بإسناد إماراتي.. المقاومة تحرر مناطق واسعة في الدريهمي ومحيـــط مطـــار الحديدة
بدأت قوات التحالف العربي والمقاومة اليمنية المشتركة، أمس، عملية عسكرية كبرى وحاسمة، تحت مسمى «النصر الذهبي»، باشتراك وإسناد بري وبحري وجوي من القوات المسلحة الإماراتية، لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي من قبضة ميليشيات الحوثي الموالية لإيران، بعد رفض الحوثيين القبول بالحلول السلمية، تمكنت خلالها من تحرير مناطق استراتيجية جديدة وواسعة في مديرية الدريهمي ومحيط مطار الحديدة، فيما انتفض سكان مدينة الحديدة في وجه الميليشيات الانقلابية، التي تعيش حالة من الانهيار وفرار عناصرها، بينما قامت قوات المقاومة المشتركة والتحالف بتحييد المدنيين عن مناطق الاشتباك في الحديدة، واستهداف قناصي ميليشيات الحوثي عند مشارف المدينة.
وفي التفاصيل، انطلقت معركة «النصر الذهبي» لتحرير مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، من قبل قوات المقاومة اليمنية، بإسناد ميداني من القوات الإماراتية، وبغطاء جوي وبحري من قوات التحالف العربي.
وتمكنت القوات من تحرير مناطق استراتيجية جديدة وواسعة في مديرية الدريهمي ومحيط مطار الحديدة، بعد اختراق الصفوف الأمامية لمسلحي الميليشيات، وكسر تحصيناتها جنوب المدينة، ما أسفر عن انهيار دفاعاتها وهروب قياداتها الميدانية، تاركة مواقعها وسط هزيمة مدوية وساحقة بددت أوهام الحوثيين أمام إرادة الشعب اليمني الرافض للانقلاب.
وقال المتحدث باسم المقاومة الوطنية، العقيد الركن صادق الدويد، في تصريح لوكالة أنباء الإمارات (وام) إن قوات المقاومة اليمنية المشتركة أحرزت تقدماً كبيراً تجاه مدينة الحديدة، والتوغل بأكثر من ثمانية كيلومترات نحو مطار المدينة، والسيطرة على مناطق النخيلة والطائف جنوب الحديدة، وسط انهيارات كبيرة في صفوف الميليشيات، ودك مقاتلات التحالف العربي لتحصيناتها التي تحاول من خلالها صد تقدم القوات، فيما تمكنت قوات المقاومة من أسر عشرات الحوثيين، وقتل عدد كبير منهم.
وأضاف الدويد أن قوات المقاومة اليمنية تمكنت من التصدي لمحاولات تسلل بائسة لعناصر الميليشيات من منطقة المدمن في مديرية التحيتا باتجاه الفازة، والتي باءت بالفشل، في محاولة منها لرفع الروح المعنوية المنهارة والمهزومة لعناصرها في جبهات القتال جراء الهجوم الواسع للقوات على مواقع الميليشيات، والذي أفقدها القدرة على التمركز والصمود ميدانياً.
وأشار إلى أن تحرير مدينة الحديدة تواكبه خطط إنسانية وإغاثية كبيرة لمساعدة أهالي المدينة على تجاوز الظروف الصعبة التي فرضها حصار ميليشيات الحوثي عليهم، إضافة إلى ممارساتها الإرهابية، واتباع سلاح التجويع والتخويف ضد المدنيين، تنفيذاً لمخططات خارجية تستهدف زعزعة أمن اليمن والمنطقة، لافتاً إلى أن محور المساعدات الإغاثية والإنسانية في المناطق المحررة بالحديدة يتصدر أولويات دول التحالف العربي.
وقال الدويد إن عدداً كبيراً من عناصر الميليشيات لقي مصرعه خلال مواجهات مع قوات المقاومة اليمنية المشتركة، فيما فرت قيادات الصف الأول من عناصر ميليشيات الحوثي من جبهات القتال، تاركة مواقعها وسط روح انهزامية وهروب جماعي لعناصرها وهلع في صفوفها، تاركين خلفهم أسلحتهم وقتلاهم.
من جهتها، أكدت مصادر ميدانية، في الحديدة، تمكن قوات المقاومة المشتركة من ألوية العمالقة والمقاومة الوطنية والتهامية، من الدخول إلى الأطراف الجنوبية لمدينة الحديدة عبر محورين، إلى جانب تنفيذها عملية التفاف باتجاه المناطق الشرقية للمدينة، التي أعدت محوراً ثالثاً إلى جانب محور الساحل الذي اقتربت منه بوارج التحالف، وبدأت عملية قصف مكثفة ضد مواقع وتحصينات الميليشيات في مدينة الحديدة، وعدد من مدن ومديريات الساحل، فيما وفرت مقاتلات التحالف وطيران الأباتشي غطاء جوياً للقوات البرية المتقدمة نحو المدينة.
ووفقاً للمصادر، فإن قوات المقاومة اليمنية تمكنت من السيطرة على حي النخيلة وحي الشعيرة، وغليفقة، وحارة اليمن، ومنطقة منظر، ومنطقة المصلى، ونقطة قضبة، ووصلت إلى منطقتي دوار الحديدة ومنصة 22 مايو، التي تعرف بساحة العروض في المدينة.
كما بدأت المقاومة بمحاصرة عناصر الميليشيات في منطقة التبة السوداء، المطلة على ميناء الحديدة مباشرة، فيما خلت منطقتا المطار والميناء من عناصر الحوثي بعد تفخيخها، ما جعل قوات المقاومة والتحالف تفرض عليهما طوقاً عسكرياً، حتى يتم تفكيك الألغام منهما.
وأشارت المصادر إلى أن عملية تحرير الحديدة، جاءت عقب عملية تمشيط واسعة قامت بها مقاتلات التحالف وطيران الأباتشي وقصف مكثف لبوارجه، استهدفت مواقع الميليشيات على طول الشريط الساحلي والمناطق الجنوبية والشرقية لمدينة الحديدة، أدت إلى انهيار الميليشيات وفقدانها للسيطرة بعد فرار عناصرهم تحت وقع القصف المكثف لمقاتلات التحالف وبوارجه.
في الأثناء، شهدت أحياء عدة في الحديدة انتفاضة شعبية في وجه ميليشيات الحوثي، كان أهمها في حارة اليمن، التي تمكنت خلالها من القبض على مشرف الحوثيين، وأسهمت في سقوط الحارة في أيدي المقاومة، فيما استسلم العشرات من عناصر الحوثي، وما يعرف بالمتحوثين من أبناء المدينة للمقاومة اليمنية مع عتادهم العسكري.
وكانت قوات المقاومة والتحالف العربي طالبت سكان مدينة الحديدة بالابتعاد عن المواقع العسكرية ومناطق الاشتباكات والبقاء في منازلهم وعدم الخروج من أجل سلامتهم، كما أعلنت منطقة الميناء منطقة عسكرية حتى تتم استعادته وفتحه أمام الملاحة، كما طالبتهم بعدم السماح لعناصر الميليشيات بالتمركز أعلى أسطح منازلهم أو اتخاذهم دروعاً بشرية.
وشهدت الساعات الأولى من عملية «النصر الذهبي» مصرع 47 من عناصر الحوثيين وإصابة العشرات، في حين تم نقل 143 جثة لمقاتلين حوثيين سقطوا خلال اليومين الماضيين في جبهات الساحل إلى المستشفى العسكري، ومستشفيات أخرى داخل مدينة الحديدة، بينهم شقيق عبدالملك الحوثي ونجل محافظ الحديدة حسين الهيج المعين من قبل الحوثي، فيما تم أسر أعداد كبيرة منهم، معظمهم أطفال كانوا يبكون وفي حالة من الرعب والهلع، كما شهدت الخطوط الرابطة بين الحديدة وصنعاء وريمة والمحويت حركة سير غير عادية لمركبات مدنية تحمل عائلات وأفراداً وممتلكات الحوثيين الفارين من الحديدة، بينما شهدت البوابة الشمالية لمدينة الحديدة فرار مشرفين وقيادات ميدانية حوثية، وترك المتحوثين وأبناء القبائل يقاتلون بمفردهم.
وغنمت قوات المقاومة وألوية العمالقة 13 صاروخاً استراتيجياً، وعدداً من المدرعات والأسلحة والذخائر، إلى جانب المواد اللوجستية التي خلفتها ميليشيات الحوثي الانقلابية وراءها في المناطق المحررة في ضواحي الحديدة، والتي باغتتها قوات المقاومة والتحالف صباح أمس في عملية «النصر الذهبي».
في الأثناء، قامت ميليشيات الحوثي بحفر خنادق، وبنت متارس، ونشرت دبابات في أحياء عدة من الحديدة، تركزت في جامعة الحديدة وشارع صنعاء بالقرب من مقبرة المصريين وتقاطع الشهداء ومناطق غليل والرزوم وجولة الصدف، في محاولة منها لإعاقة تقدم قوات المقاومة والتحالف.
وكانت قوات المقاومة اليمنية المشتركة دفعت بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى ضواحي مدينة الحديدة، وقامت بعمليات تمشيط وتأمين لخطوط السير الرابطة بين الخوخة وحيس والجاح، وصولاً إلى ضواحي الحديدة قبيل انطلاق عملية «النصر الذهبي» لتحرير المدينة ومينائها الاستراتيجي.
من جهة أخرى، فشلت ميليشيات الحوثي في محاولاتها التسلل إلى مناطق الفازة ومديرية حيس لقطع طرق الإمداد، ومحاولة الالتفاف على تقدم القوات المشتركة نحو الحديدة، وتكبدت خسائر وصفت بالكبيرة، وأنها تشبه العمليات الانتحارية لعناصر الحوثي، وفقاً لمصادر ميدانية، مؤكدة أن القوات المشتركة تمكنت من صد أربع محاولات تسلل للحوثيين في تلك المناطق، وكلها كانت خسائرهم فيها كبيرة جداً.
وانعكست معركة «النصر الذهبي» لتحرير الحديدة على المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيات، حيث خرجت عرباتهم العسكرية تحمل مكبرات للصوت، تطالب سكان تلك المناطق بسرعة الدفاع عن الحديدة والجهاد ضد «إسرائيل وأميركا»، ما أثار سخرية واسعة في أوساط السكان.
في السياق، قال المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، إن الحوثيين أفشلوا جميع الجهود السياسية لتسليم الحديدة، مؤكداً أن الميليشيات تجاهلت المهلة الممنوحة للخروج من الحديدة.
وأوضح في مداخلة مع قناة «الحدث» أن القوات تتقدم في محاور عدة، أبرزها محور مطار الحديدة، مشيراً إلى أن الميليشيات زرعت كمية كبيرة من الألغام في محيط الحديدة.
وأضاف «تقدمنا نحو الحديدة يتم بتأنٍّ بسبب الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وحفاظاً على المدنيين»، مشيراً إلى أن ميليشيات الحوثي رفضت خروج الأهالي من الحديدة.
وأكد أن لدى التحالف خطة متكاملة للتعامل مع جميع السيناريوهات على الأرض، مضيفاً: «لدينا أسرى من الحوثيين من جميع الجبهات».
وقال المالكي «لدينا خطط بشأن الجانب الإنساني والإغاثي في الحديدة»، مشدداً على أن الحديدة ستكون نقطة انطلاق لتحرير بقية محافظات الساحل الغربي.