رغم تراجع الأنبا بيشوي عنها
أزمة «تحريف القرآن» تتصاعد في مصر
أثار بيان الأزهر الشريف الذي صدر السبت الماضي، رداً على سكرتير المجمع المقدس مطران دمياط وكفر الشيخ المصريتين الانبا بيشوي، موجة انتقادات قبطية جديدة، وتحول الأمر الى سجال اسلامي مسيحي، حول طبيعة الدولة المصرية، وهل هي دولة مدنية ام انها دولة اسلامية؟ كما جاء في بيان الأزهر شديد اللهجة الذي قال، إن مصر دولة اسلامية ووصف المسيحيين بأنهم كنصارى نجران، لهم ما لنا وعليهم ما علينا. وقال رئيس جمعية شركاء من اجل الوطن ممدوح رمزي، إن البيان اغفل حق المواطنة وقسم المصريين الى مسلمين دينهم هو الدين الرسمي للدولة، ونصارى يتم منحهم الحقوق باعتبارهم اقلية. وقال رمزي إن مصر دولة مدنية وليست اسلامية او قبطية، ونحن نرفض بيان الأزهر، لأنه اخل بهذا المبدأ الذي اتفقت عليه الجماعة الوطنية المصرية، وإن كنا نتفق معه على اعتبار جميع الأديان والمعتقدات خطاً احمر لا يجوز الاقتراب منه.
وقال المتحدث باسم الأزهر السفير رفاعة الطهطاوي، ان البيان جاء لمصلحة الوطن وحفاظا على وحدته وتم اختيار كلماته بعناية، حفاظاً على الروح الوطنية التي كانت ولاتزال سائدة بين جناحي الأمة المصرية مسلميها وأقباطها، واندهش الطهطاوي من اعتراض البعض على البيان، وقال إن مصر دولة اسلامية بنص الدستور، والمواطنة لا تعني إلغاء الدين واسخدامنا لجملة نصارى نجران، لأن رسول الله منحهم الحقوق نفسها التي للمسلمين، مشدداً على ضرورة انتباه العقلاء في الأمة المصرية إلى ما يتربص بها، والعمل الجماعي لمكافحة التعصب خصوصاً ان ما صدر من الأنبا بيشوي يمس عقيدة المسلمين، وهو امر غريب عن رجال الدين المسيحي.
وكان مطران دمياط وكفر الشيخ والبراري ودير القديسة دميانة وسكرتير المجمع المقدس الأنبا بيشوي، قد اطلق تصريحات اشعلت غضب المسلمين، قال فيها «المسلمون يقولون إن المسيح لم يمت، ونرد عليهم، فلماذا يُقال في القرآن (السلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً) سورة مريم .33 وكذلك لماذا يُقال (يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي) آل عمران ،55 فتلك الآيات مكتوبة في كتابهم، يقصد القرآن الكريم».
وأضاف هم يردون بالنص القائل (وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم) النساء ،157 وفي هذا الصدد قلت لهم إن المعتدلين من كبار المفسرين المسلمين عبر التاريخ يؤيدون المسيحية ويفسرون هذه العبارة بقولهم إذا كان المقصود شخص يشبهه، لقال «شبه به لهم» وليس «شبه لهم»، فالمقصود أنه خيل إليهم ولم يكن هناك من يشبهه. واستشهد بيشوي بتفسير الرازي، قائلاً «في تفسيره السبعة مجلدات» المعروف بالتفسير الكبير ومفاتيح الغيب، الذي وصفه بأنه أقوى المراجع الإسلامية.
وقال الشيخ محمد الراوي، إن ما نسب إلى الأنبا بيشوي هو طعن على القرآن الكريم وعلى عقيدة المسلمين، وإن بيان الأزهر مثّل سداً منيعاً امام تداعيات هذه التصريحات، معتبراً أن ذلك البيان يعكس رأي المؤسسة الدينية في مصر، التي تدافع عن عقيدتها من ناحية، وعن وحدة البلاد من ناحية اخرى، ولفت الى أن البيان لم يطالب بعدم المساس بالقرآن فقط، بل باحترام جميع العقائد السماوية.
وقال عضو مكتب الارشاد في جماعة الإخوان المسلمين عصام العريان لـ«الإمارات اليوم» إن «تصريحات الأنبا بيشوي تشعل الفتنة الطائفية في البلاد، وهي دليل على حالة الانفلات وغياب هيبة الدولة. وأضاف مثل هذه التصريحات لو صدرت في الماضي، لتم محاكمة هذا الرجل كنسيا، وتمت معاقبته من قبل الجماعة القبطية. كما ان الدولة بمؤسساتها القانونية يمكن ان تلاحقه بتهم كثيرة جداً منها ازدراء الأديان واشعال الفتنة الطائفية وتهديد الأمن الوطني».
وحذر العريان من ان خطورة ما صدر عن بيشوي انه صدر عن احد قيادات الكنيسة المصرية. وقال إن ضعف النظام وانشغاله بالتوريث والحفاظ على ابدية السلطة هو ما شجع البعض على التجرؤ على وحدة البلاد ومقدسات شعبها.
وتحت عنوان «المطالبة بمحاكمة الأنبا بيشوي» بدأت أول حملة على الـ«فيس بوك» ضد الأنبا بيشوي، وقال المشاركون في الحملة إن هذا الأسقف أسهم في إفساد العلاقة بين الطائفتين الأرثوذوكسية والبروتستانتية. وأضافت الحملة، أن الأنبا بيشوي يدفع الآن بقوة إلى إشعال نيران الفتنة بين المسلمين والأقباط، وأنه رجل فتنة ولا ينبغي أن يستمر في منصبه كسكرتير عام للمجمع المقدس، مطالبة بعزله من جميع رتبه الكهنوتية وإعادته إلى الدير. من جهته، قال الأنبا بيشوي في بيان له إنه يتفق مع بيان مجمع البحوث الإسلامية باعتبار العقائد الدينية للمصريين جميعا خطًا أحمر، لا يجوز المساس به من قريب أو بعيد. وشدد على حرصه على سلامة الوطن بمسلميه ومسيحييه وعدم تجريح الأديان ورموزها، وعدم المساس بالديانة الإسلامية على وجه الخصوص. وأوضح بيشوي «لقد أكدت هذه المبادئ في اللقاء الموسع للعقيدة في الفيوم في محاضرتي مساء الأربعاء 22 سبتمبر ،2010 ولم يرد ذكر القرآن الكريم في ما تكلمت به عن هذه المحاضرة، سوى أننا شجبنا فكرة بعض الغربيين المتطرفين في حرق نسخ منه، وذلك في اجتماع اللجنة التنفيذية لمجلس الكنائس العالمي في أسكتلندا».
وكان مجمع البحوث الإسلامية قد عقد جلسة استمرت نحو ثلاث ساعات أصدر بعدها بيانا شديد اللهجة للرد على تصريحات الأنبا بيشوي بشأن القرآن الكريم طالب خلالها عدداً من أعضاء مجمع البحوث بتدخل الرئيس المصري حسني مبارك لحسم الازمة قبل استفحالها.
وفي تصريح له امس، قال الأنبا بيشوي، إن البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لم يضغط عليه لإصدار بيان اعتذار للمسلمين حول تصريحاته التي فسرت على أنها تحريف آية من القرآن الكريم.
وقال بيشوي، في حوار مع صحيفة الشروق الجديد المستقلة «البابا لم يطلب مني أن أفعل شيئاً على الإطلاق ولم يضغط علي، ووافق فقط على أن أصدر بياناً اقترحه على أحد الصحافيين الأقباط لتوضيح موقفي».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news