حكومات أوروبية قتلت أبرياء وتواطأت علـى ممارسات تعذيب
تسريبات «ويكيليكــــــس» كشفت احتقار الغرب للديمقراطية
يرجع الفضل إلى مؤسس موقع «ويكيليكس» في معرفتنا بأن حكوماتنا تمارس سياسات يمكن أن تعرضنا وعائلاتنا للخطر الداهم. وقد أخبرنا «ويكيليكس» بأنهم شنوا حرباً بصورة سرية على دولة مسلمة أخرى، وأباحوا التعذيب، واختطفوا الأبرياء من الناس من شوارع الدول الحرة وأجبروا الشرطة على تغطية ذلك والتستر على مقتل 15 الف مدني اي ما يعادل خمسة اضعاف ما قتل في حادثة 11 سبتمبر. وأدت كل واحدة من هذه الأفعال الى تزايد اعداد الجهاديين. ونستطيع تغيير هذه السياسات في حالة واحدة فقط وهي اذا عرفناها، وجوليان أسانغ مؤسس موقع «ويكيليكس» قدم لنا إثباتاً لا يرقى إليه اللبس.
4 أسئلة حول مصير أسانغ
لماذا يواجه جوليان أسانغ، المواطن الأسترالي، تهماً قضائية في المملكة المتحدة، في الوقت الذي تكون التهمة الموجهة ضده لها علاقة بحادثة في السويد؟ بموجب اجراءات الاعتقال الأوروبية، اي دولة من الاتحاد يمكن ان تطلب المساعدة القضائية من دولة اخرى في مسألة اعتقال المشتبهين المطلوبين في جنحة تم ارتكابها في الخارج. يقول محامو أسانغ انه ليس هارباً وإنه سلم نفسه طواعية للشرطة، وبناء عليه لماذا يتم التحفظ عليه في السجن؟ رفض القاضي هوارد ريدل، المقيم في ستي ويستمنستر، طلب أسانغ للإفراج عنه بكفالة وقرر أن ثمة خطراً من هروبه. ما الذي حدث بعد ذلك؟ في البداية سيعود محاموه الى المحكمة الأسبوع المقبل لمحاولة اطلاق سراحه بكفالة مشروطة. وفي نهاية الأمر ستكون هناك جلسة محكمة لترحيله الى السويد، حيث سيقوم القضاء السويدي بعرض الدليل لمحاكمة أسانغ. ما الفترة الزمنية التي ستستمر فيها الإجراءات القضائية؟ يستعد الفريق القضائي لأسانغ لتحدي قرار الترحيل في المحكمة العليا في لندن. واذا خسر القضية يمكنه حملها الى المحكمة العليا، وهي عملية يمكن ان تستغرق أشهراً عدة. |
وكانت كل وثيقة نشرها «ويكيليكس» قد تمت دراستها بعناية لضمان اهتمام العامة بها كثيراً عند نشرها. ومن ضمن 250 ألف وثيقة أفرج عنها الموقع، لم يتم نشر الا نحو 1000 منها، وأي من هذه المعلومات تحمل اسماء يمكن أن تتعرض للخطر كانت تتم إزالتها. والمعلومات التي تم نشرها تغطي مناطق، تقوم حكوماتنا بتحدي إرادة مواطنيها.
وفي ما يلي بعض الأمثلة: كانت حكومة الرئيس باراك اوباما تنكر انها وسعت الحرب الحالية الى دولة اخرى هي اليمن. ولكننا نعرف الآن ان هذه مجرد كذبة، ويقدر خبير مكافحة الإرهاب ديفيد كالكولين، الذي ظل مستشاراً للجنرال بيترايوس حتى وقت قريب، انه امام كل جهادي يقتل في قصف اليمن فإنه يموت 50 آخرون من الأبرياء، وكيف يمكن ان تكون ردة فعلنا اذا كان ذلك يحدث في بريطانيا، ما عدد الذين سيصابون بالجنون منا ويصرون على القتال والدفاع، حتى ضد نساء واطفال الطرف الآخر؟ وفي حقيقة الأمر فإن عمليات القصف التي تهدف الى القضاء عل الجهاديين مثل التدخين من أجل القضاء على سرطان الرئة، انه علاج من شأنه ان يفاقم المرض.
وأخبرتنا حكومتا الولايات المتحدة وبريطانيا بأنهما غزتا العراق لأنه كان يثير الرعب، وان الحكومة العراقية عذبت مواطنيها، كما ذكر توني بلير مراراً وتكراراً أن «غرف تعذيب صدام حسين » هي التي دفعته الى الحرب. ومع ذلك فإن هذه الوثائق المتسربة تظهر انه حالما تصبح حكومتنا في السلطة، فإن سياسة الحرق والصدمات الكهربائية والاغتصاب، تبدأ من جديد.
لقد وُلد التطرف في غرف التعذيب في مصر في خمسينات القرن الماضي، حدث الكثير منه في غرف التعذيب في بغداد بعد عام .2003 وقد انفجر بعضه في شوارعنا، وكانت محاولة التفجير في مطار غلاسكو من قبل عراقي قال انهم كانوا يقاومون استخدام التعذيب في بلدهم . وسيكون هناك المزيد.
وتكشف الوثائق كيف ان هذا المصاب والغضب القاتل انتشر عبر العالم الإسلامي بينما ننشر الأكاذيب عنه. وهذا مثال واحد فقط: قصف الجنود الأميركيون قرية افغانية تدعى «عزيز آباد» وقتلوا 95 شخصاً، منهم 50 من الأطفال.
ولم يكن اي منهم من «القاعدة» او حتى من «طالبان». وأدركوا ما اقترفت أيديهم، ومع ذلك أصروا على القول انهم قتلوا مسلحين واتهموا قرويين أفغاناً محليين بأنهم «لفقوا أدلة لجعل الأمر يبدو مجزرة في المدنيين».
وكشف موقع «ويكيليكس» عن أن حكوماتنا تعرف دولاً تدعم الإرهاب، ولكنهم يواصلون التعامل معها لأنها من حلفائهم. وأظهر أيضاً احتقار حكوماتنا المرعب للديمقراطية ايضا. وعندما تم اختطاف رئيس الهندوراس مانويل زيلاي من قبل يمينيين متطرفين، لأنه رفع الحد الأدنى للأجور وأعاد توزيع الثروة على الفقراء، أكدت السفارة الأميركية سراً أن ذلك كان «غير شرعي»، ولكن الإدارة الأميركية لم تعلن ذلك على الملأ وإنما حثت الحكم العسكري على المصالحة، مع ان دبلوماسييها قالوا ان ذلك غير شرعي.
واما بالنسبة للسياسيين البريطانيين، فان الوثائق المنشورة قدمت صفعة على الوجه كانوا في حاجة إليها منذ أمد بعيد. وتقوم حكومات متعاقبة من مختلف الأحزاب بدعم السياسات الأميركية لأنهم يعتقدون ان لنا نفوذاً على الأميركيين، ولكن هذه الوثائق المنشورة تظهر ان الأخيرين يضحكون على البريطانيين وعلى تملقهم.
ويرفض معظم الناس في الولايات المتحدة وبريطانيا هذه السياسات، ونحن في الواقع افضل من سياسيينا، ولكن يمكننا ان نوقفهم عند حدهم، ونوقف الخطر الذي يسببونه للأبرياء في جميع انحاء العالم، بما فيها الولايات المتحدة .وتمكن أسانغ من أن يجعل ذلك ممكناً، وإن كان ذلك ينطوي على خطر كبير على حريته وحياته. وبناء عليه فإنها خطوة تعزز أمننا القومي. وبالطبع هناك من يقول ان «يديه ملطختان بالدماء»، ولكن ما الدليل على ذلك؟ فقد انقضت اشهر عدة الآن منذ ان تم نشر الوثائق الأولى وليس هناك شخص واحد تعرض للتهديد نتيجة لنشر هذه الوثائق. باستثناء أسانغ نفسه، الذي يحرض على قتله العديد من السياسيين الأميركيين.
ثمة مفارقة قذرة عندما ترى أشخاصاً يقصفون الأبرياء ويقتلونهم كل يوم، ويصفون شخصاً لم يلمس أسلحة طيلة حياته بأنه «ملطخ بالدماء».
وبالطبع، فإن أسانغ يمكن ان يكون قد فعل هذا الأمر الجيد والنبيل ويكون قد ارتكب فعل الاغتصاب. ولا اعتقد رفض أي تهمة اغتصاب تدعيها اي امرأة، وفي أي ظرف. وكان الرئيس الأميركي بيل كلينتون ضحية حملة تلطيخ قام بها اليمين، والعديد منا رفض تهم الاعتداء الجنسي الموجهة ضده. ونحن نعرف ان المخابرات المركزية الأميركية تتسم بتاريخ طويل من تلطيخ الأشخاص الذين يحاولون الوقوف في وجه الولايات المتحدة، وهناك فرصة قوية ان تكون هذه الحملة ضد أسانغ، واحدة اخرى من قضاياها.
هناك فرصة جديدة لديهم، ان يتحول العديد من الأشخاص الرائعين الى مغتصبين، وهناك فرصة ان يكون أسانغ في مقدمتهم. وهذا يجب اكتشافه في المحاكم القانونية، وتجب مراقبة المحكمة بحذر للتأكد انها ليست بدوافع تهديد او رشوة. وبغض النظر عما سيكون الحكم، فإننا لن ننسى الحقائق العظيمة التي قدمها لنا جوليان أسانغ .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news