القذافي: لست رئيساً لأتنحّى ولم أستـخدم القوة بعد
أكد الزعيم الليبي معمر القذافي، أمس، أنه ليس رئيسا ليتنحى عن الحكم وسيقاتل حتى «آخر قطرة دم»، مهددا الليبيين باستخدام القوة التي قال إنه لم يستخدمها بعد، داعيا إلى تشكيل «شعبيات وبلديات جديدة» في جميع المدن والبلدات الليبية، بينما أعطى أوامره للجيش بالقضاء على الحركة الاحتجاجية، واتهم «أجهزة عربية شقيقة» بالوقوف وراء الاضطرابات، والمتظاهرين بـ«الهلوسة» والانقياد وراء أجندات خارجية، في وقت أكد فيه سكان طرابلس وقوع «مجزرة» في ضاحيتين من العاصمة، بالتزامن مع تصعيد في اللهجة ضد النظام الليبي، إذ طالبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوقف «حمام الدم غير المقبول» في ليبيا، بينما توالت الإدانات العربية والدولية.
العطية: الشعب الليبي يتعرض لإبادة قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبدالرحمن العطية، أمس، إن الشعب الليبي «يتعرض لإبادة» من قبل النظام، ودعا الى «وقفة» عربية واسلامية وعالمية عاجلة لنصرة هذا الشعب. وشجب العطية، في بيان نشرته وكالات الأنباء الخليجية، «بشدة» اعمال العنف التي يرتكبها النظام الليبي حاليا ضد ابناء الشعب الليبي الأعزل، معتبرا انها اعمال«تفتقر الى ابسط القيم الانسانية وتتنافى مع الكرامة وحقوق الانسان». ودعا العطية الى «وقفة عربية وإسلامية ودولية عاجلة لمناصرة الشعب الليبي الذي يتعرض لعملية ابادة حقيقية»، وناشد المجتمع الدولي «إدانة تلك الأعمال المرفوضة جملة وتفصيلاً من اجل انقاذ ما يمكن انقاذه من خلال بلورة موقف يضع حدا لمثل هذه الانتهاكات البشعة». الدوحة ــ أ.ف.ب |
ورفض القذافي في كلمته التي ألقاها من منزله في باب العزيزية الذي تعرض لقصف اميركي في الثمانينات رفضا قاطعا احتمال تنحيه وقال وهو شديد العصبية «لو كنت رئيسا لرميت استقالتي في وجوهكم لكن عندي بندقيتي وسأقاتل حتى اخر قطرة من دمي».
وأكد انه لن يغادر ليبيا تحت ضغط الشارع كما فعل رؤساء آخرون، في اشارة الى الرئيسين التونسي زين العابدين بن علي والمصري حسني مبارك، مؤكدا انه سيموت «شهيدا في ارض اجداده».
وقال القذافي «أنا ليس لدي اي سلطة اليوم والسلطة تركناها للشعب منذ العام 1977»، في اشارة الى تشكيل اللجان الشعبية. ودعا الشعب الليبي الى تشكيل شعبيات وبلديات جديدة، في جميع المدن والبلدات الليبية.
وقال ان «الشعبيات الجديدة ستشكل بلديات للادارة المحلية، أتوقع ان يكون عددها من 50 الى 150 بلدية».
ولوح القذافي باستخدام القوة ضد المحتجين، وقال «أعطيت أوامر الى الضباط الاحرار للقضاء على الجرذان»، في اشارة الى المتمردين.
وأضاف مخاطبا الليبيين وبدا شديد العصبية «اخرجوا من بيوتكم الى الشوارع غدا، انتم يا من تحبون معمر القذافي، معمر المجد والعزة، واقضوا على الجرذان». وقال «لم نستخدم القوة بعد، وإذا تطورت الامور سنستخدمها وفق القانون الدولي والدستور الليبي»، وتلا مواد من الدستور والقانون الليبيين تعاقب بالاعدام من يقوم بأعمال مخلة بالامن.
ودعا الى تشكيل «لجان الامن الشعبي في المدن لحفظ الامن»، واعتبر انها ستكون «لجان الدفاع عن الثورة وعن كل مكتسبات الثورة في كل المدن الليبية».
وأضاف مخاطبا انصاره «أنتم ملايين امسكوهم في الشوارع وأعيدوا السلطة الشعبية وأعيدوا الامن» الى البلاد.
وهدد القذافي المتظاهرين برد شبيه بقصف الجيش الروسي للبرلمان في موسكو اثناء وجود النواب بداخله خلال الفترة الانتقالية بين تفكك الاتحاد السوفييتي ونشوء دولة روسيا في مطلع التسعينات، وبسحق الصين لحركة تيان انمين في بكين في أواخر الثمانينات والقصف الاميركي للفلوجة في العراق.
وكال القذافي النعوت للمحتجين واصفا إياهم بـ«الجرذان وشذاذ الافاق ومدمني المخدرات».
واتهم القذافي «أجهزة عربية شقيقة» بالوقوف وراء الاضطرابات التي تشهدها بلاده، وقال ان «أجهزة عربية للاسف شقيقة تغركم وتخونكم وتقدم صورتكم بشكل مسيء»، واصفا اياها بـ«اجهزة الخيانة والعمالة والرجعية والجبن».
إلى ذلك دعا القذافي أنصاره من «الملايين الى تطهير ليبيا شبرا شبرا»، إذا لم تتوقف حركة الاحتجاجات.
وقال مهددا «سنعلن الزحف المقدس وسنوجه نداء الى الملايين من الصحراء الى الصحراء، وسنزحف عليهم بالملايين لتطهير ليبيا بيتا بيتا وشبرا شبرا ودارا دارا وزنقة زنقة». وطالب المتمردين بـ«تسليم الاسلحة وإطلاق سراح الاسرى والقبض على المشاغبين وإعادة الحياة الطبيعية في الموانئ والمطارات».
وكان سكان في طرابلس تحدثوا، مساء أول من أمس، عن وقوع «مجزرة» في ضاحيتي فشلوم وتاجوراء في طرابلس، حيث تم اطلاق النار عشوائيا على السكان ما ادى الى وقوع قتلى من بينهم نساء.
وقال أحد سكان تاجوراء إن ما حدث أمس في تاجوراء «مجرزة»، وأكد أن مسلحين أطلقوا النار عشوائيا، وهناك نساء بين القتلى». وقال شاهد آخر في ضاحية فشلوم إن مروحيات عسكرية حلقت في أجواء تلك المنطقة، وانزلت مرتزقة أفارقة مسلحين كانوا يطلقون النار على الموجودين في الشوارع، مشيرا إلى سقوط عدد كبير من القتلى.
وفي القاهرة، تعقد الجامعة العربية اجتماعا على مستوى السفراء لبحث الوضع في ليبيا.
في سياق متصل، حذرت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، نافي بيلاي، أمس، من أن ما ترتكبه السلطات الليبية من «هجمات منظمة ضد السكان المدنيين يمكن اعتباره جرائم ضد الانسانية»، مطالبة بفتح «تحقيق دولي مستقل» حول هذه الارتكابات.
وقالت بيلاي في بيان «على السلطات أن توقف فورا اعمال العنف غير المشروعة التي ترتكبها ضد المتظاهرين»، مؤكدة أن الاعتداءات المنظمة ضد السكان المدنيين يمكن اعتبارها «جرائم ضد الانسانية».
وطالبت بفتح تحقيق دولي مستقل حول هذه الارتكابات وبـ«الوقف الفوري» للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات الليبية. وأضافت أن «الوحشية التي تطلق بها السلطات الليبية ومرتزقتها الرصاص الحي على متظاهرين سلميين، غير مقبولة».
وفيما لم تتأكد المعلومات عن استخدام الطيران في قمع المحتجين، تواصل قمع المتظاهرين وذلك بعد تحذير سيف الإسلام القذافي نجل العقيد القذافي من «حمام دم» ستشهده البلاد اذا ما استمرت الاحتجاجات.
وتواصلت ردود الفعل الدولية لمطالبة ليبيا بالاستماع الى مطالب الشعب.
وصعدت الولايات المتحدة من لهجتها ضد النظام الليبي، اذ طالبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بوقف «حمام الدم غير المقبول» في ليبيا، وقالت ان العالم يتابع الاخبار الواردة منها بـ«ارتياع». وقالت كلينتون في بيان ان «العالم يتابع الاخبار من الواردة من ليبيا بارتياع» وان الولايات المتحدة «تشارك الاسرة الدولية في ادانتها الحازمة للعنف» في هذا البلد. وحذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، ليبيا من مغبة ارتكاب «خطأ» تجاهل مطالب الديمقراطية والحرية التي يطالب بها شعبها.
ودان الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي اكمل الدين احسان اوغلو «القمع والترويع» واستخدام «القوة المفرطة في ليبيا» ما اسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى، داعياً السلطات الى الكف عن «استهداف» الليبيين. كما أكد الأردن رفضه استهداف المدنيين في ليبيا، داعياً الى «وقف اراقة دماء ابناء الشعب الليبي فورا».
وفي بروكسل شدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة أن يوقف الجيش الليبي إطلاق النار على مواطنيه في حملة صارمة «وحشية» و«غير متكافئة».
إيران تحمّل القذافي مسؤولية الحفاظ على موسى الصدر حمّلت إيران، أمس، الزعيم الليبي معمر القذافي مسؤولية الحفاظ على حياة رئيس المجلس الإسلامي الشيعي السابق في لبنان الإمام موسى الصدر، الذي اختفى في ليبيا في العام .1979 ونسبت وكالة «مهر» للانباء الى مستشار رئيس الجمهورية وسفير ايران في دمشق ومسؤول لجنة متابعة مصير الإمام ورفيقيه، قوله انه يحمّل العقيد معمر القذافي «مسؤولية الحفاظ على سلامة الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين» الذين اختفوا في ليبيا. وأضاف موسوي «نؤكد أن الإمام موسى الصدر ورفيقيه لايزالون أحياء في ليبيا، ونحمل القذافي كامل المسؤولية بهذ الشأن». وأوضح أنه «على ضوء التطورات الجارية في ليبيا وما تتناقله وسائل الإعلام عن قصف عنيف بالطائرات المقاتلة للمناطق المدنية، فإننا إذ نعبر عن قلقنا البالغ حيال سلامة الإمام ورفيقيه، ندعو الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) إلى التدخل لإطلاق سراحهم». وناشد «أبناء الشعب الليبي الأبي بالإبلاغ عن أي معلومة تساعد في الإفراج عن هؤلاء الذين تم إختطافهم وتغييبهم منذ نحو ثلاثة عقود». طهران ــ يو.بي.آي |