قوات النظام السوري تدخل حرستا بعد خروج المسلحين
دخلت قوات النظام السوري، أمس، مدينة حرستا في الغوطة الشرقية قرب العاصمة دمشق بعد خروج مسلحي المعارضة منها، لتوسع بهذا سيطرة الحكومة في الجيب المعارض سابقاً. في وقت خرج أكثر من 105 آلاف مدني من الغوطة الشرقية قرب دمشق عبر «الممرات الآمنة» التي حددتها قوات النظام مع تقدمها ميدانياً داخل المنطقة.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن القوات السورية دخلت أمس مدينة حرستا.
وأضافت أن «وحدات من الجيش العربي السوري بدأت بإزالة السواتر وفتح الشوارع في مدينة حرستا، تمهيداً لدخول عناصر الهندسة وتمشيطها وتطهيرها من مخلفات الإرهابيين».
وجرى أول من أمس إعلان حرستا مدينة «خالية من أي وجود إرهابي» بعد خروج الدفعة الثانية من مسلحي «أحرار الشام» وعائلاتهم الرافضين للمصالحة إلى محافظة إدلب، بحسب «سانا».
وكان 1580 شخصاً بينهم 619 رجلاً و413 مسلحاً من «حركة أحرار الشام» غادروا حرستا، وبذلك يصبح عدد الذين غادروا المدينة إلى الشمال السوري 4580 بينهم 1463 مسلحاً.
في السياق، خرج أكثر من 105 آلاف مدني من الغوطة الشرقية قرب دمشق عبر «الممرات الآمنة»، وفق ما أفاد الإعلام السوري الرسمي.
وأوردت «سانا» نقلاً عن مصدر عسكري أن «أكثر من 105 آلاف مدني من المحتجزين لدى التنظيمات الإرهابية خرجوا من الغوطة الشرقية حتى الآن»، في وقت ذكر التلفزيون أنهم خرجوا عبر «الممرات الآمنة».
كما نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها إن أكثر من 105 آلاف شخص غادروا الغوطة الشرقية منذ أن بدأت القوات الحكومية هجوماً قبل شهر لانتزاع السيطرة على المنطقة، وإن 700 آخرين خرجوا أمس.
وأشارت الوكالة إلى عمليات إجلاء خلال «الهدنات الإنسانية».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الحليف الرئيس للرئيس السوري بشار الأسد، أمر بوقف إطلاق النار لمدة خمس ساعات يومياً وفتح «ممر إنساني» للسماح للمدنيين بالخروج من الغوطة الشرقية.
وتتعرض الغوطة الشرقية منذ 18 فبراير لحملة عسكرية عنيفة، تمكنت خلالها القوات الحكومية من تضييق الخناق بشدة تدريجياً على الفصائل المعارضة وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاث جيوب منفصلة. وباتت تسيطر حالياً على أكثر من 90% من مساحة الغوطة الشرقية.
ومع تقدمها ميدانياً في الغوطة الشرقية، خرج الآلاف من المواطنين تباعاً من المناطق التي تقدمت إليها القوات الحكومية، وتم نقلهم إلى مراكز إقامة مؤقتة في ريف دمشق.
ومع التصعيد العسكري، تم الإعلان عن اتفاقين لإجلاء مقاتلي الفصائل والمدنيين بموجب مفاوضات مع روسيا، تم تنفيذ الأول في مدينة حرستا.
كما بدأت مساء أمس، عملية خروج آلاف المقاتلين والمدنيين على دفعات من جنوب الغوطة الشرقية، بناء على اتفاق بين فصيل «فيلق الرحمن» وروسيا، في خطوة من شأنها أن تعزز سيطرة قوات النظام على المنطقة بشكل شبه كامل.
وبخروجها من الغوطة الشرقية، ستتعرض الفصائل المعارضة لضربة موجعة مع خسارتها أحد آخر أبرز معاقلها قرب دمشق، بعدما كانت قد احتفظت بوجودها فيها منذ عام 2012.
وللمرة الأولى منذ أسابيع، شهدت شوارع مدينة عربين، أمس، حركة كثيفة لمدنيين ومقاتلين، في مشهد لم تألفه خلال الأسابيع الأخيرة مع تكثيف قوات النظام عملياتها على المنطقة، وفق ما أفاد مراسل «فرانس برس» في المدينة.
وأمام مبنى مدمر بشكل شبه كامل في عربين، شوهد العشرات من السكان، وبينهم مقاتلون، وهم ينتظرون وبقربهم دراجات نارية. كما خرجت نسوة مع أطفالهن الى الشوارع.
وبادر كثيرون من السكان إلى ترتيب حاجاتهم وأغراضهم تمهيداً لإجلائهم، تزامناً مع نقل سيارات إسعاف لعدد من الجرحى من مدنيين وعسكريين الى نقطة تجمع محددة في مدينة زملكا.
وأعلن التلفزيون السوري الرسمي التوصل الى اتفاق يقضي «بنقل نحو 7000 شخص من المسلحين وعائلاتهم من زملكا وعربين وعين ترما»، فضلاً عن أجزاء من حي جوبر الدمشقي المحاذي لها.
وتم التوصل الى هذا الاتفاق إثر «مفاوضات مباشرة مع الروس»، وفق ما أعلن «فيلق الرحمن» الذي يسيطر على هذه البلدات، ولـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) التي لها تواجد محدود فيها.
وكان من المقرر أن يبدأ تنفيذ الاتفاق صباح أمس، لكن التلفزيون السوري أشار في شريط عاجل الى «استكمال الأمور اللوجستية لخروج المسلحين» مشيراً إلى ممر جديد تم فتحه من جهة حرستا لإخراجهم عبره.
وطوال فترة سيطرتها على الغوطة الشرقية، احتفظت الفصائل المعارضة بقدرتها على تهديد أمن دمشق من خلال إطلاق القذائف التي تسببت، أمس، بمقتل طفل وإصابة سبعة آخرين بجروح في قاعة رياضية في حي المزرعة، وفق ما أوردت وكالة «سانا».
وبعد إجلاء مقاتلي مدينة حرستا في اليومين الماضيين، لايزال مصير مدينة دوما، كبرى مدن المنطقة ومعقل «جيش الإسلام»، غير معروف مع استمرار المفاوضات بشأنها مع الجانب الروسي.
ورجح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، أن تؤدي المفاوضات إلى اتفاق يقضي بتحويلها الى منطقة «مصالحة» على أن تعود إليها مؤسسات الدولة مع بقاء مقاتلي «جيش الإسلام» من دون دخول قوات النظام.
وتتواصل منذ أيام عدة حركة نزوح جماعي من مدينة دوما عبر معبر الوافدين شمالاً، أحد المعابر الثلاثة التي حددتها القوات الحكومية للراغبين في الخروج من مناطق سيطرة المعارضة.
ويرجح المرصد السوري بقاء أكثر من 30 ألفاً من سكان الغوطة الشرقية في منازلهم في بلدات في جنوب الغوطة سيطر عليها الجيش.