واشنطن ترى أن العقيد الليبي يعيش في الأوهام.. وموسكو تعتبره ميتاً سياسياً وتــــــــطالبه بالرحيل
القذافي يحشد قواته.. والمعارضة تــــشكّل مجلساً عسكرياً في بنغازي
نشر الزعيم الليبي معمر القذافي، امس، قوات جيشه في منطقة قريبة من الحدود الغربية، في تحد للضغوط العسكرية الدولية من اجل رحيله، وبينها فكرة فرض منطقة حظر جوي، مع سيطرة المعارضة على مناطق حقول النفط واعلانها تشكيل مجلس عسكري في بنغازي. وفيما رأت واشنطن ان تصريحات القذافي تدل على انه يعيش في الأوهام، قال الكرملين ان العقيد ميت سياسياً وعليه مغادرة السلطة.
وبعد 12 ساعة فقط من قول الولايات المتحدة انها تحرك سفنا حربية وقوات جوية الى مناطق اكثر قرباً من ليبيا، عادت قوات القذافي لتثبت وجودها، أمس، في معبر «ذهيبة» الحدودي، وزينت موقعها بالأعلام الليبية. وقال صحافيون في الجانب التونسي من الحدود، ان وحدات من الجيش الليبي ظهرت واعلنت ان الحدود مغلقة، وشاهدوا عربات للجيش الليبي وجنودا يحملون بنادق كلاشينكوف. ويخشى سكان «نالوت» من ان تستعد القوات الموالية للقذافي لشن هجوم لاستعادة السيطرة على البلدة، الواقعة على بعد 60 كيلومتراً من الحدود التونسية، من المحتجين.
السخرية من القذافيتنتشر شرق ليبيا تجتاح شرق ليبيا، الذي روعه الحكم القمعي للعقيد معمر القذافي طوال اربعة عقود، رسوم ساخرة ونكات عنه لمساعدة الناس على التخلص من سطوته الشخصية والخوف الشديد من جهازه الأمني. ففي بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية يصور رسم ساخر على جدران مبنى حكومي الزعيم الليبي على انه «سوبر لص» مرتدياً زي سوبرمان الشهير وعلى صدره علامة الدولار، بدلا من حرف «اس» المميز لشخصية سوبرمان، ويصور رسم اخر القذافي داخل سلة قمامة مكتوب عليها «التاريخ». وفي بنغازي وضع شاب شعراً مستعاراً يشبه شعر القذافي ونظارة شمسية وأمسك بمظلة راكباً شاحنة مفتوحة تجول بها في الشوارع مما جعل الحركة المرورية تتوقف تقريباً لأن المواطنين كانوا يتوقفون ليضحكوا وكان البعض الآخر يطلق أبواق السيارات. وفي الأسبوع المنصرم جاب بعض المحتجين الشوارع حاملين دمية للقذافي تشبه القرد، وتحمل مظلة ودمية أخرى للقذافي تشبه الجرذ داخل قفص، وذلك بعد أن وصف القذافي معارضيه بالجرذان. وفي مبنى حكومي محترق يضع نشطاء مناهضون للقذافي رسماً ساخراً تلو الآخر. وهناك كلام كتب على جدار في محكمة ببنغازي يطالب القذافي بأن يخجل من نفسه وأن يسلم نفسه الى المجلس الوطني «للحلاقين». بنغازي ــ رويترز |
وأعلنت واشنطن انها تحرك سفناً وطائرات الى مناطق أكثر قرباً من ليبيا، وانها تعمل على وضع خطط طارئة تشمل مساعدات انسانية. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ان حكومته ستعمل لإعلان منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا لحماية الشعب من هجمات قوات القذافي.
وناقشت الولايات المتحدة وحكومات اجنبية اخرى خيارات عسكرية للتعامل مع ليبيا بينما سخر القذافي من التهديد الذي تشكله الانتفاضة الشعبية على حكومته. وبدا القذافي (68 عاماً) متمالكا اعصابه بل ضحك مرات عدة خلال المقابلة التي اجريت معه في مطعم على ساحل طرابلس. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن القذافي قوله انه يتحدى الذين يتحدثون عن وجود اموال له في الخارج. وقال انه سيضع اصبعيه في عيني من يقول ذلك. ودعا القذافي الأمم المتحدة او اي منظمة اخرى الى ارسال بعثة لتقصي الحقائق في ليبيا. ورداً على سؤال حول ما اذا كان يشعر بخيانة الولايات المتحدة له، اجاب القذافي حسب «بي بي سي» «فوجئت انه كنا في حلف مع الغرب لمحاربة (القاعدة) وانه تخلى عنا الآن ونحن نحارب ارهابيين».
ورأى القذافي في المقابلة نفسها ان الرئيس الاميركي باراك اوباما هو رجل جيد لكنه ضحية تضليل. وقال ان التصريحات التي سمعتها منه يجب ان تصدر عن شخص اخر. واكد ان اميركا ليست شرطي العالم. وقال مراسل الـ«بي بي سي» جيريمي باون، ان المقابلة اجريت في احد مطاعم طرابلس مؤكداً ان القذافي بدا مرتاحاً خلالها.
واعتبرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، سوزان رايس، ان القذافي واهم في تصريحاته بشأن المحبة التي قال ان شعبه يكنها له. وقالت رايس للصحافيين الذين شاركوا لتوهم في لقاء بين اوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في البيت الأبيض «بصراحة يبدو لي (القذافي) واهماً، عندما يتحدث ويضحك في الوقت نفسه الذي يرتكب فيه مجازر بحق شعبه». وقالت رايس ايضا هذا يظهر الى اي حد ليس مؤهلاً ليحكم وإلى اي حد هو بعيد عن الواقع.
واعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ان وضع القذافي يزداد سوءاً، لكنه مازال محاطاً بحلفاء لا ينقلبون عليه.
وقال قائد المنطقة الأميركية الوسطى التي تقع ليبيا في اطارها، الجنرال جيمس ماتيس، في كلمة ألقاها امام احدى لجان مجلس الشيوخ أمس، ان اقامة منطقة حظر جوي لحماية السكان من تجاوزات نظام القذافي، تتطلب القيام قبل ذلك بتدمير الدفاعات الجوية الليبية. ونقلت وكالة الانباء الروسية «انترفاكس» أمس، عن مصدر في الكرملين، ان القذافي ميت سياسياً، ولا مكان له في العالم المتحضر، وعليه مغادرة السلطة.
واضاف المصدر «نعتبر انه حتى لو تمكن القذافي من السيطرة على الوضع، فهو ميت سياسياً ولا مكان له في العالم المتحضر». وهذه هي المرة الأولى التي تدعو فيها روسيا الزعيم الليبي الى الرحيل عن السلطة.
وفي اليوم الـ15 للانتفاضة لم يعد القذافي وقواته يسيطرون الا على طرابلس ومنطقتها. لكن المعارضة لم تعد تتردد في تحدي السلطة في ضواحي العاصمة، وتستعد المعارضة المتمركزة في بنغازي لمسيرة نحو طرابلس، واكد المفوض الأوروبي لشؤون الطاقة غونتر اوتنغر، ان معظم حقول النفط في البلاد باتت تحت سيطرة قبائل وقوات تسلمت السلطة. وفي هذا الاطار اعلن مسؤول في اللجنة المحلية المعارضة في مدينة طبرق لوكالة «فرانس برس» ان المعارضة الليبية تستعد للاشراف على استئناف تصدير النفط من شرق ليبيا عبر تعبئة ناقلة نفط متوجهة الى الصين.
وستكون هذه اول شحنة من النفط الخام تخرج من ليبيا منذ 19 فبراير، اي بعد ان بدأت قوات الأمن الليبية حملة قمع ضد الاحتجاجات في شرق ليبيا.
وسيطرت المعارضة على شركة الخليج العربي للنفط منذ استقالة رئيسها عبدالونيس سعد المرتجع، طبقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال».
واعلنت حركة الاحتجاج الليبية، أمس، انشاء مجلس عسكري في بنغازي، ليكون نواة لجيش تسعى المعارضة الى نشره في المدن الأخرى التي تسيطر عليها في الشرق والغرب. وقالت مسؤولة المعارضة في بنغازي سلوى بوغايغي «تم تشكيل مجلس عسكري الليلة قبل الماضية». ولم تحدد بعد قائمة اعضاء هذا المجلس الا ان اللواء عبدالفتاح يونس، وهو وزير سابق للعقيد انضم الى المعارضة، لا يشارك في هذا المجلس. وسيقوم هذا المجلس بالتواصل مع التنظيمات المشابهة في المدن الأخرى المحررة. ويسعى العسكريون في بنغازي الى تقديم النصح للمحتجين في الغرب بشأن طرق مقاومة قوات القذافي.
على الأرض، ذكرت مصادر في بنغازي ان غارات جوية للقوات الموالية للزعيم الليبي استهدفت مخازن ذخيرة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في شرق ليبيا، الا ان السلطات الليبية نفت ذلك.
واعلنت المعارضة السيطرة على مدن عدة حول العاصمة وفي الغرب، بينها نالوت والزاوية. ويبدو ان مدينة مصراته الاستراتيجية اصبحت تحت سيطرة المعارضة.
وفي اطار تفكك الفريق المحيط بالزعيم الليبي، اعلنت صحيفة قورينا الليبية المعارضة، ان الزعيم الليبي اقال رئيس جهاز الاستخبارات العميد عبدالله السنوسي، وتولى مهامه بدلاً منه منصور ضوء القحصي، أحد الحراس الشخصيين للقذافي.
وفي طرابلس، المعقل الأخير للقذافي، قتل بضعة اشخاص وأصيب اخرون عندما فتحت القوات الموالية له النار لتفريق محتجين في حي تاجوراء. ونصب ناشطون مؤيدون للقذافي مراكز مراقبة في العاصمة ومحيطها، فيما يتم تقنين الخبز والوقود، كما قال احد السكان.
واستبدلت ليبيا بسفيرها في الولايات المتحدة الذي اعلن انشقاقه عن القذافي، دبلوماسياً اخر موالياً للنظام، بحسب معلومات وردت الى وزارة الخارجية الأميركية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news