صورة وظلال
هولبروك: محارب مخضرم من أجل قوة أميركا
غيب الموت عن عالمنا الموفد الأميركي الخاص إلى باكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك، المولود في نيويورك في ابريل ،1941 أحد الدبلوماسيين الأميركيين المخضرمين والأكثر خبرة، الذي ينسب إليه إنقاذ عشرات آلاف الأرواح من خلال مهمات السلام التي قام بها سواء في فيتنام أو البلقان أو باكستان وأفغانستان، وذلك بعد ثلاثة أيام من إصابته بأزمة قلبية قبل إكمال مهمته الأخيرة التي اتسمت بالصعوبة الواضحة.
وهاجرت أسرته اليهودية من روسيا إلى الأرجنتين عام 1933 قبل قدومها الى الولايات المتحدة، وبعد تخرجه في جامعة براون 1962 التحق بكلية وردو ولسون للخدمة والشؤون العامة الدولية في جامعة برنستون. ورغم مضي أكثر من 15 عاماً على مهمته في البلقان، فإن المراقبين لم ينسوا أو يتجاهلوا ما بذله هذا الرجل المتعدد المواهب والمهن من جهود على مدى سنوات لوقف الحرب التي مزقت يوغوسلافيا السابقة، من خلال اتفاقات دايتون للسلام وظلت مستعرة في البوسنة والهرسك لفترة قبل إخمادها، وقد وصف الرئيس الأميركي باراك أوباما هولبروك - الذي عمل مساعداً لوزير الخارجية لشؤون أوروبا وكندا، وسفيراً في ألمانيا، ثم مساعداً لوزير الخارجية لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادي، ومندوباً دائماً لدى الأمم المتحدة - بأنه عملاق للسياسة الخارجية الأميركية جعل أميركا أكثر قوة وأماناً واحتراماً، وقال إن «التقدم الذي احرزناه في افغانستان وباكستان يعود الى حد كبير إلى الجهود التي قام بها هولبروك بلا كلل».
وطبقاً لمسؤولين في ادارة كلينتون، فإن هولبروك كان مرشحاً بقوة لخلافة وارن كريستوفر وزير الخارجية، الذي استقال في نهاية الولاية الرئاسية الأولى لكلينتون، لكن الأخير فاجأ كثيرين باختيار مادلين أولبرايت.
وقد أسندت الى هولبروك، الذي التحق بسلك الخدمة العامة والعمل الحكومي عام 1962 مهمات عدة، منذ عهد الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون في بداية سبعينات القرن الماضي، ثم استمرت في إدارات من بعده جيمي كارتر ورونالد ريغان وجورج بوش الأب وبيل كلينتون، وصولاً الى جورج بوش الابن، إذ تقلب خلال مسيرته على مدى نصف قرن في العديد من الوظائف والمناصب. وخضع هولبروك، الذي كان يعاني متاعب صحية في القلب والشريان الأورطي، لعملية جراحية استمرت 20 ساعة، قبل أن يعاجله الموت وفي هذا الشأن قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إن اميركا فقدت واحداً من أبطالها وأشد المدافعين عنها وأكثرهم تفانياً في خدمتها.
وطبقاً لمصادر اميركية حسنة الاطلاع، فإن هولبروك، الذي كان يضع اللمسات الأخيرة على آخر تقرير له حول الوضع في افغانستان حينما باغته المرض، وأن اعضاء اسرته قالوا إن آخر كلمات تلفظ بها كانت «يجب عليكم وقف هذه الحرب في أفغانستان»، وذلك وفقاً لما أوردته «واشنطن بوست».
وقد قام هذا الرجل بمهمات عدة في حرب فيتنام في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وكان عضواً فاعلاً في الوفد الاميركي في مفاوضات باريس مع الفيتناميين الشماليين، التي انهت تلك الحرب، كما عمل مستشاراً في حملة السيناتور الديمقراطي جون كيري لانتخابات الرئاسة ،2004 ثم مستشاراً سياسياً رفيعاً في حملة هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأخيرة .2008 ورغم أنه محسوب على الديمقراطيين بشكل عام، فإن مراقبين كانوا يعتبرونه من الصقور الذين يميلون إلى العديد من أفكار المحافظين والجمهوريين، وفي مقدمتها تفوق أميركا وقوتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news