أكراد سورية يعلنون «النفير العام» دفاعاً عن عفرين
أعلنت الإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية، أمس، حالة «النفير العام» دفاعاً عن عفرين، تزامناً مع اشتباكات عنيفة مستمرة في اليوم الرابع من عملية «غصن الزيتون»، التي تشنها تركيا وفصائل سورية معارضة على المنطقة، فيما واصلت تركيا قصف مواقع «وحدات حماية الشعب» الكردية، بينما حذرت واشنطن من أن المعارك قد تزعزع الاستقرار في منطقة كانت بمنأى نسبياً عن النزاع السوري، داعية إلى ضبط النفس.
المعارك تسببت في مقتل 38 عنصراً من الأكراد و43 من المعارضة السورية و24 مدنياً. |
وقالت الإدارة الذاتية الكردية في شمال سورية، في بيان صادر عن إقليم الجزيرة (محافظة الحسكة شمال شرق): «نعلن النفير العام، وندعو كل أبناء شعبنا الأبي إلى الدفاع عن عفرين وكرامتها».
وقال المستشار الإعلامي لـ«وحدات حماية الشعب الكردية» في عفرين ريزان حدو لـ«فرانس برس»، إن «إعلان النفير العام يعني دعوة كل الأكراد في سورية إلى حمل السلاح»، دفاعاً عن عفرين.
وبحسب حدو، يتضمن إعلان النفير العام «دعوة جميع الشباب الذين التحقوا سابقاً بخدمة الدفاع الذاتي إلى الالتحاق بمراكزهم، إضافة إلى جهوزية جميع مراكزنا لاستقبال كل من يرغب في الدفاع عن عفرين، وتوفير الأسلحة اللازمة لذلك».
وتعد أنقرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سورية وجناحه العسكري «وحدات حماية الشعب» الكردية، «منظمة ارهابية»، وتعتبره امتداداً لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمرداً ضدها على أراضيها منذ عقود.
ودعت «قوات سورية الديمقراطية»، التي تشكل الوحدات الكردية مكونها الأبرز، التحالف الدولي بقيادة واشنطن، أبرز داعميها في الحرب ضد تنظيم «داعش» إلى «الاضطلاع بمسؤولياته»، بعد الهجوم التركي على عفرين.
على الصعيد الميداني، تواصلت، أمس، المعارك عنيفة بين الطرفين على طول الحدود التركية مع منطقة عفرين، تزامناً مع قصف جوي ومدفعي تركي طال عدداً من القرى والبلدات في عفرين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان والوحدات الكردية.
وقال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، أمس، إن المعارك تركزت على الحدود التركية مع عفرين، تحديداً من جهتي الشمال والجنوب الغربي.
وأفاد بأن رقعة المواجهات العنيفة بين الطرفين أقل مما كانت عليه أول من أمس.
وسيطر الجيش التركي والفصائل التي يدعمها منذ بدء الهجوم على ثلاث قرى في منطقة عفرين، بحسب المرصد.
وتمكن المقاتلون الأكراد، الليلة قبل الماضية، من استعادة تلة برصايا المشرفة على إعزاز وكيليس من الناحية التركية، بعدما تمكنت القوات المهاجمة من السيطرة عليها لساعات، بحسب المرصد.
من جهته، دعا وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أمس، من جاكرتا، تركيا إلى «ضبط النفس» في هجومها.
وقال للصحافيين المرافقين له في جولته في آسيا «إننا نأخذ على محمل الجد مخاوف تركيا الأمنية المشروعة، لكن العنف في عفرين يحدث بلبلة في منطقة كانت حتى الآن مستقرة نسبياً من سورية».
وأضاف «إننا نطلب من تركيا التحلي بضبط النفس في عملياتها العسكرية، وكذلك في خطابها، والحرص على أن تكون عملياتها محدودة في الحجم والمدة».
وتسببت المعارك، منذ السبت، بمقتل 38 عنصراً من الوحدات الكردية خلال المعارك وجراء الغارات، مقابل 43 من مقاتلي الفصائل المعارضة المشاركة في الهجوم، وفق حصيلة جديدة للمرصد أمس، كما قتل 24 مدنياً جراء القصف منذ السبت.
وقتل أول جندي تركي أيضاً، أول من أمس، في المعارك، ودفن أمس في أنقرة، بحضور قادة أتراك، في مقدمهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقال أردوغان خلال مراسم التشييع «بإذن الله، سنخرج منتصرين من هذه العملية، معاً مع شعبنا والجيش السوري الحر». وتعهد أيضاً بطرد المقاتلين الأكراد من منبج، التي تقطنها أغلبية عربية. وتقع منبج إلى الشرق من عفرين، وهي جزء من منطقة أكبر بكثير في شمال سورية خاضعة لسيطرة قوات معظمها قوات كردية. وأي هجوم هناك قد يثير احتمال اندلاع صراع طويل بين تركيا وفصائل «الجيش السوري الحر» المتحالفة معها والمقاتلين الأكراد المدعومين من الولايات المتحدة.
ويترافق الهجوم العسكري مع عمليات توقيف في تركيا، طالت 42 شخصاً بتهمة نشر «الدعاية الإرهابية» على مواقع التواصل الاجتماعي ضد الهجوم التركي في سورية، وفق ما أفادت وكالة «أنباء الأناضول» الحكومية.
في السياق، نقلت قناة «خبر ترك» التلفزيونية، عن وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، قوله إن بلاده تسعى لتفادي أي اشتباك مع القوات السورية أو الروسية أو الأميركية خلال عمليتها في شمال سورية، ولكنها ستتخذ كل الخطوات اللازمة لضمان أمنها.
وأضاف «الإرهابيون في منبج يطلقون دوماً نيراناً استفزازية. إذا لم توقف الولايات المتحدة هذا فسنوقفه نحن». وأكد أن «هدفنا هو عدم الاشتباك مع الروس أو النظام السوري أو الولايات المتحدة، بل محاربة التنظيم الإرهابي».
وقال «يجب أن اتخذ أي خطوة لازمة. وإذا لم أفعل، سيكون مستقبل بلدنا في خطر. لا نخشى أحداً في هذا، ونحن مصممون، لن نعيش في خوف وتهديد».
وعبّرت دول عدة عن قلقها إزاء هذه العملية، التي تأتي فيما استؤنفت أعمال العنف في سورية في الأسابيع الماضية، مع القصف الذي نفذته القوات السورية على منطقة الغوطة الشرقية في شرق دمشق، وفي ادلب بشمال غرب البلاد.