بن دغر يرفض تشكيل حكومة وحـــــــــــــدة قبل التزام وفد الميليشيا بالقرار 2216

أعلن رئيس الوزراء اليمني، أحمد بن دغر، أمس، رفض مطلب المتمردين تشكيل حكومة وحدة وطنية، قبل التزامهم بتطبيق بنود قرار مجلس الأمن 2216، خصوصاً الانسحاب من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة، وفي وقت حض فيه أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمس، المفاوضين اليمنيين على مواصلة المشاورات التي تستضيفها بلاده برعاية الأمم المتحدة، وذلك غداة تعليق الوفد الحكومي مشاركته.

بن دغر:

اليمنيون أمام خيارين تاريخيين لا ثالث لهما: إما أن تبقى الوحدة في صيغتها الاتحادية، وننتصر لأنفسنا، وننتصر لإرادتنا المشتركة، ونسمو فوق الجراح، وإما أن نترك بلادنا وشعبنا في حالة من الضياع والفوضى.

وفي التفاصيل، حمل بن دغر ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، مسؤولية تهديد وحدة اليمن وتدهور اقتصاده، وذلك في كلمة أمام الصحافيين في الرياض، غداة تعليق حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي مشاركتها في مشاورات السلام، التي ترعاها الأمم المتحدة في الكويت.

وقال بن دغر إن المشاورات «لابد أن تؤدي إلى السلم والاستقرار، ولابد في النهاية أن نحافظ على بلدنا موحداً وآمناً ومستقراً، وهذا الأمر لا يتحقق إلا عن طريق واحد، هو احترام مرجعيات هذا الحوار والقبول بها».

وشدد على أن هذه المرجعيات تتمثل في «قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية، والآلية التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني، وعلى الحوثيين وصالح أن يعلموا أن الاعتراف علناً بهذه المرجعيات، والذهاب فوراً لتطبيقها دون مماطلة أو مراوغة، هما ما يريده شعبنا».

واعتبر أن «الانسحاب من مؤسسات الدولة يغدو، يوماً بعد آخر، مطلباً غير قابل للنقاش»، والأمر كذلك بالنسبة إلى السلاح، الذي اعتبر أنه «الحق الدستوري الخاص بالدولة دون غيرها، الدولة التي تمثلها شرعية منتخبة، ومعترف بها دولياً». ورأى أن «من يريد حكومة وحدة وطنية، قبل أن يضع السلاح، إنما يريد استرقاق هذا الشعب».

وفشل وفدا التفاوض في تحقيق خرق بالمشاورات، التي بدأت في 21 أبريل، وتفصل بينهما هوة عميقة، خصوصاً حول القرار 2216، الذي ينص بشكل أساسي على انسحاب المتمردين من المدن، التي سيطروا عليها منذ عام 2014، وتسليم الأسلحة الثقيلة.

وبحسب مصادر متابعة، يرغب المتمردون في تشكيل حكومة انتقالية توافقية لبحث تنفيذ القرار، بينما يشدد الوفد الرسمي على أن حكومة هادي تمثل الشرعية.

وقال بن دغر «الحل السياسي، الذي يشكل الانسحاب وتسليم السلاح للدولة مدخله الطبيعي، يبدأ بالتسليم بحق الشعب اليمني في اختيار طريقه واحترام إرادته».

وأكد بن دغر، في كلمته التي تأتي مع اقتراب ذكرى توحيد اليمن في 22 مايو 1990، أن اليمنيين أمام «خيارين تاريخيين لا ثالث لهما: إما أن تبقى الوحدة في صيغتها الاتحادية، وننتصر لأنفسنا، وننتصر لإرادتنا المشتركة، ونسمو فوق الجراح، وإما أن نترك بلادنا وشعبنا في حالة من الضياع والفوضى والتشرذم، وندفع جميعاً ثمن التهور والطمع والبغضاء».

وحذر من «انهيار اقتصادي ونقدي»، لكون المتمردين تصرفوا «في ثلاثة مليارات دولار تقريباً، كانت تمثل معظم الاحتياطي النقدي في البلاد»، واستخدموا هذه الأموال «في المجهود الحربي، للاستيلاء على الدولة والسلطة، والانقلاب على الجمهورية والوحدة، وإدارة الحرب». وأضاف «لقد أخلّ الحوثيون بالإدارة المالية والنقدية، ورتبوا لطبع المزيد من الأوراق النقدية، فانهار سعر الريال أمام الدولار والعملات الدولية الأخرى»، ما أدى إلى «زيادات كبيرة في الأسعار، وفوضى اقتصادية».

وبحسب سكان في صنعاء، بلغ سعر الدولار الأميركي في السوق السوداء 320 ريالاً يمنياً، في مقابل 250 ريالاً لسعر الصرف الرسمي. وأدى تراجع قيمة العملة إلى ارتفاع في أسعار المواد الغذائية.

وخلال الأيام الماضية، زادت أسعار الأرز والطحين والسكر بأكثر من 30%، وأسعار الفاكهة والخضار بـ20% على الأقل.

وبحسب الأمم المتحدة، يحتاج زهاء 13 مليون يمني، يشكلون نصف السكان، لمساعدة إنسانية، ويعاني 7.6 ملايين عدم أمان غذائي حاد.

وكان أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حض أطراف النزاع، أمس، على مواصلة المشاورات «للتوصل إلى نتائج إيجابية». ونقلت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية أن الصباح استقبل تباعاً، أمس، المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وممثلين لوفدي حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي، وميليشيا الحوثي والمخلوع صالح. وأوضحت أن الصباح «حثهم على مواصلة المشاورات، للتوصل إلى نتائج إيجابية تسهم في تحقيق السلام المنشود، الذي يحفظ لليمن الشقيق أمنه واستقراره وسلامة أبنائه».

من جانبه، أعرب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية رئيس الوفد الحكومي اليمني، عبدالملك المخلافي، عن الشكر والتقدير لأمير وحكومة وشعب الكويت، على ما قدموه للشعب اليمني، وحرصهم على إنجاح المشاورات، وتحقيق السلام الدائم في اليمن، وإنهاء الانقلاب وما ترتب عليه، واستئناف العملية السياسية، وفقاً للمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.

وأشار المخلافي إلى أن تعنت وفد الميليشيا الانقلابية، وانقلابهم على المرجعيات الثلاث، المتمثلة في قرارات مجلس الأمن الدولي، خصوصاً 2216، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وانقلابهم على إقرار الإطار العام للمشاورات وجدول الأعمال، واستمرارهم بالمراوغة والتسويف، قد أدى إلى مرور شهر منذ انطلاق المشاورات دون تحقيق أي تقدم يذكر، ما دفع إلى أن يعلق وفد الحكومة مشاركته، ولكن دون مغادرة الكويت، وحتى يوقع الطرف الآخر وثيقة التزام بالنقاط الست، للمساعدة على الانطلاق نحو القضايا العملية لبناء السلام.

إلى ذلك، أجمع سياسيون محليون على تحمل وفد الانقلابيين مسؤولية فشل مشاورات السلام، لتعنته وتلاعبه وعدم التزامه بأي اتفاقات سابقة، أو الاتفاقات التي اتخذت خلال المشاورات، في ظل صمت الأمم المتحدة الراعية لهذه المشاورات، وعدم اتخاذها أي موقف تجاه هذه الممارسات.

وقال رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام، باسم فضل الشعبي، لـ«الإمارات اليوم»، إن الميليشيا تستغل الوقت، أثناء المشاورات، للتمدد على الأرض، وإحراز مكاسب عسكرية، لاستغلالها في اتجاهين: الأول هو الضغط علي الشرعية لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، والثاني الاستعداد لحرب جديدة. وأشار إلى أن فشل المشاورات تتحمله الميليشيا، وأيضاً الأمم المتحدة التي توفر الغطاء لهذا العبث. بدوره، قال السياسي اليمني وعضو الفريق الإعلامي في المشاورات، زيد السلامي، إن الميليشيا قطعت كل طرق السلام، وبات إنهاء الانقلاب، وكل ما ترتب بالحسم العسكري، هو الخيار الوحيد لاستعادة الدولة.
 

الأكثر مشاركة