد نقطة الخلاف المحورية بين الطرفين. إذ تتمسك المعارضة بأنه لا دور للأسد في المرحلة الانتقالية، في حين يصر النظام على أن الرئيس «خط أحمر».
وفي موسكو، أعلن لافروف، أن المفاوضات يجب «أن تشمل جميع قوى المعارضة».
ورحب بالهدنة «الفعالة» في سورية، وشدد خلال مقابلة بثتها، مساء أول من أمس، قناة «رين تي في» على استعداد روسيا لـ«تنسيق خطواتها مع الأميركيين» لاستعادة الرقة وتدمر من تنظيم «داعش».
وقال «ليس سراً أن الأميركيين عرضوا علينا تقاسم العمل في وقت من الأوقات، بحيث تركز القوات الجوية الروسية على تحرير تدمر، ويركز التحالف الدولي بقيادة أميركية ودعم روسي على تحرير الرقة».
من ناحية أخرى، أكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بافل كشيشيك، أن الاشتباكات في وسط سورية، أجبرت المنظمات الدولية على تأجيل إيصال المساعدات إلى أربع بلدات محاصرة.
وقال لـ«فرانس برس»، أمس، إن إيصال المساعدات يجب أن يحصل «بالتزامن» إلى كل من مضايا والزبداني المحاصرتين من قبل قوات النظام في ريف دمشق، وبلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قبل الفصائل المسلحة في محافظة ادلب (شمال غرب)، لكنه أشار إلى أن «الوضع في منطقة قلعة المضيق في محافظة حماة (سط)» دفع بـ«الصليب الأحمر» والأمم المتحدة و«الهلال الأحمر السوري» إلى تأجيل إيصال المساعدات.
وقال كشيشيك «لأسباب أمنية لا يمكن أن نرسل قافلاتنا عبر هذا الاتجاه»، إذ تقع قلعة المضيق، في ريف حماة الشمالي الشرقي، على الطريق الذي من المفترض أن تسلكه القافلات إلى الفوعة وكفريا.