الحوثيون يطلقون النار على تظاهرات معارضة في صنعاء وتعز
أغلقت الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا سفاراتها في اليمن، أمس، جراء مخاوف أمنية، إذ تهدد سيطرة جماعة الحوثيين على مقاليد السلطة بدخول البلاد حرباً أهلية شاملة، فيما أقدم مسلحون ينتمون إلى جماعة الحوثي على تفريق تظاهرات مناهضة لهم في صنعاء وتعز بالرصاص الحي، وأصيب مسؤول بجروح خطرة جراء إطلاق مسلحي جماعة أنصار الله الحوثية الرصاص الحي على مسيرة رافضة لهم في محافظة البيضاء وسط البلاد.
وتفصيلاً، شارك عشرات الآلاف في تظاهرات ضد الحوثيين في مدينة تعز بوسط البلاد، أمس، إضافة إلى المئات في العاصمة صنعاء، في احتجاجات هي الأكبر على تحرك الحوثيين واحتلالهم صنعاء في سبتمبر الماضي، ثم سيطرتهم تماماً على السلطة في الأسبوع الماضي.
وفي تعز أيضاً التي لا يسيطر عليها الحوثيون، رفعت الحشود لافتات، وأطلقوا هتافات ضد الحوثيين، ودعوا إلى إسقاط حكمهم. ويسلح القادة وزعماء العشائر السنة أنفسهم في المناطق الجنوبية والشرقية التي لا يسيطر عليها الحوثيون، كما يعقد عدد منهم تحالفات مع تنظيم القاعدة في اليمن، ما يهدد باندلاع حرب أهلية شاملة.
وقال الناشط الشبابي وليد العماري، إن مسلحين حوثيين أطلقوا الرصاص باتجاه المتظاهرين، وفرقوا المسيرة في شارع بغداد في العاصمة اليمنية صنعاء، قبل وصولها إلى مقر الأمم المتحدة. وأضاف العماري «خرجت أكثر من مسيرة مناهضة للحوثيين، وكلها تتجه إلى مقر الأمم المتحدة، لكن المسلحين الحوثيين فرقوا هذه المسيرة قبل وصولها إلى المقر».
وبحسب العماري، فإن الأمين العام المساعد للحزب الناصري، عبدالله نعمان، وعدداً من قيادات الحزب الناصري، إضافة إلى وزيرة الثقافة المستقيلة، اروى عثمان، قد شاركوا في هذه المسيرة التي تم تفريقها.
وكان نعمان قد انسحب الإثنين الماضي من المفاوضات التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، بين كل القوى السياسية في اليمن، وعزا نعمان انسحابه إلى عدم موافقة الحوثيين على إلغاء الإعلان الدستوري الذي أعلنوه الجمعة الماضية.
وقال مشاركون في المسيرة إن عدداً من الجرحى سقطوا نتيجة استخدام الرصاص.
وكان شباب الثورة قد دعوا إلى تنظيم مسيرات عدة في العاصمة صنعاء، والعديد من المحافظات اليمنية لإحياء ذكرى ثورة 11 فبراير 2011، والتعبير عن رفضهم لما سموه «الانقلاب على الشرعية».
وقال مسؤول محلي إن مستشار محافظ البيضاء، حسين الحميقاني، أصيب، أمس، برصاص مسلحين حوثيين، خلال مشاركته في مسيرة رافضة لما سمي بالإعلان الدستوري لجماعة الحوثي، الذي صدر يوم الجمعة الماضي. وأضاف أن «المسيرة انطلقت من ساحة أبناء الثورة في مدينة البيضاء مركز المحافظة، وطالب المشاركون فيها بإخراج مسلحي الحوثي من صنعاء وكل المحافظات المسيطرين عليها». كما طالبوا بإنهاء ما وصفوه بـ«الانقلاب» على السلطات الشرعية في البلاد من قبل الحوثيين، في إشارة إلى الإعلان الدستوري.
وأوقفت الولايات المتحدة العمل في سفارتها، وسحبت طاقمها الدبلوماسي بالكامل، أول من أمس. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جين بساكي، إن «الأعمال الأخيرة الأحادية الجانب خرّبت عملية الانتقال السياسي في اليمن، وأنتجت مخاطر من أن يهدد تجدد العنف اليمنيين والسلك الدبلوماسي في صنعاء».
وأغلقت الولايات المتحدة ودول أوروبية عدة سفاراتها، أمس، في صنعاء، وأجلت أطقمها الدبلوماسية. وكانت واشنطن أول المعلنين، أول من أمس، عن إغلاق سفارتها إلى أجل غير مسمى، ما قد يلقي بظلاله على جهود مكافحة الإرهاب في هذا البلد الأساسي بالنسبة لواشنطن في هذا المجال.
وجاء في بيان للخارجية الأميركية أنه «في 11 فبراير 2015، وبسبب الوضع الأمني المتدهور في صنعاء، علقت وزارة الخارجية أنشطة سفارتها، وتم نقل طاقم سفارة الولايات المتحدة الأميركي خارج البلاد». وتابع البيان أن «جميع الخدمات القنصلية والمعاملات الروتينية و/أو الطارئة علقت حتى إشعار آخر». كما حض البيان الرعايا الأميركيين على مغادرة اليمن.
وقال موظفون محليون في السفارة الأميركية إن طاقم العاملين دمر أسلحة وأجهزة كمبيوتر ووثائق قبل إغلاق السفارة وإجلاء الدبلوماسيين. وأضاف الموظفون أن أكثر من 20 مركبة جرى الاستيلاء عليها من جانب مقاتلين، بعد أن غادر الأميركيون مطار صنعاء، فيما قالت مصادر دبلوماسية وملاحية إن الحوثيين استولوا على ثلاث سيارات دبلوماسية أميركية في مطار صنعاء، بعيد مغادرة سفير الولايات المتحدة.
بدورها، أجلت بريطانيا سفيرتها وطاقمها الدبلوماسي من اليمن، وعلقت نشاط سفارتها في صنعاء، بسبب المخاوف من الوضع الأمني. وقالت الخارجية البريطانية في لندن إنها أوقفت عمل السفارة في صنعاء «مؤقتاً».
وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، توبياس الوود، إن «الوضع الأمني في اليمن استمر بالتدهور خلال الأيام الأخيرة». وأضاف «للأسف، نحن نعتقد أن طاقم سفارتنا والمباني التي نستخدمها باتت عرضة لمخاطر مضاعفة، وقررنا بالتالي أن نسحب طاقمنا الدبلوماسي، وأن نوقف عمليات السفارة البريطانية في صنعاء مؤقتاً». وذكر الوود أن السفيرة وأعضاء البعثة الدبلوماسية غادروا اليمن، أمس، للعودة إلى بريطانيا.
كذلك أعلنت إيطاليا، أمس، إغلاق سفارتها في اليمن بصورة مؤقتة، كما أغلقت السفارة الفرنسية، من دون صدور إعلان بالإغلاق، في حين قالت السفارة الألمانية إن بعثتها الدبلوماسية تتلف بدورها الوثائق الحساسة وستغلق قريباً.
من جانبه، أكد مصدر دبلوماسي غربي أن سفارات أوروبية عدة تفكر جدياً في وقف نشاطها وإجلاء أطقمها. وقال المصدر «نحن نفكر في الرحيل».
ويأتي ذلك فيما تتابع الأطراف اليمنية حواراً برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص جمال بن عمر، للخروج من الأزمة العميقة، وإطلاق مرحلة انتقالية جديدة، بعد استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة.
ويصور الحوثيون حركتهم على أنها «ثورة»، ويصفون تقدمهم العسكري من معاقلهم التقليدية في شمال اليمن بأنه يهدف إلى تخليص البلاد من الفساد والأزمة الاقتصادية. ورفع الحوثيون شعار «الموت لأميركا»، وهاجم زعيمهم عبدالملك الحوثي ما وصفه بأنه التدخل الغربي في شؤون اليمن.
غير أن الحوثي اعتمد نبرة تصالحية في خطاب ألقاه، أول من أمس، في الوقت الذي يستمر فيه الحوار بين الأحزاب اليمنية التي يعارض معظمها قرار الحوثيين حل البرلمان. وقال الحوثي إن استقرار اليمن يصب في مصلحة جميع القوى، سواء كانت خارجية أو محلية.