دمشق وموسكو تهددان بهـجوم على دومــا ما لم ينســحـب مقــاتـلـو المعارضة
هددت دمشق وحليفتها موسكو بشن عملية عسكرية ضد مدينة دوما، آخر جيوب الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، ما لم يوافق فصيل «جيش الإسلام» على الخروج منها، مع استمرار مشهد الإجلاء في الغوطة الشرقية منذ أيام، حيث غادرت أمس، قافلة تضم مقاتلين ومدنيين باتجاه شمال البلاد.
وقالت مصادر مقربة من النظام السوري وأخرى معارضة، إن دمشق وموسكو هددتا بشن عملية عسكرية ضد مدينة دوما، ما لم يوافق «جيش الإسلام» على الخروج منها.
وأفادت صحيفة «الوطن»، المقربة من الحكومة السورية، عن استعدادات للجيش السوري بدء عملية «ضخمة» ضد دوما معقل فصيل «جيش الإسلام».
وأوردت الصحيفة على حسابها على «تلغرام»، أمس، نقلاً عن مصدر عسكري «توجه جميع القوات العاملة في الغوطة الشرقية استعداداً لبدء عملية عسكرية ضخمة في دوما، ما لم يوافق إرهابيو جيش الإسلام على تسليم المدينة ومغادرتها».
وتجري منذ أيام مفاوضات مباشرة حول مصير مدينة دوما بين روسيا و«جيش الإسلام»، الذي طالما كان الأكثر نفوذاً في الغوطة الشرقية. وكانت تتركز على إيجاد صيغة تحول دون القيام بعملية إجلاء منها، كما حصل في الجيبين الآخرين في الغوطة الشرقية.
وقال مصدر معارض مطلع على المفاوضات في دوما لـ«فرانس برس»، إنه «في آخر اجتماع لهم الاثنين (أول من أمس)، خيّر الروس جيش الإسلام بين الاستسلام أو الهجوم»، وجرى منح الفصيل المعارض مهلة أيام قليلة للرد.
وقال مصدر ثانٍ معارض «لا يريد الروس اتفاقاً مختلفاً في دوما عن (الاتفاقات التي تم التوصل إليها في) سائر مناطق الغوطة»، مشيراً إلى أن «جيش الإسلام في المقابل يريد البقاء» عبر تحوله إلى «قوة محلية». وألا يتهجر أحد من أهل البلد.
وبعد خمسة أسابيع على هجوم عنيف بدأته قوات النظام وقسمت خلاله الغوطة الشرقية إلى ثلاث جيوب منفصلة بينها دوما، توصلت روسيا تباعاً مع فصيلي «حركة أحرار الشام» في مدينة حرستا ثم «فيلق الرحمن» في جنوب الغوطة الشرقية، إلى اتفاقين تم بموجبهما إجلاء آلاف المقاتلين والمدنيين إلى محافظة إدلب (شمال غرب).
وقال المتحدث العسكري باسم «جيش الإسلام» حمزة بيرقدار لـ«فرانس برس»، «هناك مساعٍ من قبل النظام والروس لتطبيق سياسة التغيير الديموغرافي في دوما استكمالاً لمشروعهم في الأوسط» في إشارة إلى إجلاء البلدات الجنوبية.
وأضاف «قرارنا قدمناه وهو البقاء»، موضحاً أن «الروس قالوا إنه سيُعقد اجتماع غداً (اليوم)» مع اللجنة المعنية بالمفاوضات.
من جهته، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، أن قوات النظام تنتشر في محيط دوما «من أجل الضغط على مفاوضي جيش الإسلام»، مشيراً إلى أن «الأكثر تشدداً» في الفصيل المعارض يريدون «القتال حتى النهاية».
وكانت المفاوضات تتركز أساساً على تحويل دوما إلى منطقة «مصالحة» يبقى فيها «جيش الإسلام» وتعود إليها مؤسسات الدولة من دون دخول قوات النظام، ويتم الاكتفاء بنشر شرطة عسكرية روسية.
وشهدت دوما خلال الأسبوع الأخير هدوءاً بالتزامن مع المفاوضات واستمرار نزوح آلاف المدنيين منها.
ومنذ السبت الماضي، جرى إجلاء أكثر من 17 ألفاً من المقاتلين والمدنيين من الغوطة الشرقية إلى إدلب، ولاتزال العملية مستمرة من البلدات الجنوبية، فيما أعلنت دمشق مساء الجمعة حرستا «خالية» من المقاتلين المعارضين.
وعلى خطى آلاف سبقوهم، وآخرون سيلحقون بهم، غادر أمس، مقاتلون معارضون ومدنيون من مدينة عربين في جنوب الغوطة إلى إدلب في شمال غرب البلاد.
وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، إن «30 حافلة محملة بـ 1778 شخصاً بينهم 426 مسلحاً» من بلدات زملكا وعربين وعين ترما وحي جوبر الدمشقي المحاذي لها غادرت إلى إدلب.
وبعد رحلة طويلة استمرت نحو 10 ساعات وصلت بعد ظهر أمس، قافلة من 100حافلة تقل 6749 شخصاً، ربعهم من المقاتلين، إلى مناطق سيطرة الفصائل في قلعة المضيق في ريف حماة الشمالي قبل نقلهم لاحقاً إلى إدلب.
ورجح المتحدث باسم «فيلق الرحمن» وائل علوان، أن يصل عدد الأشخاص الذين سيخرجون من المناطق الجنوبية، إلى نحو 30 ألفاً.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي تستهدفها قوات النظام بهجوم عنيف منذ 18 فبراير، ضربة موجعة للفصائل المعارضة تُعد الأكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية عام 2016.
وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنياً منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد.