روسيا: مؤتمر سوتشي سيكون مهماً.. لكنه لن يسفر عن حلّ سياسي حاسم
تركيا تتجاهل الانتقادات وتعتزم تــوسيع العمليات العسكرية في سورية حتى حدود العراق
تجاهلت تركيا، أمس، النداءات المتكرّرة التي دعتها إلى ضبط النفس، وأعلنت عزمها على توسيع تدخلها العسكري في شمال سورية، ضد وحدات حماية الشعب الكردية، فيما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن خمسة أفراد من عائلة واحدة، بينهم طفلان، لقوا حتفهم بغارة جوية تركية، شمال غرب سورية. وتزامن ذلك مع استئناف أعمال اليوم الثاني والأخير من محادثات السلام السورية في فيينا، برعاية الأمم المتحدة، في حين أعلن الكرملين، أن مؤتمر السلام السوري، الذي يعقد الأسبوع المقبل في سوتشي، سيكون مهماً، لكنه لن يسفر عن حلّ سياسي حاسم.
وفي اليوم السابع من العملية، التي تخاض تحت مسمى «غصن الزيتون»، وتثير بشكل خاص قلق الولايات المتحدة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عزمه على إرسال قواته إلى مدينة منبج السورية، حيث تتمركز قوات أميركية، وبعدها شرقاً، حتى الحدود العراقية.
ويستهدف الهجوم التركي في الوقت الحاضر منطقة عفرين في شمال غرب سورية، التي تعتبر معقلاً لوحدات حماية الشعب الكردية. وفي حين تعتبر أنقرة هذه القوات الكردية «إرهابية»، فإنها في الوقت نفسه حليفة أساسية للولايات المتحدة في الحرب على تنظيم «داعش» في سورية.
وتحاول فصائل موالية لتركيا، منذ السبت الماضي، خرق خطوط الأكراد في منطقة عفرين، مدعومة بالطيران والمدفعية التركيين. وأمام هذا الواقع الصعب دعت منطقة الإدارة الذاتية في عفرين، النظام السوري إلى التدخل لوقف الهجوم التركي.
ومن المتوقع أن تسهم تصريحات أردوغان الجديدة في صبّ الزيت على النار، خصوصاً أنه وعد بـ«تطهير» منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وتقع على بعد نحو 100 كيلومتر شرق عفرين، وتتمركز فيها مئات العناصر من الجيش الأميركي.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة، إنه بعد السيطرة على عفرين «سنطهر منبج من الإرهابيين.. بعدها نواصل كفاحنا حتى لا يبقى إرهابي حتى الحدود العراقية».
وعلّق المحلل أنطوني سكينر، من مكتب الاستشارات حول مناطق النزاع «فرسيك مابلكروفت»، على هذه التطورات الميدانية، معتبراً أنه بعد تهديدات أردوغان بالتقدم إلى منبج «فإن المواجهة العسكرية المباشرة بين الجيش التركي والقوات الأميركية أصبحت ممكنة»، معتبراً أن العلاقة بين الطرفين «باتت على شفير الهاوية».
وأضاف أردوغان في كلمته، الجمعة الماضي، «البعض يطالبنا بإلحاح بأن نعمل على أن تكون هذه العملية قصيرة الأمد.. اسمعوا إنها لاتزال في يومها السابع. كم من الوقت استمرت العملية في أفغانستان؟ كم من الوقت استمرت العملية في العراق؟».
ميدانياً، وفي اليوم السابع للهجوم واصلت المدفعية التركية المنشورة على الحدود مع سورية، قصفها على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة عفرين، حسب ما نقلت وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المواجهات أوقعت منذ السبت الماضي، 110 قتلى في صفوف المقاتلين العرب السوريين الموالين لتركيا، وصفوف وحدات حماية الشعب الكردية، إضافة إلى مقتل 38 مدنياً، معظمهم بقصف تركي.
وأمام الهجوم التركي الواسع، دعا الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية في مقاطعة عفرين، عثمان الشيخ عيسى، النظام السوري إلى التدخل لمنع الطائرات التركية من قصف المنطقة.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، أن خمسة من أفراد عائلة واحدة، من بينهم طفلان، لقوا حتفهم بغارة جوية تركية، على عفرين. وذكرت وسائل إعلام كردية أن الغارة الجوية التي وقعت صباح أمس، أسفرت عن سبعة قتلى.
من جهتها، وقالت وكالة الأمم المتحدة للطفولة والأمومة (يونيسيف)، إنها تلقت تقارير مفزعة حول مقتل ما لا يقل عن 11 طفلاً، وإصابة عدد أكبر بكثير من الأطفال، نتيجة أعمال العنف المستمرة في منطقة عفرين.
وأشارت المنظمة الدولية في بيان، إلى أن التقارير تتحدث أن الناس الذين يحاولون الفرار من المنطقة بحثاً عن الأمان، يُمنعون من مغادرة عفرين. وبحسب «اليونيسيف»، فإن شدة القتال دفعت العائلات إلى لزوم أقبية المباني التي تقيم فيها.
من جانبها، أعلنت قوات سورية الديمقراطية (قسد)، أمس، حصيلة العملية العسكرية التي بدأها الجيش التركي والجيش الحر على منطقة عفرين.
وقالت قوات سورية الديمقراطية، في بيان، إن عدد القتلى في صفوفها «بلغ 43 عنصراً، بينهم ثماني مقاتلات من وحدات حماية المرأة، وبلغ عدد الضحايا من المدنيين 59، إلى جانب 134 جريحاً، قالت إنهم سقطوا جراء القصف الجوي من قبل الطيران الحربي التركي على مدن وقرى المنطقة».
وأضاف بيان «قسد» إلى سقوط نحو 700 قذيفة مدفعية وهاون، استهدفت المنطقة في الأيام الستة الماضية، إضافة إلى 191 طلعة جوية من الطيران الحربي، الذي رافقه طائرات مروحية.
وأضاف بيان «قسد» «حصيلة القتلى من الجيشين التركي والسوري الحر، بلغت 308 عناصر، من مختلف القوى المهاجمة، بينهم أربعة ضباط وقائد لواء سمرقند، التابع للجيش الحر، أحمد فايز».
وفي جنيف، استؤنفت، صباح أمس، أعمال اليوم الثاني والأخير من محادثات السلام في سورية برعاية الأمم المتحدة، بلقاء عقده المبعوث الدولي إلى سورية ستافان دي ميستورا، مع وفد هيئة التفاوض السورية المعارضة، الذي يترأسه نصر الحريري.
ومن المتوقع أن تحسم هيئة التفاوض المعارضة موقفها النهائي من المشاركة في مؤتمر السلام، الذي يعقد في منتجع سوتشي البحري الروسي في 30 يناير الجاري، بمبادرة من روسيا وإيران، حليفتي النظام السوري، وتركيا التي تدعم المعارضة.
وحول ما إذا كانت المعارضة ستشارك في مؤتمر سوتشي، قال العريضي لدى دخوله الاجتماع «آمل أن نخبركم بذلك».
وقد ربطت هيئة التفاوض المعارضة مشاركتها في مؤتمر سوتشي، الذي تخشى أن يكون التفافاً على مسار جنيف برعاية الأمم المتحدة، بنتائج المحادثات التي ستجري في فيينا.
ولفت العريضي إلى وجود «جهود دولية واضحة المعالم» لإيحاد حل سياسي للنزاع السوري، مشيراً إلى «جهود روسية تتمثل في محاولة عقد مؤتمر في سوتشي، ومحاولة الدول الخمس إيجاد مخطط عملي ورؤية عملية لتطبيق القرار الدولي»، معتبراً أن «كل هذه الجهود تدل على أن هناك شيئاً من الجدية في تطبيق القرارات الدولية».
من جهته، أعلن الكرملين، أمس، أن مؤتمر سوتشي سيكون مهماً، لكنه لن يسفر عن حل سياسي حاسم. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا يعتزم في الوقت الراهن حضور هذا المؤتمر. وكانت وزارة الخارجية الروسية أعلنت توجيه دعوات إلى نحو 1600 سوري، لحضور مؤتمر «الحوار الوطني السوري» المزمع عقده في سوتشي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news