الهدنة الروسية تنهي يومها الثالث في الغوطة الشرقية من دون إجلاء مدنيين
أتمت الهدنة الإنسانية التي أعلنتها روسيا في الغوطة الشرقية المحاصرة يومها الثالث، أمس، من دون أن يسجل خلالها خروج مدنيين عبر المعبر المحدد لذلك شمال شرق دمشق، وفيما قالت الأمم المتحدة إن خطة روسيا لتطبيق الهدنة في الغوطة، تحتاج إلى تحديث للسماح بتوصيل المساعدات وتنفيذ عمليات الإجلاء، أعلن مبعوثها الخاص لسورية، دي ميستورا، أن الأمم المتحدة لن تفقد الأمل في المطالبة بتطبيق كامل لوقف إطلاق النار.
وتفصيلاً، لم يسجل خروج أي مدنيين خلال ثلاثة أيام من الهدنة اليومية التي أعلنتها، والتي بدأ تطبيقها الثلاثاء بفتح «ممر إنساني» عند معبر الوافدين الواقع شمال شرق مدينة دوما، لخروج المدنيين. وشاهدت مراسلة «فرانس برس» عند المعبر ضباطاً وجنوداً روسيين موجودين مع عناصر الجيش السوري. وحضر متطوعو الهلال الأحمر العربي السوري مع سيارتي إسعاف.
وبدا معبر الوافدين خالياً تماماً من أي حركة للمدنيين، في وقت لم يُسمع دوي قذائف أو قصف من المنطقة المحاصرة في الغوطة. وتتهم سلطات النظام السوري وموسكو الفصائل المعارضة بمنع المدنيين من المغادرة.
وأكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، عدم خروج مدنيين عبر المعبر منذ بدء تطبيق الهدنة الروسية الثلاثاء، باستثناء مواطنين باكستانيين خرجا الأربعاء بموجب مفاوضات منفصلة تولتها السفارة الباكستانية في دمشق.
ونقلت وكالة الأنباء الروسية (إنترفاكس) عن اللواء في الجيش الروسي، فلاديمير زولوتوكين، أمس «وفقاً للمعلومات المتوافرة لدينا، فإن عدد النداءات التي وجهها سكان الغوطة الشرقية إلى العاملين في مجال حقوق الإنسان لتقديم المساعدة والعون لإجلائهم من مناطق سيطرة المقاتلين ازدادت بشكل مطرد خلال الـ24 ساعة الماضية».
وكان مصدر عسكري سوري قال لـ«فرانس برس» إن «الهدنة لثلاثة أيام قابلة للتمديد في حال خروج المدنيين، ولكن إن لم تكن هناك نتائج كيف يمكننا الاستمرار؟»، ولم يصدر أي تعليق رسمي روسي أو سوري بهذا الصدد.
وقبل دخول الهدنة حيز التنفيذ، صباح أمس، قتل سبعة مدنيين على الأقل جراء غارات شنتها قوات النظام، واستهدفت مناطق عدة، بينها دوما وكفربطنا وفق المرصد.
وبحسب المرصد «بعد سريان الهدنة، شهدت بلدات الغوطة الشرقية هدوءاً نسبياً مع توقف الغارات»، تزامناً مع استمرار معارك عنيفة بين قوات النظام وفصيل «جيش الإسلام»، أبرز فصائل الغوطة الشرقية في منطقة المرج.
وتمكنت قوات النظام السوري، بحسب المرصد، من السيطرة على بلدة حوش الظواهرة وكتيبة للدفاع الجوي في منطقة المرج، في وقت تدور معارك عنيفة في محيط بلدة الشيفونية.
وتستهدف البلدة، وفق عبدالرحمن، منذ أيام بغارات كثيفة وقصف بالبراميل المتفجرة والمدفعية، تسبب بدمار معظم أحياء المدينة. وروى سراج محمود، المتحدث باسم الدفاع المدني في ريف دمشق الموجود داخل الغوطة الشرقية لـ«فرانس برس» أن فرق الإنقاذ لم تتمكن من دخول البلدة إلا بعد يومين من ورود معلومات عن قصف صاروخي، طال أحد الأقبية التي احتمى داخلها سكان. وقال «تقصف البلدة بشكل جنوني، ولا توجد فيها أي مقومات للحياة. باتت مدمرة بالكامل، ومن بقي فيها لايزال تحت الأنقاض». وأوضح أن «كل ما يتحرك يكون مستهدفاً بشكل دائم.. وللأسف تواجه كوادر الدفاع المدني صعوبات كبيرة في انتشال جثث الشهداء من كل المناطق التي يتم استهدافها».
وعلى الرغم من استمرار الغارات، إلا أن وتيرة القصف، وكذلك حصيلة القتلى اليومية، انخفضت بشكل ملحوظ منذ بدء تطبيق الهدنة التي أعلنتها موسكو بعد يومين من تبني مجلس الأمن بالإجماع قراراً يطلب وقفاً لإطلاق النار «من دون تأخير» في أنحاء سورية لمدة 30 يوماً.
وأعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارك لوكوك، خلال جلسة لمجلس الأمن، الأربعاء، أن نحو 40 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية جاهزة للتوجه إلى الغوطة الشرقية قرب دمشق، مؤكداً استعداد الأمم المتحدة للتوجه إلى 10 مناطق محاصرة. وقال أن لا شيء تغير منذ تبني قرار وقف إطلاق النار في سورية، متوجهاً للحاضرين بالسؤال: «متى يبدأ تطبيق قراركم؟».
واتهمت ممثلة الولايات المتحدة، كيلي كوري، النظام السوري بانتهاك الهدنة، في حين اتهم السفير الروسي، فاسيلي نيبينزيا، الفصائل المعارضة بذلك. ووصفت كيلي الهدنة التي أقرتها روسيا في سورية بالسخرية، معتبرة أنها تحدٍّ صارخ لدعوة مجلس الأمن بالتهدئة في سورية. وقالت كيري: «منذ أن اتخذنا القرار 2401، أعلنت روسيا هدنة يومية مدتها خمس ساعات، وكانت تلك هي السخرية بعينها، حيث تحدت الدعوة بشكل صارخ مطالبة قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً على الأقل»، مؤكدة أنه «لا يمكن لروسيا أن تعيد كتابة بنود القرار الذي تفاوضوا وجلسوا هنا وصوتوا لمصلحته من جانب واحد».
وقال مسؤولان بالأمم المتحدة للصحافيين، أمس، إن خطة روسيا لتطبيق هدنة لمدة خمس ساعات يومياً في الغوطة الشرقية تحتاج إلى تحديث للسماح بتوصيل المساعدات، وتنفيذ عمليات الإجلاء الطبي، التي ينبغي ألا ترتبط بصفقات تبادل أسرى.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا، أن الأمم المتحدة لن تفقد الأمل في المطالبة بتطبيق كامل لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، كما نص قرار لمجلس الأمن الدولي.
وقد ذكر مستشار المبعوث للشؤون الإنسانية، يان إيغلاند، أن دبلوماسيين من 23 دولة يحضرون اجتماعاً إنسانياً، أمس، تلقوا رسالة قوية مفادها «أنتم تتقاعسون عن مساعدتنا لمساعدة المدنيين في سورية».