«ويكيليكس» يسرّب وثائق أميركية تكشف وجود تحريض على ضرب إيران
نشر موقع «ويكيليكس» نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أميركية سرية، كشفت حضّ دول عدة وإسرائيل الولايات المتحدة بشدة، على تبني موقف حازم حيال إيران، على خلفية برنامجها النووي، وصل الى حد دعم الخيار العسكري، وأن واشنطن دققت في الدبلوماسيين الإيرانيين قبل دخولهم العراق، وسارع البيت الأبيض الى التنديد بالعمل«غير المسؤول والخطر» للموقع، معتبراً أن هذه الخطوة يمكن ان تعرض حياة كثيرين للخطر، فيما راوحت ردود الفعل في الأوساط الدبلوماسية في العالم بين الصدمة والإحراج.
وكشفت الوثائق الدبلوماسية الأميركية التي حصل عليها موقع «ويكيليكس» ونشرتها صحف كبرى عدة في العالم، مساء أول من أمس، ان القلق حيال البرنامج النووي الإيراني للاشتباه في إخفائه شقاً عسكرياً لا يقتصر على اسرائيل وحدها، بل يطاول أيضا عددا من الدول العربية.
وبحسب الوثائق، فإن العاهل السعودي الملك عبدالله كان الأكثر صراحة بشأن هذه المخاوف في الضغوط التي مارسها على الولايات المتحدة بهذا الصدد.
وكشفت إحدى الوثائق الصادرة عن سفارات اميركية أن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، عادل الجبير، قال في 17 ابريل ،2008 إن العاهل السعودي «دعا الولايات المتحدة مراراً إلى مهاجمة إيران لوضع حد لبرنامجها النووي».
اليمن قدم غطاءً للغارات الأميركية على أراضيه
كشفت الوثائق أن دول الخليج، عدا قطر، بدت مقتنعة بأن إيران تدعم التمرد الحوثي الزيدي في شمال اليمن، إلا أن هذه الدول لم تتمكن من تقديم أي دليل عندما طلب منها مسؤولون أميركيون ذلك. وفي لقاء عقد في الثاني من يناير ،2010 رفض الرئيس اليمني علي عبدالله صالح نشر قوات أميركية على الأراضي اليمنية التي يوجد فيها عناصر «القاعدة». وقال لمسؤولين أميركيين «عليكم ألا تدخلوا منطقة العمليات، ويجب ان تبقوا في مركز العمليات المشترك»، إلا انه أقر بالتغطية على الغارات الأميركية على الأراضي اليمنية. وأكد صالح انه سيستمر بالقول أمام الرأي العام، إن القوات اليمنية، وليس الاميركية، تنفذ الضربات ضد «القاعدة». وقال في هذا السياق «سنستمر بالقول إن هذه القنابل منا وليست منكم». نجاد: لا قيمة لتسريبات «ويكيليكس» قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، أمس، إن نشر البرقيات التي كشف عنها موقع ويكيليكس «عمل طائش لا قيمة له»، معتبراً انها لن تؤثر في علاقات طهران بجيرانها العرب. وأضاف «ان ما ينشرونه عمل طائش، لا نرى أي قيمة لهذه الوثائق»، وأكد أن الحكومة الأميركية هي التي أعدت ووزعت هذه الوثائق حسب خطة مرسومة. وقال«انه جزء من عمل استخباراتي، ولن يحقق لهم الهدف السياسي الذي يريدونه». مصر و«فتح» رفضتا دعم الهجوم على غزة كشفت وثائق «ويكيليكس» أن مصر وحركة «فتح» التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رفضتا طلب إسرائيل دعمها في الهجوم العسكري الذي شنته على قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس في نهاية ،2008 وبحسب برقية دبلوماسية صادرة عن السفارة الأميركية في تل أبيب ونقلها الموقع، فإن وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك أبلغ وفدا من الكونغرس عام 2009 بأن اسرائيل أجرت اتصالات مع مصر والسلطة الفلسطينية قبل شن عملية «الرصاص المصبوب»، وتابعت البرقية ان «باراك أوضح (للوفد) ان الحكومة الاسرائيلية أجرت مشاورات مع مصر وفتح، وسألتهما ان كانتا على استعداد للسيطرة على قطاع غزة بعد هزيمة (حماس)». وأوضحت الوثيقة ان «باراك تلقى ردا سلبيا، وهو أمر غير مستغرب». وأضافت ان باراك انتقد «ضعف» السلطة الفلسطينية «وعدم ثقتها بنفسها». كما أشارت البرقية الى أن اسرائيل أبقت «الحوار» مع كل من مصر وفتح خلال العملية. من جهة اخرى، عبر رئيس الموساد الاسرائيلي مئير داغان عن وجهة نظر اكثر سلبية حول القيادة الفلسطينية، في برقية دبلوماسية تحمل تاريخ 26 يوليو .2007 وكتبت السفارة «خلافاً للسياسة الرسمية الاسرائيلية، عبّر داغان عن رأيه الشخصي القائل بانه بعد اكثر من عقد على محاولة التوصل الى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين لن يتم ابرام شيء». وفي رد فعل على هذه المعلومات، قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ان ما نشره الموقع يثبت صدق الرئيس عباس في رفضه القاطع للحرب الاسرائيلية التي شنتها اسرائيل على غزة. وذكر موقع «ويكيلكس» أيضا أن بعض الوثائق طلبت من دبلوماسيين اميركيين تجميع معلومات عن مسؤولين فلسطينيين ومن «حماس»، بما في ذلك ارقام هواتفهم وبريدهم الإلكتروني. أردوغان «يكره إسرائيل بكل بساطة» نقلت البرقيات التي كشف عنها موقع ويكيليكس، عن دبلوماسيين أميركيين في أنقرة قولهم، إن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان «يكره إسرائيل بكل بساطة»، وذلك تعليقاً على رد فعله العنيف على الهجوم الإسرائيلي الدامي على قطاع غزة في 2008 -.2009 وقال الدبلوماسيون ان «أردوغان يكره إسرائيل بكل بساطة»، مشيرين الى انهم يؤيدون نظرية السفير الإسرائيلي في انقرة، غابي ليفي، الذي اعتبر أن تصريحات أردوغان العنيفة ضد اسرائيل نابعة قبل كل شيء «من منطلق عاطفي، لانه إسلامي». وقال السفير الاسرائيلي للدبلوماسيين الاميركيين المعتمدين في العاصمة التركية «من وجهة نظر الدين، هو يكرهنا، والاحتقار الذي يكنه ينتشر» في بلاده. ونسب السفير تدهور العلاقات بين اسرائيل وتركيا إلى شخصية رئيس الوزراء التركي، الناشط الإسلامي السابق الذي يترأس حكومة إسلامية - محافظة منذ .2003 وتعتبر الولايات المتحدة ان «كره» أردوغان إسرائيل يشكل «عاملاً» في تدهور العلاقات الاسرائيلية - التركية. |
ونقلت الوثيقة التي نشرتها صحف «الغارديان» و«نيويورك تايمز» و«لوموند»، أن العاهل السعودي نصح الاميركيين بـ«قطع رأس الأفعى»، وشدد على أن العمل مع الولايات المتحدة للتصدي للنفوذ الايراني في العراق هو اولوية استراتيجية للملك ولحكومته.
وتشير المراسلات الدبلوماسية الـ250 ألفاً، والتي تعتبر «سرية»، وتم تبادلها بين وزارة الخارجية الاميركية وسفاراتها في العالم، بشكل عام الى القلق الذي ينتاب الدول العربية حيال إيران وبرنامجها النووي على الرغم من نفي إيران مراراً سعيها لحيازة السلاح الذري، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية التي نشرت بدورها مضمون تلك المراسلات.
وأوردت وثيقة نشرتها لوموند ان ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أكد في الأول من نوفمبر ،2009 لدى استقباله الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس انه «يجب وقف هذا البرنامج»، مضيفاً أن «خطر تركه مستمرا يفوق خطر وقفه».
وتعليقاً على هذه التسريبات، قال مستشار في الحكومة السعودية، طلب عدم كشف هويته، لـ«فرانس برس»، إن «كل هذا سلبي جدا، وهذا ليس جيدا لبناء الثقة».
وأضافت الصحيفة أن وثائق عدة تعكس رغبة دول الخليج في الحصول على سلاح أميركي.
وقال رئيس الوزراء القطري، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، خلال لقائه مساعد وزير الطاقة الاميركي دانيال بونينان في الـ10 من ديسمبر ،2009 واصفاً العلاقة بين بلاده وإيران «إنهم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم».
كذلك كتب دبلوماسي آخر من القاهرة في فبراير ،2009 ان الرئيس المصري حسني مبارك «يكنّ كرهاً شديداً للجمهورية الإسلامية»، بحسب الوثائق.
والإسرائيليون من جهتهم، شككوا كثيرا في محادثاتهم مع مسؤولين اميركيين، في جدوى سياسة اليد الممدودة حيال إيران التي أعلن عنها الرئيس الأميركي، باراك اوباما في رسالة وجهها إلى قادة هذا البلد وشعبه في مارس .2009
وفي برقية بتاريخ 18 نوفمبر ،2009 كتب الدبلوماسيون الاميركيون «أكد ممثل للموساد (الاستخبارات الإسرائيلية)، ان طهران تدرك انها بتجاوبها مع المبادرة (الاميركية) تستطيع الاستمرار في ممارسة لعبة الوقت». وأضافت البرقية «من وجهة نظر الموساد، فإن كل ما ستقوم به ايران هو استخدام أي مفاوضات لكسب الوقت، وبذلك، ستتملك إيران بحلول 2010 و2011 القدرة التكنولوجية على صنع سلاح نووي».
ونقلت برقية فحوى حديث دار في اغسطس ،2007 بين مساعد وزير الخارجية الاميركي، نيكولا بيرنز وقائد الموساد، مائير داغان، الذي حثه على استغلال التوترات الداخلية في إيران لزعزعة استقرار النظام.
وقال داغان إن «انعدام الاستقرار في إيران ناجم عن كثرة الأقليات العرقية، وما يقوم بينها من توترات، وذلك يشكل فرصا فريدة، للتغيير في إيران».
وأعربت إسرائيل عن ارتياحها للتسريبات التي نشرت حتى الآن، بعد أن كانت تخشى الأسوأ، معتبرة في المقابل انه يعزز صدقية مواقف القادة الإسرائيليين الرسمية، وصرح مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية طالباً عدم كشف هويته، بأن هذه المعلومات «تدل على ان اسرائيل لا تعتمد لغة مزدوجة وتقول في المجالس الخاصة ما تقوله علناً» بخصوص ضرورة التحرك لمواجهة خطر التسلح النووي الإيراني.
وأضاف «يتبين ان كل الشرق الاوسط يرهبه احتمال قيام دولة نووية في إيران. والدول العربية تدفع الولايات المتحدة الى عمل عسكري بطريقة اقوى مما تفعل إسرائيل»، وذهب الرئيس السابق لمجلس الدفاع الوطني الجنرال في الاحتياط، غيورا عيلاند إلى حد اعتبار تسريبات ويكيليكس مفيدة لإسرائيل.
العراق
أظهرت الوثائق أن واشنطن قامت بالتدقيق في الدبلوماسيين الإيرانيين الراغبين في دخول العراق قبل منحهم التأشيرات اللازمة، وأوضحت ان التدقيق الذي اجرته الولايات المتحدة يؤكد ان خمس طالبي التأشيرات لديهم علاقات محتملة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات.
وأضافت وثيقة مؤرخة في ابريل ،2009 والصادرة عن السفارة الاميركية في بغداد، ان«وزارة الخارجية العراقية تقوم منذ عام ،2008 بتزويد السفارة بأسماء الدبلوماسيين الإيرانيين طالبي تأشيرة الدخول بغرض التدقيق فيها».
وأكدت ان «التدقيق كشف احتمال ارتباط نحو 20٪ من طالبي التأشيرة بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات، وأبلغتنا وزارة الخارجية عدم منحها تأشيرات لضباط المخابرات بالمشتبه فيهم، لكننا لم نتحقق من صحة ذلك».
وتابعت «في يناير ،2009 قبل البدء بعملية التدقيق، زودتنا الخارجية العراقية بقائمة تضم 35 اسماً لدبلوماسيين إيرانيين دخلوا العراق، وبين هؤلاء ثمانية يرتبطون بالحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن». من جهته، انتقد وزير الخارجية هوشيار زيباري نشر الوثائق، وقال إن عملية «النشر لا تساعد على الإطلاق».
إلى ذلك، قال المتحدث باسم السفارة الأميركية آرون سنايب ان «وزارة الخارجية لا تعلق على مواد، وضمنها وثائق مصنفة سرية، قد تكون تم تسريبها».
لبنان
جاء في إحدى البرقيات أن إيران استخدمت سيارات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الإيراني لإرسال الأسلحة وعناصر من الحرس الثوري الإيراني الى حزب الله في لبنان خلال حرب عام 2006 بين اسرائيل والحزب، وتعود هذه البرقية الى العام ،2008 وهي تستند الى مصدر إيراني قال للدبلوماسي الأميركي كاتب البرقية ان الهلال الاحمر الإيراني كان يستخدم غطاء لعناصر الحرس الثوري للتسلل الى لبنان خلال النزاع، وجاء في البرقية التي نشرت على موقع ويكيليكس «ان سيارات الهلال الاحمر التي كانت تنقل المعدات الطبية كانت تنقل أيضا السلاح».