المعارضة تستعد لمعركة طرابلــس.. والعقوبات تحاصر القذافي
استمرت المواجهة في ليبيا، أمس، حيث لم يضعف تصميم معارضي الزعيم الليبي معمر القذافي على الاطاحة به، في الوقت الذي لايزال فيه القذافي يسيطر على العاصمة طرابلس. وفي المستوى الدبلوماسي اشتد الضغط الدولي في اليوم الـ12 للانتفاضة على النظام، بين عقوبات اميركية وتشديد من مجلس الامن واوروبا لاصدار عقوبات اشد، وسط حديث عن جرائم ضد الانسانية، في حين قال رئيس الوزراء الايطالي، سيلفيو برلسكوني، ان القذافي لم يعد يسيطر على الوضع في ليبيا.
وفيما سيطرت المعارضة الليبية المسلحة على المنطقة الشرقية، حيث توجد مواقع نفطية، وبدات تقيم ادارة جديدة، استمر مجدداً اطلاق نار في بعض احياء العاصمة طرابلس. وقال احد السكان في اتصال هاتفي ان التيار الكهربائي انقطع مساء الجمعة ولم يستأنف، مضيفاً «انهم (كتائب القذافي) يعدون لهجوم».
إيطاليا تعلّق معاهدة الصداقة مع ليبيا أعلن وزير الدفاع الإيطالي، إنياتسيو لا روسا، أمس، التعليق العملي لمعاهدة الصداقة الإيطالية الليبية. ونقلت وكالة الأنباء الإيطالية «آكي» عن لا روسا قوله في تصريحات للصحافيين في مدينة ليفورنو، ان المعاهدة قد علقت عملياً. وأوضح انه «على سبيل المثال بات رجال حرس المالية الذين كانوا مكلفين بدوريات المراقبة لسواحل ليبيا، في مقر سفارتنا» بطرابلس. إلاّ أنه لفت إلى أنه «من المحتمل أن يأتي العديد من المهاجرين غير الأوروبيين إلى ايطاليا عبر ليبيا، أي أكثر بكثير مما كان عليه الوضع قبل ابرام المعاهدة». وأشار إلى أنه «لا يمكن تخيل ذلك النوع من الأنانية من جانب شمال أوروبا إزاء جنوبها، أي أن تترك إيطاليا وحدها» في مواجهة ملف الهجرة غير الشرعية. وكان لا روسا حذر من ان إلغاء المعاهدة الإيطالية الليبية سيلحق الضرر بالايطاليين. روما ــ يو.بي.آي تشاد تنفي وجود مرتزقة في ليبيا نفت تشاد في بيان لوزارة الخارجية، وجود مرتزقة تشاديين في ليبيا قد يكونون يشاركون في قمع المتظاهرين الى جانب القوات المسلحة الليبية. وقال البيان ان التشاديين المقيمين في ليبيا لم يتدخلوا لا من قريب ولا من بعيد في الأحداث المؤلمة التي تعيشها ليبيا. وطلبت الوزارة من مواطنيها الذين عاشوا دائما في سلام في ليبيا، الامتناع عن القيام بأي عمل يمكن ان يخل بالأمن. واشار عدد من وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة، الى وجود مرتزقة اجانب في ليبيا. أنجمينا ــ أ.ف.ب |
لكن في احياء اخرى من العاصمة لم تنقطع الكهرباء وساد الهدوء، على ما افاد مراسل «فرانس برس». واغلقت الفنادق الفخمة في العاصمة أبوابها او أجلت موظفيها.
وعلى بعد 1000 كلم الى الشرق تواصل المعارضة تنظيم صفوفها لاقتحام طرابلس. وقال المتحدث باسم «تحالف ثورة 17 فبراير» عبدالحفيظ غوقة لوكالة فرانس برس: «نحن ننسق عمل لجان المدن المحررة وفي مصراتة. وننتظر ان تحسم طرابلس الامر مع نظام القذافي وابنائه، ثم سنبدا العمل على تشكيل حكومة انتقالية». واضاف «هناك متطوعون يقصدون يومياً طرابلس للقتال»، مشيراً الى انشقاق ضباط جدد وانضمامهم الى القوى المعارضة للنظام.
وقالت منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان، امس، إن قوات الأمن الليبية والموالين للحكومة هاجموا المحتجين الذين يحاولون السيطرة على مدينة الزاوية ، حيث يقيم القذافي، ويقاتل للحفاظ على مقاليد السلطة في يده.
من جهته، قال نجل العقيد، سيف الإسلام القذافي، في مؤتمر صحافي عالمي عقده مساء اول من أمس بطرابلس: «نحن مطمئنون تماماً لعودة سيطرة الدولة على مدن في شرق البلاد شهدت احتجاجات خلال الأحداث الجارية حالياً». وشدد على أن قواته تكبح النيران في قتال غرب ليبيا، وأعرب عن أمله في التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار من خلال التفاوض. وقال سيف الاسلام انه لا توجد اعمال عنف خارج مدينتين تقع في غرب البلاد، ووصف تقارير وسائل الاعلام بان قوات الجيش قصفت المدنيين او تستخدم مرتزقة بانها اكاذيب. واضاف «اننا نضحك على هذه التقارير.. وبصرف النظر عن مصراتة والزاوية كل شيء هاديء.. المفاوضات جارية ونحن متفائلون. وفي مصراتة وفي الزاوية لدينا مشكلة ونتعامل معها». واطلق مرتزقة على متن مروحية النار على متظاهرين في مصراتة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، وقع الرئيس الاميركي، باراك اوباما، مرسوماً جمد بمقتضاه اصول وممتلكات العقيد القذافي واربعة من ابنائه في الولايات المتحدة.
واعتبر اوباما ان نظام معمر القذافي انتهك القوانين الدولية وابسط القواعد الاخلاقية، ولابد من تحميله المسؤولية. وقال اوباما في بيان: «هذه العقوبات تستهدف حكومة القذافي في الوقت الذي تحمي فيه الاصول المملوكة للشعب الليبي»، واضاف «بأي مقياس حكومة معمر القذافي خرقت المعايير الدولية والاداب العامة ولابد من محاسبتها». وتتضمن العقوبات ملحقاً يورد تحديداً اسماء القذافي وابنائه الاربعة المستهدفين، لكنه لا يذكر اسم اي مسؤول ليبي، ما يشير الى سعي واشنطن الى حض كبار المسؤولين في الطبقة الحاكمة في طرابلس على التخلي عن الزعيم الليبي. غير ان الادارة الاميركية احتفظت بامكانية اضافة اسماء مسؤولين ليبيين اخرين قد يتم استهدافهم لاحقاً. من جهته، اعلن المتحدث باسم الخارجية الاميركية، فيليب كراولي، ان «واشنطن سحبت بطريقة مؤقتة طاقمها الدبلوماسي بسبب ظروف الامن السائدة في ليبيا، وبسبب عجزنا عن ضمان امن وسلامة افراد طاقمنا الدبلوماسي في البلاد بصورة كاملة». واوضحت في وقت لاحق، مساعدة وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط، جانيت ساندرسون، ان السفارة لم تقفل بالكامل. وقالت: «نواصل الاتصال بالليبيين عندما يكون الامر ملائماً إن مباشرة او عبر وسطاء».
واستأنف مجلس الامن الدولي مشاوراته، ويقترح مشروع قرار عقوبات على ليبيا، منها حظر على الاسلحة وعلى سفر العقيد القذافي، وتجميد الاصول التي يملكها، على ما افاد دبلوماسيون. واعلن الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، عقب الاجتماع الاخير لمجلس الامن، ان المجلس سيتخذ في اقرب وقت اجراءات حاسمة. واوضح دبلوماسيون ان مشروع القرار يحذر معمر القذافي من ان اعمال العنف قد تعتبر جرائم ضد الانسانية. ولايزال من الصعب تحديد حصيلة أعمال العنف. وأشار الامين العام للامم المتحدة الى نحو 1000 قتيل. وقال ان «ثمة مواجهات يومية في ثلاث مدن على الاقل قرب طرابلس. الناس لا يمكنهم مغادرة منازلهم خشية ان تقتلهم القوات الحكومية او الميليشيات». واشار الى ان انصار العقيد القذافي قاموا بعمليات بحث منزلاً منزلاً. وبحسب بعض المعلومات فقد توجهوا الى المستشفيات لقتل المعارضين الجرحى. وتطلب مسودة قرار مجلس الامن رفع ملف الازمة الليبية الى المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت بريطانيا، امس، إن رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، وزعماء أوروبيين اخرين اتفقوا على ضرورة اتخاذ الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي اجراءً عاجلا للتعامل مع الازمة الليبية، بما في ذلك عقوبات صارمة. وقال مكتب كاميرون ان رئيس الوزراء تحدث بشكل منفصل مع المستشارة الالمانية، أنغيلا ميركل، ورئيس الوزراء الايطالي، سيلفيو برلسكوني، ورئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، خلال الـ24 ساعة الماضية عن ليبيا.
من جانبها وضعت فرنسا امس ارصدة القذافي قيد المراقبة.
من جهته، قال برلسكوني أقوى حليف أوروبي للزعيم الليبي، أمس، إن القذافي لم يعد على ما يبدو يسيطر على ليبيا. وأضاف في اجتماع سياسي في روما «يمكننا اذا ما اتفقنا جميعاً وضع حد لحمّام الدم ودعم الشعب الليبي». وشدد من جهة اخرى على خطر قيام وضع انساني طارئ يحتم اغاثة عشرات آلاف الاشخاص.