العقوبة 5 أضعاف ما اتفق عليه «رضائياً» مع المحكمة
السجن 40 عاماً لـ «طفل غوانتانامو»
حكمت محكمة استثنائية عسكرية في قاعدة غوانتانامو الأميركية (كوبا) الليلة قبل الماضية على الكندي عمر خضر بالسجن 40 عاماً، وذلك بعد اعترافه بجرائم حرب من بينها القتل، وهي عقوبة رمزية تزيد خمس مرات على العقوبة التي تضمنها اتفاق رضائي على اساس الاعتراف بالذنب لن يقضي بموجبه خلف القضبان سوى ثمانية اعوام.
فقد اعترف عمر خضر، الذي كان في الـ15 عند اعتقاله وعرف باسم طفل غوانتانامو، في النهاية أمس، بقتل الممرض العسكري الاميركي السرجنت كريستوفر سبير بقنبلة يدوية عام .2002
وقد ذهب المحلفون العسكريون السبعة الذين تداولوا في ما بينهم لنحو تسع ساعات على مدى يومين الى ابعد كثيراً من العقوبة التي طالب به المدعي وهي السجن 25 عاماً، اضافة الى الاعوام الثمانية التي قضاها بالفعل المسلم الشاب في معتقل غوانتانامو.
وأعلن القاضي العسكري الكولونيل باتريك بارش رسمياً ان العقوبة الفعلية التي وقعت على خضر، البالغ حالياً الـ24 من العمر، هي السجن ثماني سنوات بموجب اتفاق الاعتراف بالذنب الذي وقعه أمس. موضحاً انه يمكن ان يتم ترحيله الى كندا.
وقد ابدت الحكومة الكندية على الاكثر «استعدادها» للنظر «بشكل ايجابي»، في نقل خضر الى بلاده بعد ان يكون قد قضى سنة في سجن غوانتانامو، وفقاً لبنود اتفاق الاقرار بالذنب مع الولايات المتحدة، وذلك بحسب مذكرة دبلوماسية نشرت أول من أمس.
وتوضح المذكرة انه سيكون بإمكان الكندي الشاب ان يطلب اطلاق سراحه بعد ان يمضي ثلث عقوبته.
ومع اعلان الحكم هللت ارملة الممرض الشابة تابيثا سبير من الفرحة في القاعة.
وكان الدفاع طلب لخضر السجن 10 سنوات تتضمن السنوات الثماني التي قضاها بالفعل في المعتقل الاميركي في كوبا.
وكان على القضاة العسكريين السبعة، وبينهم ثلاث نساء، التصويت بأغلبية الثلاثة ارباع (ستة مقابل واحد) للحكم بعقوبة اكثر من السجن 10 سنوات.
وفور اعلان الحكم تبادل اعضاء هيئة الدفاع التهاني الحارة لدفعهم عمر خضر الى توقيع الاعتراف بالذنب في مقتل السرجنت سبير.
وقال الكولونيل جيف كولويل مسؤول فريق مستشاري الدفاع للصحافيين «لقد فعلنا خيراً. ان اتفاق الاقرار بالذنب مثل بوليصة التأمين». وأعرب عن ثقته بعودة الشاب المسلم الى كندا، وفي انه «لا يشكل اي خطر».
وقال إن «عمر خضر لم يختر اباه»، في اشارة الى انه ابن مساعد سابق لاسامة بن لادن قتل في باكستان عام .2003
وأكد ممثل الادعاء الرئيس الكابتن جون مورفي، انه ايضاً سعيد لنتيجة المحاكمة، وقال «لقد اوصيت بقبول اتفاق الاعتراف بالذنب»، مؤكداً انه لم يخضع لضغوط للموافقة على هذا الاتفاق الودي وإن كان قرار القضاة العسكريين جاء اشد بكثير.
وقال «هذا يتيح لنا التأكد من انه مذنب ويوجه رسالة الى كل الارهابيين بأنهم يمكن أن يواجهوا عقوبات بالغة القسوة».
من جانبها، قالت تابيثا سبير للصحافيين ان هذا اليوم «من اسعد ايام حياتي»، في حين كان عمر خضر قد توجه اليها خلال المحاكمة مبدياً ندمه لقتل زوجها، قائلاً «إنني شديد الاسف فعلاً للمعاناة التي تسببت بها».
عمر خضر صبي حلم يوماً بأن يصبح طبيباً ولد عمر خضر في تورونتو في 19 سبتمبر ،1986 وقد اعتقل في افغانستان، إذ كان مصاباً بجروح بالغة. وخضر، الطويل القامة الذي تظهر ندبات على وجهه، يجيد اربع لغات هي الانجليزية والعربية والباشتونية والداري، ولديه ايضاً إلمام بالفرنسية، رغم انه غادر مقاعد الدراسة في عمر مبكر. وخلال محاكمته قال إن «لديه تعطشاً للمعرفة»، وإنه يريد ان يصبح طبيباً. وقد ألحق منذ سنتين على الاقل في القسم الاكثر ليونة في السجن، وهو قسم «كامب 4» المخصص للمعتقلين «المتعاونين». وتتحدث شهادات عن نفوذه لدى المعتقلين الباقين. وقتل والد عمر، احمد سعيد خضر الكندي المصري الاصل الذي كان يعتبر من عناصر القاعدة النافذين، في اكتوبر 2003 خلال هجوم شنه الجيش الباكستاني على مقاتلي تنظيم اسامة بن لادن. وغادرت عائلة خضر كندا سنة ،1990 واستقرت عند الحدود الباكستانية الافغانية «للمساعدة على اعادة اعمار ما دمره الاجتياح السوفييتي»، بحسب سيرة ذاتية نشرها مقربون منها على الانترنت. وعاد عمر خضر الى كندا في 1995 بعد اعتقال والده في باكستان للمشاركة في اعتداء بالقنابل على سفارة مصر في اسلام آباد. غير انه عاد الى باكستان في السنة التالية. وعرض خلال جلسات المحاكمة التمهيدية شريط فيديو يظهر فيه الشاب جالساً القرفصاء على الارض وهو يصنع عبوات مبتسما. وفي يوليو ،2002 قبضت عليه القوات الخاصة الاميركية في ذلك المنزل في قرية خوست شرق البلاد، خلال هجوم شنته على ما قالت انه مخبأ للقاعدة. واختلفت الروايات حول تبادل اطلاق الرصاص الذي حصل حينها. ففي حين قالت واشنطن ان خضر القى قنبلة يدوية فقتل جندياً اميركياً، أكد محامو الكندي ان شخصا آخر القى القنبلة. وأصيب عمر خضر بجروح خطيرة في كتفه وعينه اليسرى التي فقدها، وخضع لعمليات جراحية عدة قبل نقله الى قاعدة باغرام الأميركية في افغانستان. وفي اكتوبر 2002 نقل الى غوانتانامو، إذ بدأت ادارة الرئيس جورج بوش تجمع ما أسمتهم «المقاتلين الاعداء»، الذين اسرتهم في اطار «الحرب على الارهاب». وتلت ذلك طعون قضائية واستجوابات، قال عمر خضر انه تعرض خلالها الى سوء المعاملة. وشاهد العالم اجمع في العام 2008 صوراً ظهر فيها وهو يجهش بالبكاء متوسلاً خلال استجوابه من قبل عناصر استخبارات كندية اخراجه من غوانتانامو. عواصم ــ أ.ف.ب |
وقالت تابيثا «لم اشعر بأنه نادم حقاً. فهو لم ينظر ابداً الى عيناي».
وإضافة الى القتل اتهم ايضاً عمر خضر بالشروع في القتل مع قيامه بصنع قنابل والتآمر ودعم الارهاب والتجسس.
وخلال المحاكمة التي استغرقت اسبوعا في غوانتانامو، قدم الاتهام المسلم الشاب على انه «ارهابي حقيقي ارتكب جرائم يرتكبها الكبار». في المقابل اعتبره الدفاع «طفلاً لأب سيئ»، وأنه يستحق منحه «فرصة اولى»، لأنه شخص «يمكن اعادة استيعابه» في المجتمع.
وخضر هو ثالث معتقل في غوانتانامو يعترف بالذنب، والخامس الذي يمثل امام لجنة استثناء عسكرية، وهي هيئة قضائية اقامتها ادارة الرئيس جورج بوش للمرة الاولى منذ الحرب العالمية الثانية، واعاد الرئيس باراك العمل بها بعد ادخال اصلاحات عليها.
وعمر خضر مسجون حالياً في المعسكر الرابع في غوانتانامو، وهو الاقل قسوة بين اقسام المعتقل الاميركي في كوبا ويخصص للمعتقلين الاكثر «تعاونا»، إذ يمكنه ان يمضي اكثر من 20 ساعة يومياً في الأماكن المشتركة.
ومن المفترض ان يتم نقله الى المعسكر الخامس الخاضع لتدابير امنية مشددة، إذ يودع المعتقلون في السجن الانفرادي 20 ساعة يومياً.
ولاتزال قاعدة غوانتانامو تضم 174 معتقلاً من اصل نحو 800 رجل أودعوا هذا السجن منذ .2002
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news