«وثائق العراق» تلحق العار بأميركا
كالعادة العرب يعرفون ذلك جيداً، يعرفون كل ما حدث عن التعذيب الجماعي، اطلاق النار على المدنيين، الاستخدام السافر للقوة الجوية ضد منازل العوائل، حتى قبور الموتى الابرياء تشهد ذلك. جميع العراقيون يعلمون ذلك لأنهم كانوا هم انفسهم الضحايا.
نحن فقط الذين نتظاهر بأننا لا نعلم شيئا عن حقيقة ما جرى، واننا في الغرب نستطيع ان نعارض كل الادعاءات ضد الاميركيين والبريطانيين. ويقفز الى الاذهان المتحدث المرعب باسم الجيش الاميركي، مارك كيميت رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة ليتحفنا بالاكاذيب «احضروا لي شخصا تعرض للتعذيب وستعلمون انها مجرد دعاية ارهابية، ابحثوا عن منزل مليء بالاطفال القتلى الذين قضت عليهم القوات الجوية الاميركية، وستعلمون ان ذلك مجرد دعاية ارهابية»، او انه يصف مثل تلك الاحداث بأنها «قضاء وقدر» أو «اننا لم نتسبب في ذلك».
بالطبع كلنا يعلم انهم دائماً ما يفعلون ذلك، ويوم اول من امس، اثبت فيضان من المذكرات العسكرية هذه الحقيقة، وذهبت قناة الجزيرة الفضائية لأبعد من ذلك، إذ رصدت وقابلت العائلات العراقية التي تعرض افرادها لاطلاق النار في نقاط التفتيش الاميركية- وتعرفت إلى أحدهم لأنني كتبت عن ذلك في ،2004 فقد كانت هناك السيارة التي حطمتها القذيفة، والصحافيان اللذان لقيا حتفهما حتى اسم النقيب الاميركي. وقد كانت صحيفة الاندبيندنت هي التي نبهت العالم الى تجاوزات الجنود غير المنضبطين الذين تم نقلهم الى بغداد لحماية الدبلوماسيين والجنرالات. هؤلاء الجنود الذين شقوا طريقهم بالنيران والدماء داخل المدن العراقية، أساؤوا إلي ايضا عندما اخبرتهم بأنني كنت اكتب عنهم عام .2003
نستطيع ان نقول ان هناك بعض «الدلائل» عن تورط ايران في صناعة القنابل في جنوب العراق، التي طبختها وزارة الدفاع الاميركية (بنتاغون) لصحيفة نيويورك تايمز في فبراير ،2007 فالمواد العسكرية الايرانية كانت منتشرة في العراق خلال الحرب العراقية الايرانية 1980-88 ومعظم الضربات التي تعرض لها الاميركيون كانت من جهة المسلحون السنة. وتدعي التقارير ان سورية سمحت للمسلحين بالتسلل عبر اراضيها.
خلال الحرب العالمية الاولى والثانية وحرب فيتنام كنتم تسجلون تقاريركم العسكرية على الورق، وكانت من الممكن طباعتها في نسخ عدة، لكنكم ايضاً كنتم ترقمون الصفحات وتتبعون أي جاسوس يمكن ان يسطو على تلك التقارير وتمنعون تسرب أي منها، تقارير البنتاغون كانت تكتب على الورق وكان من الممكن اتلاف تلك الاوراق. في نهاية حرب 1914 -18 على سبيل المثال قتل ضابط بريطاني رجلاً صينياً، بعد ان نهب العمال الصينيون قطارا عسكريا فرنسيا وكان الصيني قد سحب سكينا على الضابط، ولكن خلال ثلاثينات القرن الماضي تم البحث عن ملف الجندي البريطاني الذي قتل الصيني ثلاث مرات، ولم يتم العثور عليه ولم يتبق اثر من تلك الحادثة، ولكن بقي اثر طفيف لتلك الحادثة في يومية الحرب الخاصة بالكتيبة، التي تروي عن تورط الصيني في عملية النهب، والدليل الذي قادني الى تلك الحادثة لم يكن سوى والدي الذي كان هو الضابط الذي قتل الصيني وأخبرني بتلك الواقعة قبل وفاته ولم يكن في ذلك الوقت ما يُسمى بـ «ويكيليكس». إننا لم نسبر بعد غور قصة «ويكيليكس» وأعتقد أنه ليس وراءها فقط مجرد حفنة من الضباط الأميركيين المتورطين في هذا الكشف الأخير، من يدري ما اذا كان هناك اشخاص متورطون في القمة ايضاً، على سبيل المثال استعرضت الجزيرة بعض المقتطفات من المؤتمر الصحافي للبنتاغون في نوفمبر ،2005 إذ كان هناك بيتر بيس يشرح للصحافيين بفخر بأن واجب الجندي الاميركي يقتضي أن يسارع للتدخل اذا رأى سجيناً يتعرض للتعذيب، ثم استدارت الكاميرا الى وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد، الذي اعترض فجأة ليرد على بيس «لا اعتقد انك تعني أن (الجنود الاميركيين) لديهم التزام بالتدخل شخصياً لاعتراض ذلك التعذيب، بل عليهم الابلاغ به».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news