قاعدة طرطوس البحرية تعزز قدرات الجيش الروسي في شرق المتوسط. أرشيفية

روسيا توقع مع دمشق اتفاق قواعد طويل الأمد

بينما كان العالم مشغولاً بحفل تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة الماضية، قامت روسيا وسورية بتوقيع اتفاق قواعد طويل المدى، يمنح السفن والطائرات الروسية مدخلاً إلى سورية لمدة نصف قرن من الزمن، وهو التزام مهم يؤكد جدية جهود الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التي بدأت منذ نحو عام، من أجل استعادة دور روسيا القوي في شرق البحر المتوسط.

خلال خطاب القسم، الذي ألقاه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، كرر أفكاره التي طرحها سابقاً بإنهاء الحروب الخارجية، وتخفيض الإنفاق على القواعد العسكرية في ما وراء البحار. وقال «أنفقت واشنطن تريليونات الدولارات على قواعد في ما وراء البحار، في حين أن البنية التحتية في أميركا انحدرت إلى حالة بائسة ورثَّة».

ويقضي الاتفاق بتوسيع القاعدة الجوية في اللاذقية، وجعلها مقراً دائماً لسلاح الجو الروسي، وكذلك توسيع القاعدة البحرية الروسية في طرطوس، بحيث تسمح لاستيعاب 11 سفينة. ويمكن لهذا التوسع أن يمكن قاعدة طرطوس من استيعاب سفن أكبر حجماً من تلك التي ترسو فيها حالياً، فعلى سبيل المثال لم تتمكن حاملة الطائرات كوزنتوف من الرسو في هذه القاعدة، الخريف الماضي. كما يمكن أن تستوعب القاعدة غواصات نووية، أيضاً، وذلك حسب التقارير الإخبارية الحكومية. وستقوم موسكو بإرسال المهندسين والمختصين إلى دمشق، لتقديم المساعدة من أجل تجديد السفن الحربية السورية، والدفاع عن منطقة الميناء.

ولطالما استخدمت روسيا الميناء، لإرسال الجنود والأسلحة إلى سورية لدعم قوات نظام الرئيس بشار الأسد، والعشرات من الطائرات الحربية الروسية، التي استخدمت القاعدة الجوية لتنفيذ هجمات ضد المجموعات المعارضة التي تقاتل النظام، رغم إصرار موسكو على أنها تستهدف تنظيم «داعش». واشتكى مسؤولو الدفاع الأميركيين أن الغارات الروسية نادراً ما تستهدف التنظيم، إذ قامت الطائرات الروسية في بعض الأحيان بقصف القوات المعارضة التي تدعمها الولايات المتحدة. ويعني توسيع القاعدتين تخفيف الاعتماد على إمدادات وصيانة السفن من أسطولها المرابط على البحر الأسود.

وقال عضو البرلمان الروسي (الدوما)، سيرغي زيلزنياك، الجمعة الماضية، إن هذه الصفقة «ستعمل على حماية الشعب السوري من التهديد، إضافة إلى أنها ستجعل من الممكن تعزيز الاستقرار في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط». وقبل اتفاقات القواعد، قال مسؤول في وزارة الدفاع الروسية، لـ«فورين بوليسي»، إن موسكو «يمكن أن تواصل عملياتها الحالية لسنوات عديدة» في سورية، نتيجة أثرها الخفيف نسبياً، والتقدم الذي حققته القوات الروسية أخيراً في دعم العمليات العسكرية وراء الحدود.

ويسمح هذا الاتفاق الجديد، الذي يمنح السفن والطائرات الروسية القدرة على العمل في أماكن بعيدة جداً عن روسيا لأشهر عدة، لموسكو بمواصلة استعراض عضلاتها في الحرب الدائرة بسورية.

وقال مسؤول في وزارة الدفاع إن روسيا تستغل سورية «كميدان اختبار» لأنظمة تسليحها الحديثة، حيث تقطف ثمار عملية التحديث العسكري، التي قام بها الرئيس الروسي بوتين. وأضاف أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لاحظت التطور في تسليحنا وقدراتنا القتالية.

وكذلك التوقيت كان ملحوظاً أيضاً، حيث كانت واشنطن تستعد لتغيير دورها في الحرب الأهلية السورية، وخلال خطاب القسم الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كرر أفكاره التي طرحها سابقاً في إنهاء الحروب الخارجية، وتخفيض الإنفاق على القواعد العسكرية في ما وراء البحار، وقال «أنففت واشنطن تريليونات الدولارات على قواعد في ما وراء البحار، في حين أن البنية التحتية في أميركا انحدرت إلى حالة بائسة ورثّة».

وكان مستشار الأمن القومي للرئيس ترامب، مايكل فلين، قد أكد، في وقت سابق، أنه سيكون لأميركا دور أكبر في الحرب على «داعش» في سورية. ويبدو الدور الدبلوماسي الأميركي في تغير مستمر بسورية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، غداة تنصيب ترامب، إن واشنطن لن ترسل وفداً إلى محادثات السلام السورية في كازاخستان، على الرغم من أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حث إدارة ترامب على إرسال خبير إلى الشرق الأوسط.

لكن سيكون لإدارة ترامب مراقب في هذه المحادثات، هو السفير الأميركي الحالي في كازاخستان جورج كرول. وتهدف هذه المفاوضات إلى تثبيت وقف إطلاق النار في سورية، لتمهيد الطريق أمام مفاوضات تنهي ست سنوات من الصراع في هذا البلد.

الأكثر مشاركة