الانتخابات العراقية تلفت الأنظار إلى التنافسات الإقليمية
لدى القوى الخارجية، خصوصاً إيران وعدوتها الولايات المتحدة، مصالح كبيرة معلقة على الانتخابات العراقية المقررة الاحد المقبل، والتوترات السياسية، وربما أعمال العنف التي قد تعقبها.
ومع اعتزام الولايات المتحدة سحب قواتها بحلول نهاية ،2011 تبدو إيران في وضع يؤهلها لمد نفوذها الذي كرسته في العراق منذ الغزو عام ،2003 الذي تقول بعض الآراء إنها الرابح الرئيس منه.
لكن طهران ستسبح ضد التيار القومي القوي في العراق، الذي يعقّد رغبتها في أن تتولى السلطة حكومة شيعية صديقة، ويفضل أن تكون معادية للولايات المتحدة.
وعلى العكس يأمل الرئيس الاميركي باراك أوباما، أن تؤدي الانتخابات الى تولي حكومة أكثر علمانية، تتمتع بقاعدة عريضة يمكنها الحفاظ على الاستقرار في العراق، بما يسمح بضمان انسحاب سلس للقوات الاميركية.
وتتبع كل من السعودية وتركيا وسورية مصالحها لدى جار جعلته الصراعات الطائفية والعرقية والسياسية عرضة للتدخلات الخارجية.
وقالت المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات «الدولة مازالت ضعيفة للغاية، وسيادتها غير محكمة، والطبقة السياسية فيها منقسمة، وهو ما يكاد يكون بمثابة دعوة للتدخل الاجنبي».
وأضافت المجموعة «نفوذ إيران واضح ويمتد في شتى أرجاء البلاد وبين النخبة السياسية، بل يتخطى حتى التقسيمات الطائفية».
وقالت المجموعة في تقرير قبيل الانتخابات إن طهران كرست «السلطة اللينة»، المتمثلة في الدبلوماسية والتجارة وصفقات الغاز والمساعدات لإعادة الاعمار والتبرعات الدينية بشكل أكثر فاعلية بكثير من الدول العربية التي تحاول كذلك مد نفوذها في العراق.
ويصدق العراقيون عن طيب خاطر ما يقال عن دعم دولة أو أخرى أحزاباً عراقية أو ميليشيات، أو أنها ترسل مقاتلين عبر الحدود أو حتى تدبر تفجيرات.
وعندما منعت لجنة في يناير الماضي نحو 500 مرشح من خوض الانتخابات المقررة يوم السابع من مارس الجاري، بسبب مزاعم عن علاقاتهم بحزب البعث المحظور، اتهمت الولايات المتحدة وبعض العراقيين طهران بأنها وراء هذه الخطوة.
وتبنى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وغيره الحظر، متحدثين عن مؤامرات بعثية لم يحددوها.
ونجح قلة من المرشحين المحظورين في الاستئناف ضد القرار. ولا يعتزم السنة مقاطعة الانتخابات هذه المرة.
وقال استاذ علم الاجتماع فالح عبدالجبار، وهو عراقي مقيم فيالعاصمة اللبنانية بيروت، «كانت محاولة إيرانية لاحراج المالكي».
ونفى أحمد الجلبي الذي يترأس لجنة المحاسبة والعدالة في حديث أدلى به لـ«رويترز» في الفترة الاخيرة أن تكون إيران وراء الحظر أو أنه يستهدف السنة.
وقد كان الجلبي ذات يوم هو السياسي المفضل في الولايات المتحدة، وهو الآن صديق لايران، وأقر بأن القوى الخارجية تتدخل، لكنه قال إن الامر يرجع للعراقيين في بناء مؤسسات قوية تمنع حدوث ذلك.
وتأججت كذلك شكوك العراقيين بشأن التدخل الاجنبي عندما توجه إياد علاوي، رئيس الوزراء السابق، الذي يقود قائمة علمانية تضم ساسة من السنة لخوض الانتخابات الى الرياض قبل تسعة أيام، واجتمع مع العاهل السعودي الملك عبدالله ومدير المخابرات.
ورفض علاوي «العقول المريضة» التي تريد إبعاد العراق عنجيرانه العرب، نافياً أن تكون زيارته للرياض لها علاقة بالانتخابات.
وتبقى تركيا وسورية كذلك بعيدتين عن الظهور العلني. ولكن حساسية تركيا من الطموحات القومية للاكراد ودعمها للأقلية التركمانية في شمال العراق الذي يهيمن عليه الاكراد لم تمنعها من إقامة أعمال مزدهرة هناك.
وترغب سورية في تأكيد «الهوية العربية» للعراق، وتنفي دمشق اتهامات أميركية وعراقية بأنها تسمح بعبور مقاتلين عبر الحدود إلى الاراضي العراقية.
وفي صياغة علاقاتها مع العراق يتعين على دمشق الموازنة بين علاقاتها الطويلة الامد مع ايران ومساعي التقارب المترددة مع واشنطن وعلاقاتها بجماعات عراقية متنوعة وتفضيلها الخاص لقيادة علمانية قومية عربية في العراق.