روسيا تحوّل تركيزها العسكري في سورية إلى «جبهة النصرة»

أعلنت روسيا، أمس، أنها حوّلت تركيزها في سورية إلى اجتثاث «جبهة النصرة» (جبهة فتح الشام حالياً)، بعد هزيمة تنظيم «داعش». في حين خرج أمس، أربعة مرضى، بينهم أطفال، من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، بموجب اتفاق على إجلاء عدد من الحالات الحرجة من هذه المنطقة التي تشهد تدهوراً في الوضع الإنساني.

وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده «حوّلت تركيزها في سورية إلى اجتثاث جبهة النصرة».

وقال في تصريحات نقلتها وكالة «تاس» الروسية الرسمية للأنباء «الهدف الرئيس لمكافحة الإرهاب هو التغلب على جبهة النصرة»، مستخدماً الاسم السابق للجماعة التي يطلق عليها حالياً اسم «جبهة فتح الشام».

وتعد الجماعة قوة كبيرة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تدعمه روسيا، في الحرب الأهلية الدموية متعددة الأطراف.

وأوضح لافروف، خلال اجتماع مع زعيم المعارضة السوري، أحمد الجربا، أن «الجيش السوري وحلفاءه يدفعون بجبهة النصرة خارج البلاد (سورية) بدعمنا».

وأضاف «إنهم بشكل خاص لايزالون يقاومون، حسب علمنا، لأنهم يتلقون المساعدة من الخارج».

من جهته، أعلن رئيس الأركان العامة الروسي، الجنرال فاليري غيراسيموف، أن بلاده قضت على 60 ألف مسلح من «داعش» في سورية منذ عام 2015، مشيراً إلى أن هدف روسيا لعام 2018 هو القضاء على جماعة «جبهة فتح الشام».

وقال في مقابلة مع صحيفة «كومسومولسكايا برافدا»، نشرت أمس «حتى 30 سبتمبر 2015، كان هناك 59 ألفاً من (داعش) من جميع التشكيلات في سورية، وفي غضون عامين تمكن (التنظيم) من تجنيد 10 آلاف مسلح آخرين».

وأضاف «لكن في غضون هذين العامين تم القضاء على نحو 60 ألفاً منهم».

واتهم غيراسيموف الولايات المتحدة بتدريب مقاتلين سابقين من تنظيم «داعش» في سورية، لمحاولة زعزعة استقرار البلاد.

وتركزت اتهامات غيراسيموف في مقابلة صحافية على قاعدة عسكرية أميركية في معبر التنف الحدودي السوري مع العراق بجنوب البلاد.

وتقول روسيا إن القاعدة الأميركية غير قانونية، وإنها أصبحت هي والمنطقة المحيطة بها «ثقباً أسود» يعمل فيه المتشددون بلا أي عائق.

وتقول الولايات المتحدة إن قاعدة التنف مؤقتة، وتستخدم في تدريب القوات الشريكة في الحرب على التنظيم، غير أن غيراسيموف قال إن الولايات المتحدة تدرب مقاتلين كانوا في السابق من أفراد تنظيم «داعش»، لكنهم يسمون أنفسهم الآن الجيش السوري الجديد أو يستخدمون أسماء أخرى. وأضاف أن أقماراً اصطناعية روسية وطائرات من دون طيار روسية رصدت كتائب المتشددين بالقاعدة الأميركية.

وقال «هم في واقع الأمر يتدربون هناك»، مضيفاً أنه يوجد أيضاً عدد كبير من المتشددين ومقاتلي التنظيم السابقين في الشدادي، وقال إنه توجد قاعدة أميركية فيها أيضاً.

من ناحية أخرى، خرج أربعة مرضى، بينهم أطفال، من الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، بموجب اتفاق على إجلاء عدد من الحالات الحرجة من هذه المنطقة التي تشهد تدهوراً في الوضع الإنساني.

وكانت الأمم المتحدة أعلنت، في نهاية نوفمبر الماضي، عن لائحة من 500 شخص بحاجة ماسة للإجلاء من الغوطة الشرقية، معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق، إلا أن 16 شخصاً منهم على الأقل قضوا منذ ذلك الحين.

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، على حسابها على «تويتر»، أمس «قام متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري وفريق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بإجلاء حالات طبية عاجلة من الغوطة الشرقية إلى مستشفيات في دمشق».

وأوضح مدير العمليات في شعبة الهلال الأحمر في مدينة دوما، التي تمت منها أولى عمليات الإجلاء، أحمد الساعور، أنه «تم إخلاء أربع حالات، بينهم ثلاثة أطفال، ورجل بالغ»، مشيراً إلى أنهم جميعاً من ضمن لائحة الأمم المتحدة.

وبيّن الساعور أن المرضى هم طفلة تعاني مرض الناعور (خلل في عملية تخثر الدم)، وطفل يعاني متلازمة غيلان باريه (التهاب أعصاب حاد قد يؤدي إلى شلل تام)، وثالث مريض باللوكيميا، أما الرجل فيحتاج إلى زراعة كلية.

ولا يمكن أن تتم عمليات الإجلاء أو تدخل قوافل المساعدات إلى الغوطة الشرقية إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من السلطات السورية.

وخرج هؤلاء منتصف الليلة الماضية، بعد اتفاق توصلت إليه الأطراف المتنازعة لإجلاء 29 شخصاً في حالة حرجة على دفعات من الغوطة الشرقية.

وأعلن «جيش الإسلام»، الفصيل المعارض الأبرز في الغوطة الشرقية، في بيان، موافقته على «إخراج عدد من الأسر الموقوفين لدينا، إضافة إلى بعض العمال والموظفين، وذلك مقابل إحراج الحالات الإنسانية الأشد حرجاً».

وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية بشكل محكم منذ عام 2013، ما تسبب في نقص خطر في المواد الغذائية والأدوية في المنطقة، حيث يقطن نحو 400 ألف شخص.

وأعلنت الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، أن 16 شخصاً على الأقل من أصل 500 بحاجة ماسة إلى إجلاء، قضوا أثناء انتظار خروجهم من الغوطة الشرقية.

وقال رئيس مجموعة العمل الإنساني التابعة للأمم المتحدة في سورية، يان ايغلاند، إن «الرقم على اللائحة ينخفض، ليس لأننا نقوم بإخلاء الناس، بل لأنهم يموتون».

وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من بلوغ الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية «حداً حرجاً». وتعد الغوطة الشرقية واحدة من أربع مناطق خفض توتر في سورية، بموجب اتفاق توصلت إليه موسكو وطهران حليفتا دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة في أستانا في مايو الماضي، وبدأ سريانه في الغوطة في يوليو.

وصعّدت قوات النظام السوري، منتصف نوفمبر، قصفها الجوي والمدفعي على الغوطة الشرقية، ما تسبب بمقتل عشرات المدنيين وإصابة آخرين.

وتحول أخيراً الرضيع كريم عبدالله، الذي فقد عينه جراء قصف جوي، إلى رمز لمعاناة سكان الغوطة الشرقية، بعد انطلاق حملة تضامنية معه على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر خلالها كثيرون صورهم وهم يغطون أعينهم، في إشارة إلى إصابته.