«المناطق الآمنة» قد تجبر ترامب على اتخاذ قرار بشأن الأسد
قال خبراء إن تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من أجل إقامة مناطق آمنة في سورية قد يدفعه لاتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر بشأن المدى الذي يمكن أن يبلغه في حماية اللاجئين، بما في ذلك إسقاط طائرات سورية أو روسية أو الالتزام بنشر آلاف الجنود الأميركيين.
وكان ترامب قال يوم الأربعاء الماضي، إنه «سيقيم قطعاً مناطق آمنة في سورية» للاجئين الهاربين من العنف. ومن المتوقع وفقاً لوثيقة اطلعت عليها «رويترز» أن يأمر خلال الأيام المقبلة وزارتي الدفاع والخارجية بصياغة خطة لإقامة مناطق آمنة في سورية ودول قريبة.
ولم تحدد الوثيقة ما الذي يجعل مناطق من هذا النوع «آمنة»، وما إن كانت ستحمي اللاجئين من الأخطار على الأرض فقط ــ مثل خطر المقاتلين المتشددين ــ أو إن كان ترامب يتوقع إقامة منطقة حظر طيران تشرف الولايات المتحدة وحلفاؤها على مراقبتها.
وإذا فرضت منطقة حظر طيران من دون التفاوض على اتفاق من نوع ما مع روسيا، فسيتعين على ترامب أن يقرر إن كان سيمنح الجيش الأميركي سلطة إسقاط طائرات سورية أو روسية، إذا شكلت خطراً على الناس في تلك المنطقة، وهو الأمر الذي رفض سلفه باراك أوباما القيام به.
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط بمؤسسة «هيريتدج» البحثية في واشنطن جيم فيليبس: «هذا في جوهره يعني الاستعداد لخوض حرب من أجل اللاجئين»، مشيراً إلى دفاعات روسيا الجوية المتقدمة.
ووعد ترامب خلال حملته باستهداف المتشددين من تنظيم «داعش»، وسعى لتفادي الانزلاق بصورة أكبر في الصراع السوري، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن إن كان سيكتفي بتأكيدات ــ ربما من موسكو ــ بألا تستهدف طائرات روسية أو سورية المناطق الآمنة.
وفي موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن ترامب لم يتشاور مع روسيا، وإنه ينبغي «تقييم» عواقب خطة مثل هذه. وقال «من المهم ألا تفاقم (هذه الخطة) وضع اللاجئين».
وأكد فيليبس وخبراء آخرون بينهم مسؤولون أميركيون سابقون أن الكثير من اللاجئين لن يكتفوا بتأكيدات من موسكو، بينما قد لا يلقى أي اتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد ــ المدعوم أيضاً من إيران ــ ترحيباً من حلفاء واشنطن العرب.
ورفضت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) التعقيب قائلة إنه لم يصدر أي توجيه رسمي بعد لبلورة مثل هذه الخطط، وبدا أن بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين لم يعرفوا بأمر الوثيقة قبل نشرها في وسائل الإعلام.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيز: «وزارتنا منوطة الآن بأمر واحد في سورية، هو كسر (داعش) وهزيمته». ومن شبه المؤكد أن تتطلب أي منطقة آمنة في سورية ــ تضمنها الولايات المتحدة ــ درجة من درجات الحماية العسكرية الأميركية. ويقول مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء، إن تأمين البر وحده سيتطلب آلاف الجنود.
وحذر الخبير العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية البحثي أنتوني كوردسمان، من أن تصبح المناطق الآمنة داخل سورية لعنة دبلوماسية تجبر إدارة ترامب على التعامل مع مجموعة من التوترات العرقية والسياسية في سورية إلى أجل غير مسمى.
وقال خبراء آخرون إن من الممكن أن تجتذب المنطقة الآمنة متشددين، إما لتنفيذ هجمات ــ وهو ما قد يحرج الولايات المتحدة ــ أو لاستخدام المنطقة مأوى يمكن للمتشددين إعادة تنظيم صفوفهم فيه.