انطلاق مفاوضات فيينا السورية على وقع معارك عفرين
انطلقت، أمس، المفاوضات السورية، التي تعقد في فيينا بدل جنيف، على وقع المعارك والضربات الدائرة في عفرين، في اليوم السادس لعملية «غصن الزينون»، التي أطلقتها تركيا ضد وحدات حماية الشعب الكردية في المدينة السورية المتاخمة للحدود التركية، وعلى وقع تلميحات من أنقرة بمواجهة مسلحة مع أميركا.
18 قتيلاً من قوات النظام فيهجوم لـ«داعش» بدير الزور. |
وقبيل انطلاق محادثات فيينا بين وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري ووفد المعارضة، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سورية، ستافان دي ميستورا، أنها تأتي وسط «مرحلة حرجة جداً». لكنه أضاف لمسة أمل، قائلاً: «بالطبع أنا متفائل، لأنه لا يسعني أن أكون غير ذلك في مثل هذه اللحظات»، مضيفاً «إنها مرحلة حرجة جداً جداً».
وتعليقاً على تصريح دي ميستورا، قال رئيس وفد المعارضة السورية، نصر الحريري، خلال مؤتمر صحافي عقده عشية بدء محادثات السلام «باعتقادي أن هذين اليومين سيكونان اختباراً حقيقياً لجدية كل الأطراف لإيجاد حل سياسي».
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، المنبثقة من المعارضة السورية، يحيى العريضي «فعلاً تمر المفاوضات بفترة حرجة، وأحد ملامح ذلك أن هذه الجولة تعقد ليومين ويومين حاسمين».
والمرحلة التي وصفها دي ميستورا بالحرجة لا تقتصر فقط على الوضع في عفرين، بل تشمل أيضاً المعارك الطاحنة في إدلب، والتقارير العديدة التي أشارت إلى تنفيذ النظام السوري وحليفه الروسي ضربات «كيماوية» في الغوطة الشرقية لدمشق، ما نفته موسكو، مؤكدة أنه عارٍ عن الصحة.
وكان وزير الخارجية الفرنسي، جان ايف لودريان، صرّح الأربعاء، بأن هذه المحادثات ستشكل «الفرصة الأخيرة» لإيجاد حل سياسي للنزاع الذي تشهده سورية منذ 2011.
وتتزامن محادثات فيينا مع عمليات عسكرية واسعة في عدد من المناطق في سورية، حيث تشن تركيا من جهة هجوماً على مدينة عفرين التي يسيطر عليها الأكراد، بينما تشن القوات الحكومية هجوماً في محافظة إدلب (شمال غرب) والغوطة الشرقية المتاخمة للعاصمة. ولمّح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى أن المرحلة التالية للعملية العسكرية في عفرين ستكون منبج، في خطوة ربما تضع القوات التركية في مواجهة مع الولايات المتحدة، العضو أيضاً في حلف شمال الأطلسي.
واستعدت دبابات وجنود أتراك لدخول سورية، أمس، وهو اليوم السادس من عملية «غصن الزيتون» التي تخوضها تركيا براً وجواً في منطقة عفرين.
ووجه رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، انتقادات لاذعة للولايات المتحدة، على خلفية العملية العسكرية التي تقوم بها تركيا في عفرين.
وقال يلدريم في العاصمة أنقرة: «إن دولة نعتبرها شريكاً لنا، وتعاونا معها في المنطقة سنوات في حلف شمال الأطلسي (ناتو) تتشبث الآن بمنظمات إرهابية». ورأى يلدريم أن هذا «وضع مؤلم وكارثي جداً»، و«مهين جداً لأميركا».
ونقلت وسائل إعلام تركية عن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، القول إن الولايات المتحدة بحاجة إلى اتخاذ خطوات جادة لاستعادة ثقة تركيا، قبل الدخول في مشاورات معها بشأن إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومتراً في شمال سورية. وقال: «هناك حالة من فقدان الثقة بالولايات المتحدة خلال هذه المرحلة. وحتى بناء الثقة مرة أخرى، لن يكون من الصواب مناقشة هذه الأمور».
من جانبه، قال نائب رئيس وزراء تركيا، بكر بوزداغ، أمس، إنه يتعين على الولايات المتحدة أن «تكف عن دعم الإرهابيين»، إذا أرادت تجنب مواجهة محتملة مع تركيا في سورية.
وأضاف بوزداغ، في مقابلة مع محطة تلفزيون «خبر»: «الذين يساندون المنظمة الإرهابية سيصبحون هدفاً في هذه المعركة»، في إشارة إلى الدعم الأميركي لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية، الذين تحاربهم تركيا في منطقة عفرين. ونقلت «رويترز» عن نائب رئيس وزراء تركيا قوله: «الولايات المتحدة بحاجة إلى مراجعة جنودها وعناصرها الذين يدعمون الإرهابيين على الأرض بطريقة ما، لتجنب مواجهة مع تركيا».
في المقابل، قال مستشار الأمن الداخلي الأميركي، توم بوسيرت، أمس، إن الولايات المتحدة تفضّل أن تخرج القوات التركية من النزاع في بلدة عفرين، وناشد الرئيس التركي التركيز على «الأهداف الاستراتيجية بعيدة المدى» في سورية سلمية. وأضاف بوسيرت، متحدثاً في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس السويسرية «يجب أن تضع تركيا في اعتبارها احتمالية التصعيد أثناء تحركها نحو سورية وعفرين».
من جهة أخرى، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 18 عنصراً من قوات النظام السوري، أمس، في هجوم عنيف لتنظيم «داعش» بين منطقتي الميادين الصالحية بمحافظة دير الزور.