ليبيا تدعـو «القمـة» إلى التخلّي عــــــــن قاعدة الإجماع
افتتحت، في مدينة سرت الليبية، أمس، أعمال القمة العربية الـ22 تحت شعار «دعم صمود القدس» بمشاركة 14 من القادة العرب. ورأس صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين وفد الدولة، نيابة عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة. وكان اول المتحدثين امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بصفته رئيس القمة السابقة، وقال في كلمة مقتضبة، قبل ان يسلم الرئاسة الى العقيد الليبي معمر القذافي، ان العالم العربي يمر بأزمة مستعصية، مقترحا تشكيل لجنة عليا للعمل العربي المشترك لتدارس الوضع الراهن، وطالب المجتمعين بقرارات تتعدى الإدانة بالنسبة لمسألة القدس، بينما طالب القذافي القادة بأفعال وليس خطبا، داعيا الى عدم الالتزام بقاعدة الاجماع في العمل العربي المشترك، فيما حذر أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى من فشل عملية السلام.
وفي التفاصيل انتقد أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في كلمته الافتتاحية للقمة العربية، العمل العربي المشترك، وطالب المجتمعين بقرارات تتعدى الإدانة بالنسبة لمسألة القدس. ووجه الشيخ حمد في مستهل كلمته انتقادات عنيفة لعدم قدرة العمل العربي المشترك على معالجة الأزمة العربية، مؤكدا أن هذا العمل يواجه أزمة حقيقية، وقال إن مسؤولية رئاسة القمة في دورتها الماضية أكدت لنا يقينا ما كنا نراه من أزمة عربية مستعصية لم يعد تجاهلها أو الالتفاف حولها يجدي، ونبه إلى أن «أمام العرب اليوم خيارين أحدهما ترك العمل المشترك لمصيره أو الوقوف لضرورة مراجعته وإعادة النظر فيه». وأضاف «نحن لا نستطيع أن نضع شعوبنا أمام مسؤوليتنا التاريخية ولا نرضى أن نتقدم إليكم بتقرير عن إنجازات الدورة الماضية للقمة باعتبار أن هذه الإنجازات لم تتحقق وما توصلنا إليه ليس مرضيا». وأضاف «أن هذه الدورة للقمة العربية أو غيرها من الدورات اللاحقة لن تكون ناجحة في ظل هذه الأوضاع». وتابع «نحن لا نريد أن نلقي المسؤولية على أحد أو الظروف التي كان يجب أن نتفق عليها وهو ما لم يحدث حتى الآن» .
ودعا إلى ضرورة تشكيل لجنة اتصال عليا «تحت إشراف رئيس القمة تعمل على تقديم مقترحات لحل أزمة العمل العربي المشترك وبلورة موضوع نقاش خاص على مستوى التجمعات السياسية كافة لتقول رأيها». وأضاف «لا فائدة في تبني مشروعات في ظل أزمة عامة»، متسائلا «هل تكفي قرارات الإدانة والشجب التي نصدرها».
وبعد ختام كلمته، سلم أمير قطر رئاسة القمة للزعيم الليبي معمر القذافي، رئيس الدورة 22 للقمة. وفي كلمته عقب تسلم رئاسة القمة، دعا القذافي إلى تحاشي القرارات التي لا ترضى عنها «الجماهير العربية»، مضيفا أنه «يجب أن نحاول أن نقرر ما تنتظره منا الجماهير، إذا قررنا أي شيء لن ترضى عنه الجماهير لن يكتب له النجاح والجماهير ماضية في تحدي النظام الرسمي». وقال القذافي إن المواطن العربي «متمرد ومتربص»، مضيفا «لا نستطيع أن نحتمي بعد الآن خلف الصولجانات أو الحدود فهي غير محترمة وتداس تحت أقدام الجماهير الثائرة. واعتبر الزعيم الليبي أن الحكام العرب «في وضع لا يحسدون عليه، لأنهم يواجهون تحديات غير مسبوقة». واعتبر القذافي في كلمته امام القمة ان «المواطن العربي ينتظر الافعال، الشارع العربي شبع من الكلام وسمع كلاما كثيرا وأنا شخصيا تحدثت خلال 40 عاما في كل شيء، والمواطنون العرب ينتظرون منا، نحن قادة العرب، الافعال وليس الخطب». ودعا القذافي الى عدم الالتزام بقاعدة الاجماع في العمل العربي المشترك. وقال «لم نعد بعد الان ملزمين بالاجماع، واذا ما قررت أي مجموعة من الدول العربية شيئا تستطيع ان تمضي به لكي ترضي الجماهير»، أما اذا أرادت «مجموعة أخرى ان تراوح مكانها فتستطيع ان تراوح». وقال «نحن نتقدم، من يريد ان يراوح مكانه فهو حر». من جانبه، دعا الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، القمة العربية إلى ضرورة التعامل مع كل التحديات التي تواجه الشأن العربي، خصوصا في ما يتعلق في القضية الفلسطينية التي تشهد استمرارا في الأعمال الإسرائيلية المناهضة للسلام مثل مواصلة الانشطة الاستيطانية. وقال انه يجب أن تعد الدول العربية نفسها لاحتمال فشل عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية ودراسة خطط بديلة.
وأكد موسى أن إسرائيل تحاول فرض واقع سيئ على أجواء السلام، لكن وقف الاستيطان سيكون شرطاً لاستئناف المفاوضات. وطالب بضرورة خلو المنطقة من الاسلحة النووية، وأن تنضم إسرائيل لمعاهدة حظر الانتشار النووي. واقترح موسى إنشاء تجمع لدول الجوار العربي، يضم الدول غير العربية ذات القواسم المشتركة، وبينها إثيوبيا وإريتريا وتشاد وإيران وتركيا، مستبعدا اسرائيل من هذا التجمع.
صالح يقترح بديلاً عن الجامعة العربية .. والقذافي يؤيّد وأكد الرئيس اليمني، في ظل الظروف العربية الحالية والصلف الصهيوني أن «اهم ما يجب ان يتحقق في هذه القمة هو انشاء الاتحاد العربي»، على غرار الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي، بأجهزة تنفيذية وصلاحيات أوسع في مستوى العمل العربي المشترك. وأضاف أن «الجامعة العربية أدت الواجب ولا بد الآن ان نطور العمل العربي المشترك للتصدي للتحديات التي تواجه أمتنا». وشدد صالح على أنه من دون انشاء اتحاد عربي لن ننجح أبدا في مواجهة الكيان الصهيوني. وإثر كلمة الرئيس اليمني خاطب الزعيم الليبي، الرئيس اليمني قائلا «المهم هو ان اقتراحك حصل على موافقتي»، في اشارة الى رفضه على ما يبدو من بقية الدول العربية، وعلى الاثر دوّى تصفيق وهتاف «شعب عربي واحد» من الحضور الليبي في القاعة في حين لوح القذافي بقبضته تأييداً. |
وقال موسى في كلمته: «إذا وافقت الدول العربية على الاقتراح، سيعقد اجتماعا لوزراء الخارجية العرب لوضع المبادرة موضع التنفيذ»، وفي شأن إيران، اقترح موسى إطلاق حوار ايراني ـ عربي يكلف به الامين العام للجامعة العربية في مراحله الاولى «مع علمي بمدى القلق إزاء مواقف ايران، لكن هذا لا ينفى ضرورة اجراء حوار، وبالرغم من تعارضنا معها الا أننا مشتركون معها في الجغرافيا والتاريخ».
وهنأ موسى الشعب العراقي على نتائج انتخاباته، كما أشاد بالتقدم الذي شهده السودان بشأن قضية إقليم دارفور.
وفي كلمته، أكد بان كى مون امين عام الامم المتحدة أن الامم المتحدة ترى أن فى الجامعة العربية «شريكا يوثق به». وشدد الامين العام للمنظمة الدولية على عدم شرعية الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية، وتحدث رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا قائلا إن احتراق القدس معناه احتراق الشرق الأوسط وعدم إرساء السلام في عالمنا. وأضاف أن القدس هي قرة عين المسلمين كافة، فهي القبلة الأولى ولا يمكن قبول اعتداءات إسرائيل على المقدسات إطلاقا.
كما ألقى عدد من ضيوف القمة كلمات خلال الجلسة الافتتاحية التي عقدت في قاعة واجادوجو، وهم رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جون بين والامين العام لمنظمة المؤتمر الاسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو، ووزير خارجية إسبانيا ميغيل أنخيل موراتينوس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد الاوروبي، ثم رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني. وتحولت الجلسة بعد ذلك إلى «جلسة مغلقة» حيث ستعتمد مشروع جدول الاعمال المعروض على القمة والذي يتكون من 27 بندا يتصدرها الملف الفلسطيني.
تظاهرة في رفح تطالب القادة بدعم صمود الفلسطينيين
تظاهر عشرات الفلسطينيين قبالة الحدود بين قطاع غزة ومصر، أمس، لمطالبة القادة والرؤساء والملوك العرب المشاركين في القمة العربية في ليبيا، باتخاذ قرارات فاعلة لدعم الشعب الفلسطيني وقضيته. ورفع المتظاهرون في المسيرة التي دعت إليها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قرب السياج الفاصل في مدينة رفح، لافتات تطالب بمواقف عربية جادة
في مواجهة إسرائيل وأخرى تحث على التحرك لإنقاذ مدينة القدس ورفع الحصار عن قطاع غزة. وطالب المسؤول في الجبهة الديمقراطية رمزي رباح، خلال كلمة له في التظاهرة، القادة والزعماء العرب بضرورة تقديم أكبر دعم لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني وتبني استراتيجية جديدة لتعزيز الموقف الفلسطيني، وشدد على الدور العربي في دعم جهود المصالحة الفلسطينية ونبذ الانقسام الداخلي بعيدا عن سياسات المحاور «التي من شأنها تعزيز الخلافات الفلسطينية الداخلية». كما أكد الحاجة لتحرك عربي لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة المفروض منذ أكثر من عامين ونصف العام.
ودعا رباح إلى تبني استراتيجية تقوم على بناء المقدرات العربية وتعزيزها لمواجهة الغطرسة الإسرائيلية وعدم الاكتفاء بالتمسك بمبادرة السلام العربية.