القوات التركية تسيطر على جبل برصايا الذي يفصل بين مدينتي عفرين وإعزاز في شمال سورية. أ.ب

25 قتيلاً من عائلة واحدة بقصـف تركي على عفرين.. وواشنطن ترفض الانسحاب من منبج

قتل 25 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم أطفال، جراء غارات جوية تركية على منطقة عفرين، التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمال غرب سورية، مع تكثيف الضربات الجوية التركية، في هجوم أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصميمه على مواصلته. في حين ينطلق اليوم مؤتمر الحوار السوري في منتجع سوتشي الروسي، من دون آمال كبيرة بالوصول إلى حل للأزمة، في ظل غياب أبرز اطراف المعارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد والأكراد.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن لـ«فرانس برس»، أمس، إن الغارات الجوية تصاعدت في عفرين مع استمرار القصف المدفعي التركي.

وأضاف «هناك غارات جوية مكثفة على الأطراف الشمالية والغربية لمنطقة عفرين، حيث تدور معارك عنيفة بين القوات التركية والفصائل الموالية لها من جهة، والأكراد من جهة أخرى».

وتمكنت القوات المهاجمة، منذ بدء عمليتها العسكرية، من السيطرة على ثماني قرى حدودية، بحسب المرصد.

وقال مصدر طبي إن 25 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم أطفال، لقوا حتفهم جراء غارات جوية تركية على منطقة عفرين، التي يسيطر عليها المسلحون الأكراد شمال غرب سورية.

وأكد أن أكبر مستشفى في عفرين استقبل 25 جثة من عائلة واحدة.

في غضون ذلك، أفادت رئاسة الأركان التركية في بيان، أمس، نقلته وكالة أنباء «الأناضول» الرسمية التركية، أن المقاتلات التركية دمّرت، خلال غاراتها الليلة قبل الماضية 44 هدفاً عسكرياً، شملت أوكاراً ومخابئ ومستودعات ذخيرة، ومرابض أسلحة تابعة للمسلحين الأكراد ومسلحي (داعش) في عفرين».

وقالت إنه تم «تحييد 40 إرهابياً وفق المعلومات الواردة من المنطقة، ليرتفع بذلك إجمالي الإرهابيين الذين تم تحييدهم منذ انطلاق العملية، بالتعاون مع الجيش السوري الحر إلى 597 إرهابياً».

وتعتبر تركيا المسلحين الأكراد في سورية فرعاً لمنظمة «حزب العمال الكردستاني»، التي توجد في مناطق بجنوب شرق تركيا، وتصنفها أنقرة على أنها منظمة إرهابية انفصالية.

وعلى الرغم من التوتر بين تركيا والولايات المتحدة، الحليفين في حلف شمال الأطلسي، أبدى الرئيس التركي تصميمه على توسيع الهجوم نحو الشرق، خصوصاً مدينة منبج الخاضعة لسيطرة الأكراد، وحيث تنشر واشنطن قوات.

وقال أردوغان «الإرهابيون لن يفلتوا من النهاية المؤلمة التي تنتظرهم، لا في عفرين ولا في منبج»، مضيفاً أنه «سيتم تطهير الحدود» السورية.

وكانت أنقرة طالبت الولايات المتحدة بسحب قواتها العسكرية من منبج، متجاهلة الدعوات الأميركية إلى «ضبط النفس».

وفي مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أخذ وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو على الولايات المتحدة «تسليحها منظمة إرهابية تهاجم تركيا»، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية.

من جهتها، نقلت محطة «سي.إن.إن» الإخبارية عن قائد القيادة المركزية الأميركية، الجنرال جوزيف فوتيل، قوله إن الولايات المتحدة لا تخطط لسحب قواتها المتمركزة قرب مدينة منبج، على الرغم من تحذيرات من تركيا لنقلهم فوراً.

ونقل الموقع الإلكتروني للمحطة عن فوتيل قوله، أثناء رحلة للشرق الأوسط، إن سحب القوات الأميركية من منبج «ليس أمراً نفكر فيه».

وتنشر الولايات المتحدة قوات قوامها نحو 2000 جندي في شمال سورية، لدعم «قوات سورية الديمقراطي»، التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية غالبيتها.

وعبّرت دول عدة، بينها ألمانيا وفرنسا، وكذلك الاتحاد الأوروبي، عن قلقهم إزاء التدخل التركي الذي يعقد بشكل إضافي الوضع في سورية.

من ناحية أخرى، يبدأ اليوم مؤتمر الحوار السوري في منتجع سوتشي البحري في روسيا، لكن رفض هيئة التفاوض السورية، التي تمثل أبرز مجموعات المعارضة، وكذلك الأكراد، المشاركة في المؤتمر بدد الآمال بحصول تقدم ملموس. وهذا يؤكد كما يبدو بعد أيام على فشل محادثات فيينا التي جرت تحت إشراف الأمم المتحدة، المأزق الذي وصلت إليه التسوية السياسية للنزاع السوري.

وأقر الناطق باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أمس، بأن هذا الرفض «يدل على أن إحراز تقدم فوري غير مرجح كثيراً بخصوص التسوية السياسية في سورية».

وقال «وحده العمل بصبر وبشكل تدريجي وبدقة يمكن أن يؤدي إلى إحراز تقدم»، مضيفاً أنه «في هذا الاتجاه، سيشكل مؤتمر سوتشي خطوة مهمة جداً وجوهرية في هذا الاتجاه».

ويهدف مؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي تنظمه موسكو، الحليفة السياسية والعسكري للرئيس السوري، إلى جمع ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية لتحديد دستور جديد للبلاد، وهو موضوع كان محور المحادثات غير المثمرة التي جرت الخميس والجمعة الماضيين في فيينا.

وبعد فشل مفاوضات فيينا، أعلن كبير مفاوضي هيئة التفاوض السوري، نصر الحريري، عدم مشاركة أي ممثل للمعارضة في مؤتمر سوتشي.

وقال «النظام يراهن على حل عسكري، ولا يبدي رغبة في خوض مفاوضات سياسية جدية».

وأعلن الأكراد أيضاً أنهم لن يتوجهوا إلى سوتشي، متهمين روسيا وتركيا، الضامنين لاجتماع سوتشي، بـ«الاتفاق على عفرين» التي تتعرض لهجوم تركي منذ أكثر من أسبوع، كما رفضت أكثر من 40 من فصائل المعارضة السورية الدعوة الروسية.

بدوره، اعتبر وزير الخارجية الفرنسية، جان ايف لودريان، الذي يزور طوكيو، أن اجتماع «سوتشي لن (يسمح) أيضاً بإحراز تقدم، بما أنه منذ البداية سيغيب مكون رئيس، في إشارة إلى المعارضة، نتيجة رفض النظام التفاوض في فيينا». وفي باريس، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن بلاده لن تشارك في هذا الاجتماع.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريس، أنه سيوفد إلى سوتشي مبعوثه إلى سورية ستافان دي ميستورا. وأفاد الناطق باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن الأمين العام «واثق بأن المؤتمر في سوتشي سيسهم بشكل أساسي» في إحياء محادثات السلام التي تعقد برعاية أممية في جنيف.

الأكثر مشاركة