معارك عنيفة في آخر معاقـــل «داعش» بجنوب سورية
خاضت قوات النظام السوري، أمس، بدعم روسي، معارك عنيفة ضد تنظيم «داعش» في آخر قرية انكفأ مقاتلوه إليها في حوض اليرموك في محافظة درعا جنوب سورية. في حين تم إجلاء مقاتلين معارضين من محافظة القنيطرة المجاورة، حيث باتت قوات النظام تبسط سيطرتها على كامل الحدود مع القسم المحتل من هضبة الجولان.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبدالرحمن، لـ«فرانس برس» إن معارك عنيفة ترافقت مع غارات سورية وروسية طالت آخر جيب انكفأ إليه مقاتلو «داعش» في حوض اليرموك، بعد طرده من جميع القرى والبلدات التي تحصن فيها.
وأورد التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل أن «قرية القصير هي آخر وجود لإرهابيي داعش في حوض اليرموك»، مشيراً إلى أن وحدات الجيش «تخوض اشتباكات عنيفة في آخر معاقل تنظم داعش الإرهابي» في القرية.
وتشن قوات النظام منذ أسبوعين هجوماً واسعاً بدعم روسي، يستهدف منطقة حوض اليرموك، تمكنت خلاله من التقدم على حساب المتطرفين.
وأضاف عبدالرحمن أن احتدام المعارك جاء بعد «فشل مفاوضات بين قوات النظام والتنظيم لنقل من تبقى من مقاتلي الأخير، وعددهم 100، إضافة إلى أفراد عائلاتهم، إلى البادية السورية مقابل إطلاق التنظيم سراح 30 سيدة وطفلاً»، خطفهم الأسبوع الماضي من محافظة السويداء المجاورة.
وتمتد البادية على مساحة مترامية من وسط سورية حتى الحدود مع العراق، وتتضمن جزءاً من أطراف محافظة السويداء الشمالية الشرقية.
وشنّ التنظيم، الأربعاء الماضي، انطلاقاً من نقاط وجوده في البادية، هجوماً واسعاً على محافظة السويداء، قتل خلاله أكثر من 250 شخصاً، قبل أن يخطف 30 سيدة وطفلاً من إحدى قرى ريف المحافظة الشرقي.
وتبنى التنظيم هذه الهجمات من دون أن يتطرق إلى المخطوفين، لكن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا شريط فيديو، قالوا إن بعض عائلات المخطوفين تلقته، تظهر فيه سيدة أعلنت إنها لدى التنظيم، ونقلت مطالبه للإفراج عنهم.
ومع تقدم قوات النظام في حوض اليرموك، سلم عشرات من عناصر التنظيم وأفراد من عائلاتهم أنفسهم، أمس، لفصيل معارض، يقاتل أخيراً مع دمشق، بعد موافقته على اتفاق تسوية في بلدة حيط، وفق المرصد.
وخلال عملية التسليم «أطلق عناصر الفصيل المعارض النار على مجموعة منهم، وقتلوا 34 شخصاً بين عناصر من التنظيم ورجال من عائلاتهم»، وفق المرصد، من دون أن تتضح ملابسات ما حصل.
وفي محافظة القنيطرة المجاورة، أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن «إخراج آخر دفعة من الإرهابيين الرافضين للتسوية مع عائلاتهم من بلدة جباثا الخشب والقرى التابعة لها» في الريف الشمالي إلى إدلب (شمال غرب).
وتقع هذه القرى في منطقة خط فض الاشتباك قرب القسم الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان. وباتت المنطقة الحدودية بأكملها تحت سيطرة قوات النظام، بحسب عبدالرحمن.
وتعد هذه الدفعة الرابعة، التي يتم إجلاؤها من القنيطرة، بموجب اتفاق تسوية تم إعلانه في 20 يوليو الماضي، وينص على إجلاء الرافضين للاتفاق مقابل عودة قوات النظام إلى نقاط انتشارها قبل 2011، عام اندلاع النزاع السوري.
وبموجب هجوم بدأته في 19 يونيو، باتت قوات النظام قاب قوسين من إعلان سيطرتها على كامل الجنوب السوري، الذي يضم محافظات درعا والقنيطرة والسويداء. من ناحية أخرى، قال سفير روسيا في تل أبيب، أناتولي فيكتوروف، أول من أمس، إن موسكو لا تستطيع إرغام القوات الإيرانية على مغادرة سورية، في رفض لطلب إسرائيل منذ فترة طويلة بضرورة أن تعمل الحكومة الروسية على ضمان انسحاب إيران بشكل كامل من سورية.
وأضاف السفير أن موسكو لا تستطيع أيضاً أن تمنع إسرائيل من توجيه ضربات جوية للقوات الإيرانية في سورية، التي تشترك مع روسيا وميليشيات لبنانية مدعومة من طهران في دعم الرئيس السوري بشار الأسد في حربه ضد قوات المعارضة.
ومع سيطرة القوات الحكومية السورية بشكل شبه كامل على جنوب غرب سورية المجاور للقطاع الذي تحتله إسرائيل في مرتفعات الجولان، أبلغ السفير القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي في مقابلة أن القوات السورية فقط هي التي يجب أن تنتشر هناك.
وكان مسؤول إسرائيلي قال، في الأسبوع الماضي، إن روسيا عرضت إبقاء القوات الإيرانية على مسافة 100 كيلومتر على الأقل من خط وقف إطلاق النار بمرتفعات الجولان.
وأوضح المسؤول أن العرض طرح خلال اجتماع عقد في إسرائيل الأسبوع الماضي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لكن الحكومة الإسرائيلية رفضته، ووصفته بأنه غير كاف.
ودافع السفير عن الوجود الإيراني في سورية، وقال «إنهم يقومون بدور مهم للغاية في جهدنا المشترك للقضاء على الإرهابيين في سورية، ولهذا السبب، وخلال هذه الفترة، نرى أن أي مطالب بطرد أي قوات أجنبية من كل أنحاء سورية غير واقعية». وأضاف «بوسعنا التحدث مع شركائنا الإيرانيين بكل صراحة وانفتاح، والسعي لإقناعهم بالقيام بشيء أو عدم القيام به». لكن عندما سئل: هل تستطيع روسيا إجبار إيران على الخروج أجاب «لا نستطيع».
وعبّر السفير الروسي عن رفضه للهجمات على سورية، لكنه أضاف «لا يمكن أن نملي على إسرائيل ما تقوم به، ليس لروسيا أن تمنح لإسرائيل حرية القيام بشيء أو تمنعها من القيام بشيء».