ترامب: حان الوقت ليحارب الآخرون فـي سورية.. وأميركا لن «تكون شرطي الشـرق الأوسط»
اعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن «الوقت قد حان ليحارب الآخرون» في سورية، وذلك في معرض الدفاع عن قراره بسحب القوات الأميركية، مؤكداً أن الولايات المتحدة لا تريد أن «تكون شرطي الشرق الأوسط». وفيما رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن قرار ترامب سحب قواته من سورية، هو قرار «صائب»، أعلنت فرنسا أنها «تبقى» ملتزمة عسكرياً في سورية، في حين قالت قوات سورية الديمقراطية (قسد)، أن الانسحاب الأميركي من سورية سيؤثر سلباً في مكافحة الإرهاب.
وتفصيلاً، دافع الرئيس الأميركي، أمس، عن قراره المفاجئ إعلان النصر على تنظيم «داعش»، وسحب القوات الأميركية بالكامل من سورية، وسط انتقادات من بعض الجمهوريين، ومخاوف الحلفاء وبعض القادة العسكريين الأميركيين.
وقال ترامب في سلسلة تغريدات نشرها على «تويتر» في وقت مبكر أمس، إنه يفي بتعهد قطعه أثناء حملته الانتخابية في عام 2016 بالخروج من سورية. وكتب يقول إن الولايات المتحدة تقوم بعمل دول أخرى، منها روسيا وإيران، دون مقابل يذكر، وقد «حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون».
وكتب ترامب على «تويتر» يقول «الخروج من سورية لم يكن مفاجئاً. أطالب به منذ سنوات، وقبل ستة أشهر، عندما عبرت علناً عن رغبتي الشديدة في فعل ذلك، وافقت على البقاء لمدة أطول. روسيا وإيران وسورية وآخرون هم العدو المحلي لـ(داعش). نحن نؤدي عملهم. حان الوقت للعودة للوطن، وإعادة البناء».
وأضاف «هل تريد الولايات المتحدة الأميركية أن تصبح شرطي الشرق الأوسط، وألا تحصل على شيء سوى بذل الأرواح الغالية، وإنفاق تريليونات الدولارات لحماية آخرين لا يقدرون، في كل الأحيان تقريباً، ما نقوم به؟ هل نريد أن نظل هناك للأبد؟ حان الوقت أخيراً لأن يحارب آخرون».
وبعد أن أعلن ترامب، أول من أمس، أنه سيبدأ سحب القوات الأميركية البالغ قوامها نحو 2000 جندي من سورية التي تمزقها الحرب، انتقد بعض الجمهوريين بشدة الخطوة، قائلين إنهم لم يبلغوا بها مسبقاً، وإن الخطوة تطلق يد روسيا وإيران أكبر داعمين لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
وقال مسؤولون أميركيون، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، لـ«رويترز» إن القادة العسكريين على الأرض قلقون كذلك من عواقب الانسحاب السريع.
من جهته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن قرار الرئيس الأميركي سحب قواته من سورية هو قرار «صائب». وأضاف بوتين خلال لقائه السنوي بالإعلام أن موسكو لم تر بعد ما يشير إلى بدء هذا الانسحاب.
وتابع بوتين «بالنسبة إلى الانتصار على تنظيم (داعش) بشكل عام، أنا أتفق مع الرئيس الأميركي»، مضيفاً «لقد سدّدنا ضربات قوية للتنظيم في سورية».
إلا أنه شكك في تصرفات واشنطن، وقال «لم نر أي مؤشرات على سحب القوات الأميركية بعد، ولكنني أقر بأن ذلك ممكن». وفي باريس، قال مسؤولون إن فرنسا ستبقي قواتها في شمال سورية في الوقت الراهن، في ظل عدم القضاء على متشددي تنظيم «داعش»، واستمرار تشكيلهم خطراً على المصالح الفرنسية.
وأبلغ دبلوماسيون فرنسيون «رويترز» بأن قرار الرئيس الأميركي سحب كل الجنود الأميركيين وعددهم 2000 من المنطقة كان مفاجئاً لباريس.
وقالت وزيرة الشؤون الأوروبية ناتالي لوازو لتلفزيون (سي- نيوز) «يظهر ذلك أن الأولويات تختلف، وأن علينا أن نعتمد على أنفسنا في المقام الأول.. في الوقت الراهن سنبقى بالطبع في سورية، لأن المعركة ضد التنظيم ضرورية». وأقرت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي على «تويتر» بأن التنظيم ضعفت شوكته، وخسر نحو 90% من أراضيه، لكنها قالت إن المعركة لم تنته.
وقالت «(داعش) لم يمحَ عن الخريطة، ولم تستأصل شأفته. من الضروري أن تواجه الجيوب الأخيرة لهذا التنظيم الإرهابي هزيمة عسكرية حاسمة». وقال دبلوماسي فرنسي «أصبحنا معتادين على ذلك مع إدارة ترامب. الشيطان يكمن في التفاصيل». وفي لندن، اعتبرت وزارة الخارجية البريطانية أن تنظيم «داعش» لم يُهزم بعد في سورية.
وأضافت الوزارة أن المملكة المتحدة ستبقى «منخرطة في التحالف الدولي وحملته لحرمان (داعش) (السيطرة) على أراض، وضمان هزيمته القاطعة».
من جانبها اعتبرت برلين أمس، أن القرار الأميركي بالانسحاب الأحادي الجانب من سورية يمكن أن يضر المعركة ضد «داعش»، وأن «يهدد النجاح الذي سُجّل حتى الآن» ضد التنظيم.
من جانبها، حذرت قوات سورية الديمقراطية (قسد) أمس، من أن الانسحاب الأميركي من سورية «سيؤثر سلباً في مكافحة الإرهاب».
وقالت «قسد» في بيان: «في وقت نخوض فيه معارك شرسة ضد الإرهاب في آخر معاقله، وكذلك نكافح الخلايا النائمة والعناصر الإرهابية المتخفية في المناطق المحررة، والتي تسعى لإعادة تنظيم نفسها مجدداً في المنطقة، فإن قرار البيت الأبيض القاضي بالانسحاب من شمال وشرق سورية، سيؤثر سلباً في حملة مكافحة الإرهاب، وسيعطي للإرهاب وداعميه ومؤيديه زخماً سياسياً وميدانياً وعسكرياً للانتعاش مجدداً، والقيام بحملة إرهابية معاكسة في المنطقة».
وأكدت «قسد»، التي يشكل المسلحون الأكراد أبرز مكون فيها، أن «معركة مكافحة الإرهاب لم تنتهِ بعد، ولم يتم بعد إلحاق الهزيمة النهائية به، بل هي في مرحلة حاسمة ومصيرية، تتطلب تضافر الجهود من قِبل الجميع، ودعماً أكبر من التحالف الدولي للاستمرار فيها».
وشدّدت على أن «قرار الانسحاب سيؤدي بشكلٍ مباشر إلى ضرب مساعي القضاء النهائي على التنظيم الإرهابي، وستكون له تداعيات خطرة تؤثر في الاستقرار والسلم العالمي».