الانسحاب الأميركي يؤجل عملية «شـرق الفرات».. و«داعش» يهاجم الأكــراد
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمة ألقاها أمس في إسطنبول، إن أنقرة ستؤجل عملية عسكرية مقررة في شمال شرق سورية، عقب القرار الأميركي بالانسحاب من سورية، فيما استغل تنظيم «داعش» تغير المعادلة الميدانية بمهاجمة الأكراد، بينما أعلن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، فجأة استقالته، الليلة قبل الماضية، إثر اختلافه مع الرئيس دونالد ترامب في السياسات الخارجية، وذلك بعد يوم واحد من قرار ترامب سحب قواته بالكامل من سورية، وسحب نحو نصف القوات من أفغانستان.
وتفصيلاً، قال أردوغان إن الحملة العسكرية التركية في شمال شرق سورية ستبدأ في الشهور المقبلة، مرحباً بقرار واشنطن سحب قواتها من هناك.
وأكد الرئيس التركي أن تركيا «ستطهر سورية من المسلحين الأكراد وفلول داعش»، مضيفاً: «إن مكالمة مع (الرئيس) ترامب جعلتنا ننتظر قليلاً بشأن العملية شرقي الفرات، وفترة الانتظار ليست مفتوحة».
كما أشار إلى أنه يتفق مع ترامب في العديد من الأمور بشأن سورية، موضحاً أن «الدبلوماسية مع أميركا وصلت للمستويات المرغوبة مع بدء انسحاب القوات الأميركية من سورية».
وخلال كلمته، شدّد أردوغان على عدم وجود مطامع لتركيا في الأراضي السورية، لكنه استطرد قائلاً: «لكننا لن نخاطر بالأمن».
وأعلن البيت الأبيض، أول من أمس، بدء سحب القوات الأميركية من شرق الفرات، بعد اقتراب نهاية حملتها لاستعادة كل الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم «داعش»، بينما قال مسؤولون أميركيون إن الانسحاب سيستغرق إطاراً زمنياً من 60 إلى 100 يوم.
واعتبرت «قوات سورية الديمقراطية» (قسد)، المؤلفة من أغلبية كردية، قرار الانسحاب الأميركي المفاجئ من شرقي سورية «طعنة في الظهر وخيانة لدماء آلاف المقاتلين».
وقال مدير المركز الإعلامي لـ«قسد»، مصطفى بالي، إن تنظيم «داعش» شن هجوماً، أمس، على مواقع القوات في منطقة هجين في جنوب شرق سورية.
وقالت مسؤولة كردية، أمس، في باريس إن «قسد» قد تضطر للتوقف عن قتال المتطرفين في المنطقة إذا اضطرت لإعادة نشر قواتها لمواجهة هجوم تركي في حال حصوله.
كما حذرت الرئيسة المشتركة لمجلس «قسد»، إلهام أحمد، الذراع السياسية لـ«قوات سورية الديمقراطية»، التي حضرت إلى باريس لبحث الوضع في المنطقة بعد قرار الرئيس الأميركي سحب قواته من سورية، من «خروج الوضع عن السيطرة» بالنسبة للمتطرفين المسجونين لدى الأكراد.
وقالت للصحافيين «عندما لم يكن الأميركيون موجودين في المنطقة كنا نحارب الإرهاب، سنستمر في مهمتنا هذه لكن بمواجهة الإرهاب هذا سيكون أمراً صعباً لأن قواتنا ستضطر أن تنسحب من الجبهة في دير الزور لتأخذ أماكنها على الحدود مع تركيا».
وأضافت المسؤولة الكردية «تحت تهديدات الدولة التركية وإمكانية إنعاش (داعش) مرة أخرى، نخاف أن يخرج الوضع عن السيطرة وألا يعد بإمكاننا حظرهم في المنطقة التي يوجدون فيها»، مشيرة الى أن «هذا سيفتح المجال أمام انتشارهم».
ويُشكل اعتقال مقاتلين أجانب مع أفراد من عائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية، مع رفض العديد من الدول تسلم مواطنيها الذين التحقوا خلال سنوات النزاع السوري بالتنظيم المتطرف.
من جانب آخر، دعت إلهام أحمد الحكومة الفرنسية الى تقديم دعم للأكراد. وقالت «الحكومة الفرنسية كان لها مواقف واضحة في الأسبق، لكنها لم تستطع ان تغير كثيراً من القرار التركي، نأمل منها أن تلعب دورها بشكل أقوى في هذه المرحلة».
من جانبه، دافع ترامب، عن قراره بسحب قوات بلاده بالكامل من سورية، قائلاً إنه «يفي بتعهد قطعه خلال حملته الانتخابية». وقال في سلسلة تغريدات على موقع «تويتر»: «الخروج من سورية لم يكن مفاجئاً. أطالب به منذ سنوات، وقبل ستة أشهر، عندما عبرت علناً عن رغبتي الشديدة في فعل ذلك، وافقت على البقاء لمدة أطول».
بدوره، أعلن جيمس ماتيس، أول من أمس، تنحيه عن منصبه، وذلك بعد مرور يوم واحد على قرار ترامب الانسحاب من سورية، الذي كان له وقع الصدمة على المؤسسة السياسية الأميركية.
وفي رسالة بعث بها إلى ترامب قال ماتيس، إن «نظرته إلى العالم التي تميل إلى التحالفات التقليدية والتصدي للجهات الخبيثة تتعارض مع وجهات نظر الرئيس».
وأضاف «لأنه من حقك أن يكون لديك وزير دفاع وجهات نظره تتوافق بشكل أفضل مع وجهات نظرك حول هذه القضايا وغيرها، أعتقد أنه من الصواب بالنسبة إليّ أن أتنحى عن منصبي».
وقبل لحظات على توزيع البنتاغون لرسالة ماتيس، نشر ترامب تغريدة أعلن فيها أن وزير دفاعه سيتقاعد «مع التميز» في نهاية شهر فبراير.
وقال في تغريدته: «خلال مدة خدمة جيمس تم تحقيق تقدم رائع، خصوصاً بالنسبة إلى شراء معدات قتالية جديدة».
وأضاف «الجنرال ماتيس ساعدني كثيراً في جعل حلفاء ودول أخرى يدفعون حصصهم المتوجبة عليها عسكرياً. سوف تتم تسمية وزير دفاع جديد خلال وقت قصير. أتقدم بجزيل الشكر إلى جيمس للخدمات التي قدمها».
ولم تكن استقالة ماتيس مفاجئة بالكامل للمراقبين في واشنطن، فلطالما تجاهل ترامب نصائح وزير دفاعه خصوصاً في الآونة الأخيرة. وكان قرار ترامب سحب 2000 جندي من سورية بمثابة صفعة مفاجئة لماتيس، الذي حذر من أن انسحاباً مبكراً من سورية قد يكون «خطأ استراتيجياً فادحاً».
وتصادم الرجلان في السابق حول موضوعات شتى، بما في ذلك الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه ترامب في مايو، بينما دافع ماتيس عن أجزاء منه.
في هذه الأثناء، شككت ألمانيا التي استقبلت أكثر من مليون لاجئ فرّ قسم كبير منهم من الحرب في سورية، في تقييم ترامب بأن التهديد قد انتهى.
وأشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى وجود تساؤلات كثيرة بعد قرار الولايات المتحدة سحب قواتها من سورية، «لكن القرار خطوة في الاتجاه الصحيح». وقال لافروف: «هناك تساؤلات كثيرة حول كيفية تطبيق هذا القرار، أو ما إذا كان سيطبق بالفعل». واستطرد: «لكن القرار المتعلق بسحب عسكريين يوجدون بطريقة غير قانونية في بلد ما، هو خطوة في الاتجاه الصحيح».
وحول اعتزام واشنطن سحب أكثر من نصف قواتها في أفغانستان قال لافروف: «الولايات المتحدة خرجت سابقاً من أفغانستان ولكنها عادت ودخلت، تماماً مثلما جرى في العراق». وأشار إلى ضرورة النظر إلى حقيقة ما يجري على الأرض.
وكانت وسائل إعلام أميركية نقلت، أول من أمس، عن مسؤولين قولهم، إن ترامب قرر سحب قرابة نصف القوات الأميركية في أفغانستان.