إيغلاند يرى نقطة تحول محتملة في توصيل المساعدات للمناطق المحاصرة بسورية

غارات للنظام على حلب وريفــها رغم الهدنة الروسية.. واشتباكات في منبج

حلب تعرضت لقصف كثيف من الطائرات الحربية استهدف مناطق عدة. أ.ب

تعرضت هدنة جديدة في مدينة حلب السورية للانتهاك، بعد ظهر أمس، إثر قصف جوي استهدف أحياءها الشرقية وريفها، بعد ساعات من إعلان روسيا وقفاً لإطلاق النار لمدة 48 ساعة، غداة تحذير واشنطن النظام السوري وموسكو من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية، وتزامنت الغارات مع اشتباكات بين «قوات سورية الديمقراطية» وتنظيم «داعش» في محيط منبج شرق حلب، في حين قال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، أن تطبيق الهدنة يمثل نقطة تحول محتملة، لتوصيل المساعدات إلى المناطق المحاصرة.

وتفصيلاً، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن قوات النظام نفذت قصفاً جوياً طال أحياء تسيطر عليها فصائل المعارضة، وسط مدينة حلب. وقال المرصد، في بيان، إن الغارات العنيفة جاء بعد تهدئة استمرت ساعات داخل مدينة حلب. وأشار المرصد إلى أن القصف استهدف أحياء قاضي عسكر وبعيدين والسكري وباب النيرب ومناطق عدة أخرى، لافتاً إلى معلومات أولية عن إصابات جراء القصف. وأفاد مراسل لـ«فرانس برس» في شرق حلب بوقوع غارات وقصف بالبراميل المتفجرة على أحياء عدة في المدينة، بعد تهدئة استمرت لساعات. وأفاد مصدر آخر بأن غارات مكثفة لطائرات النظام السوري استهدفت قلعة سمعان الأثرية في مدينة دارة عزة، بينما استهدفت الطائرات الروسية قرى عندان وكفر حمرة في ريف حلب الغربي.

وفي دمشق، أعرب مصدر سوري قريب من النظام عن استيائه من القرار الروسي. وقال لوكالة «فرانس برس» «الأمر ذاته يتكرر، ففي كل مرة يتقدم فيها الجيش شمال مدينة حلب ويقترب من تطويق المدينة، تتدخل روسيا لإقرار وقف لإطلاق النار بالتوافق مع الأميركيين»، مضيفاً «من الواضح أن موسكو لا تريد لنا أن نستعيد حلب».

وجاء الإعلان الروسي عن الهدنة قبل يوم من اجتماع مرتقب في سان بطرسبيرغ يجمع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، والمبعوث الأممي إلى سورية، ستافان دي مستورا، كما جاء أيضاً بعد ساعات من تحذير وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، من مغبة عدم احترام وقف الأعمال القتالية، وتأكيده أنه «على روسيا أن تفهم أن صبرنا ليس بلا حدود»، وأضاف «في الواقع هو محدود جداً في ما يتعلق بمعرفة ما إذا كان الأسد سيوضع أمام مسؤولياته أم لا» على صعيد الالتزام بوقف الأعمال القتالية.

ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف، قوله، أمس، إن روسيا تريد «وقفاً لإطلاق النار طويل الأمد» في حلب السورية.

وأقر كيري، أول من أمس، بأن «وقف الأعمال القتالية هش ومهدد»، واعتبر أنه «من الحيوي إرساء هدنة حقيقية»، مؤكداً استعداد بلاده «لمحاسبة عناصر من المعارضة» ممن يشتبه في ارتكابهم انتهاكات، أو الذين «يواصلون المعارك في انتهاك لوقف إطلاق النار».

وتوقع محللون ألا تصمد هذه الهدنة أكثر من سابقاتها، وبالتالي الدخول مجدداً في دوامة العنف، في غياب أي جهد حقيقي لإعادة إطلاق مفاوضات السلام المجمدة في الوقت الراهن.

ويقول مدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، كريم بيطار، لوكالة «فرانس برس» «يشكك السوريون بشكل متزايد في فعالية هذه الهدن المؤقتة، التي باتت تبدو مصطنعة وعقيمة، شأنها شان جلسات التفاوض التي تعلق عليها الآمال في كل مرة قبل أن تثير الخيبات».

ويضيف «يبدو أننا مجدداً أمام وقف إطلاق نار صوري لا تدعمه أي عملية سياسية حقيقية».

وفي تعليق على إرساء الهدنة الجديدة، اعتبر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «الهدن المؤقتة لساعات ليست من أجل التوقف عن إراقة دماء المدنيين وارتكاب المجازر بحقهم، إنما هي بمثابة استراحة للقتلة ومرتكبي المجازر بحق أبناء مدينة حلب والشعب السوري، قبل استئناف ارتكابهم لجرائمهم».

وانعكس جمود مفاوضات جنيف والتصعيد العسكري الميداني سلباً على إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، قبل أن تعلن الأمم المتحدة، قبل أسبوع، تبلغها من الحكومة السورية موافقتها على السماح بإدخال مساعدات إلى المناطق المحاصرة كافة، ودخول قوافل مساعدات تتضمن مواد غذائية إلى مناطق عدة، أبرزها مدينة داريا المحاصرة في ريف دمشق للمرة الأولى منذ عام 2012.

من جهته، قال مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، أمس، إن توصيل المساعدات إلى المدن السورية حقق تقدماً كبيراً، بينما يمثل تطبيق هدنة في حلب لمدة 48 ساعة، وإمكانية الوصول إلى كل المناطق المحاصرة، نقطة تحول محتملة. وأبلغ إيغلاند الصحافيين بعد أن ترأس اجتماعاً لمجموعة العمل الدولية للشؤون الإنسانية في سورية «تشعر بعض الدول، بينها روسيا، بانكسار الحاجز النفسي من خلال القدرة على الوصول إلى داريا ودوما المحاصرتين».

وقال «أتمنى حقاً أن تكون هذه نقطة تحول في قدرتنا على الوصول إلى المناطق المحاصرة، وأيضاً المناطق التي يصعب الوصول إليها، لكن لنكن واقعيين فالحرب مستمرة وفي مناطق الحروب كل شيء هش».

من جانب آخر، شهدت منطقة الصوامع في محيط مدينة منبج، شرق حلب، اشتباكات بين «قوات سورية الديمقراطية» وتنظيم «داعش»، بالتزامن مع غارات لطائرات التحالف الدولي جنوب غرب المدينة. وقالت مصادر نقلاً عن «قوات سورية الديمقراطية»، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، إنها باتت تسيطر على مساحات شاسعة في ريف منبج منذ بدء المواجهات مع التنظيم قبل أسبوعين.

تويتر