الإرهاب الحوثي يدمّر حضارة زبيد اليمنية
اشتدت ضراوة الحرب الحوثية ضد الحضارة اليمنية، أخيراً، في هجمات متكررة، تمثلت في النهب المنظم، وتهريب القطع الأثرية النادرة، وسرقة وإحراق مخطوطات تعود إلى آلاف السنين.
وشن الحوثيون حرباً خفية، استهدفت معالم مختلفة في صنعاء القديمة، ونهب متحف «بينون» في ذمار، بينما تعرضت المدينة التاريخية المعروفة بـ«زبيد»، لضربات هي الأخطر.
وتقع «زبيد» في الساحل الغربي لليمن، ومنذ العقود الأولى للإسلام كانت شعلة للفكر التنويري، ومركز علم مرموقاً، حتى إنها عرفت بمدينة «الروح» و«العلم والعلماء» و«أكسفورد الشرق» ومعقل الأشاعرة.
وظل إرث زبيد الحضاري، ثانية أهم المدن اليمنية التاريخية بعد صنعاء القديمة، الأكثر جذباً للسائحين وطلاب العلم والباحثين، حتى ما قبل الانقلاب الحوثي، الذي حولها لمدينة طاردة للسكان، بعد تجسيده العقيدة الإرهابية لتنظيمي «داعش» و«القاعدة».
وتنوعت جرائم الحرب الحوثية تجاه زبيد، بين النهب والتدمير والتهجير القسري والتفخيخ بالعبوات قرب المباني الأثرية، في ضربات حربية مشتركة، طالت التاريخ والأرض والإنسان معاً.
وشيدت ميليشيات الحوثي ثكناتها العسكرية داخل عشرات المنازل، في محيط المدينة التي يعود تأسيسها للقرن الميلادي التاسع، علاوة على تحويل مخازن أخرى للأسلحة والذخيرة، وفقاً لمصادر يمنية.
وحول الاجتثاث الحوثي لجذور التاريخ اليمني، ذكر أستاذ التاريخ بجامعة تعز، الدكتور أمين المخلافي، أن آلة التفجير والتدمير الحوثية ظهرت بشكل علني ضد الموروث الحضاري منذ قرابة شهرين، تزامناً مع إبرام اتفاق استوكهولم، الذي تمثل هدنة الحديدة أبرز نتائجه.
وقال إن بصمات إيران واضحة خلف ذلك، من أجل تدمير ذاكرة المجتمع اليمني، وتشكيل وعي جديد، يتحول مستقبلاً إلى قنابل موقوتة مع محيطه العربي.
وأضاف أن زبيد، وهي معلم تاريخي لدراسة العلوم الفقهية، تخالف دعوة ميليشيات الحوثي التعصبية، ذات المشروع الإيراني المبطن.
وبيّن أن محتويات مكتبة زبيد وآثارها ومخطوطاتها، والكتب العلمية والتاريخية القديمة، التي تهم العالم كله، تعرضت للنهب الحوثي الكبير.
وأشار المخلافي إلى أن العديد من الكتب تعود إلى عصور ما قبل الهجرة، ومخطوطات أخرى مكتوبة على جلود الحيوانات، إضافة إلى الكتب التي وثقت اﻷنساب والفقه والميراث، والكثير منها علمية، وغيرها عائد لزمن الدولة الزيادية.
ولفت إلى أن الحوثيين نهبوا، أيضاً، المدافع الأثرية القديمة، التي كانت في مكتبة زبيد الأثرية.
وظلت زبيد مركزاً ذا صيت لامع على مستوى اليمن، والعالمين العربي والإسلامي، كونها مدرسة لجميع المذاهب الدينية، ومنارة تعليم للإسلام.
ووصف الكاتب اليمني، حسن العديني، تدمير المعالم الأثرية، ونهب المخطوطات والوثائق من قبل ميليشيات الحوثي الإيرانية، بـ«الغارات العنيفة» ضد التاريخ والحضارة اليمنية.
وقال العديني «هكذا امتدت أياديهم إلى التراث يسرقون المخطوطات، وقد يحرقونها أو يبيعونها أو يحاولون تزويرها، ما جعل المنظمة الإسلامية للثقافة والتربية تصرخ ضد نهب المخطوطات من مدينة زبيد الأثرية».
وتملك مدينة زبيد، في طيات سورها التاريخي، نحو 86 مسجداً، وكانت بمثابة مدارس علمية فكرية، ومصدراً مهماً للعالمين العربي والإسلامي، وهي تؤوي اليوم أكثر من 50 ألف نسمة، يعيش ما تبقى منهم عرضة للإرهاب الحوثي، ودروعاً بشرية للتحصينات القتالية.
جرائم الحرب الحوثية تجاه زبيد، تنوعت بين النهب والتدمير والتهجير القسري والتفخيخ بالعبوات.