قصف منشآت نفطية.. ومقتل ضباط كبار من قوات القذافي في الزاوية
ضيقت القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي، أمس، الخناق على المعارضة في مدينة الزاوية غرب البلاد، وحاصرتها بالدبابات والقناصة في الميدان الرئيس للمدينة، بعد مقتل أفراد من قوات القذافي من بينهم ضابطان أحدهما لواء والآخر عقيد بحسب قناة «الجزيرة». فيما قصفت بالمدفعية مناطق في الشرق الليبي، ومنشآت نفطية غرب مدينة رأس لانوف، بينما حلقت طائرة حربية في أجواء المدينة النفطية، في وقت اتهم فيه الزعيم الليبي المجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار بـ«الخيانة»، مؤكداً أن أعمال العنف التي تشهدها البلاد يقف خلفها تنظيم القاعدة، و«مؤامرة» غربية للاستيلاء على نفط البلاد، محذراً من أن الشعب الليبي كله سيقاتل في حال فرض حظر جوي، وأن انهيار الاستقرار في ليبيا سينعكس على أوروبا وعلى منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها إسرائيل.
وقال أحد السكان، ومقاتل من المعارضة المسلحة، إن قوات القذافي ضيقت الخناق على المعارضة في مدينة الزاوية غرب البلاد، وحاصرتهم بالدبابات والقناصة في الميدان الرئيس.
حاكم المصرف المركزي يظهربعد اختفائه منذ بداية الأزمة قالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أمس، إن حاكم مصرف ليبيا المركزي، فرحات عمر بن قدارة، الذي اختفى منذ بدء الانتفاضة الشعبية الليبية، ظهر أخيراً، وقال انه في اسطنبول، وإنه أبلغ بأنه تم تعيين وزير التخطيط والمالية عبدالحفيظ الزليطني حاكماً بالوكالة. وقالت الصحيفة انها تلقت رسالة إلكترونية من بن قدارة الثلاثاء، قال فيها انه أبلغ بأن الزليطني عيّن حاكماً للمصرف بالوكالة، مؤكداً انه في اسطنبول. إلاّ أنه أصرّ على أنه يقوم بعمله، وأنه من الأسهل فعل ذلك من الخارج بدلاً من طرابلس. غير ان بن قدارة لم يوضح في رسالته ما إذا كان لايزال موالياً للزعيم الليبي معمر القذافي، وقال انه سيستقيل بعد انتهاء الأزمة، وإنه عمل طوال الأسبوعين الماضيين على شرح موقف البنك المركزي، وتوضيح آثار الحملة الدولية لتجميد الأصول الليبية. وحذر من أن تجميد أصول البنك المركزي سيقود إلى كارثة إنسانية. وقال حراس أمنيون وموظفو استقبال في البنك المركزي، ان بن قدارة كان غائباً طوال الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ولكن مسؤولين قالوا انه كان في البلاد، ولكن خارج مكتبه. وكان مصرف «يوني كريديت» الإيطالي، الذي تملك ليبيا حصصاً فيه، ويشغل بن قدارة نائب رئيسه، قال انه استعاد الاتصال به بعد أسبوعين من محاولة العثور عليه، وقال دبلوماسي أوروبي انه سمع ان الحاكم كان في سويسرا، وإنه انشق عن النظام. يشار إلى أن بن قدارة الذي يحمل شهادة في العلوم الاقتصادية من جامعة شيفيلد في بريطانيا، يتحدر من عائلة في بنغازي، المدينة في شرق ليبيا التي أصبحت مركز الثورة، إلاّ أن شخصيات ليبية معارضة في الخارج قالت انه شديد الارتباط بالنظام، وانه في شبابه كان عضواً في اللجان الثورية التي كانت مهمتها قمع المنشقين. لندن ــ يو.بي.آي |
وقال مقاتل من المعارضة بالهاتف لـ«رويترز» من داخل الزاوية أقرب مدينة منشقة الى العاصمة طرابلس، «يمكننا رؤية الدبابات، الدبابات في كل مكان».
وقال أحد السكان «إنهم يحاصرون الميدان بالقناصة والدبابات، الوضع مخيف للغاية، هناك الكثير من القناصة».
وفي ظل تردد المجتمع الدولي بشأن كيفية الرد على الأزمة في ليبيا منع هجوم مضاد شنّه الموالون للقذافي تقدم المعارضة في الشرق، كما أدى الى تقطع السبل بآخرين في مدينتي الزاوية ومصراتة بالغرب.
وقال مقاتل يدعى إبراهيم من المعارضة الليبية المسلحة وأحد السكان، أمس، إن القوات الموالية للقذافي مسيطرة على الطريق الرئيس والضواحي. وأضاف أن المعارضة مازالت مسيطرة على الميدان، وان قوات القذافي على بعد نحو 1500 متر.
وأضاف إبراهيم أن قناصة من الجيش منتشرون فوق معظم المباني، ويطلقون النار على من يجرؤ على ترك منزله أياً كان.
وقال «إن العديد من القتلى سقطوا ولم يتسن حتى دفنهم، الزاوية باتت مهجورة ولا أحد في الشوارع، ولا حتى الحيوانات، ولا طيور في السماء».
وقال متحدث حكومي ان القوات مسيطرة على معظم أنحاء الزاوية. ومنع المراسلون الاجانب من دخول الزاوية على بعد 50 كيلومترا غربي طرابلس ومدن أخرى قرب العاصمة، من دون أن تتم مرافقتهم بشكل رسمي.
وفي الشرق الذي يسيطر المعارضون على معظمه، قصفت طائرات حربية مواقع للمقاتلين حول ميناء رأس لانوف.
وشنت طائرة مقاتلة هجوما على بعد نحو كيلومتر واحد من مصفاة النفط الواقعة عند مداخل راس لانوف، بحسب صحافي من «فرانس برس»، موجود في المكان، موجهة ضرباتها بين المصفاة والساحل.
وقبل ذلك بقليل، سمع صحافي من «فرانس برس» دوي انفجارات، ثم شاهد ألسنة لهب ترتفع في الجو فوق مصفاة السدرة، على بعد نحو خمسة كيلومترات غرب راس لانوف.
وبحسب شاهد عيان يدعى علي الاقوري يعمل في إحدى المنشآت النفطية في المنطقة، فإن خطاً لأنابيب النفط قد تضرر.
كما أكد احد القياديين الميدانيين، وقال انه العقيد مسعود محمد، للمراسلين، ان قوات القذافي في بن جواد تحتل الجامع والمدرسة. وتحدث عن وقوع أربع غارات جوية قرب بن جواد، أمس، ما أدى الى اصابة بعض الثوار بجروح، من دون أن يضيف مزيدا من التفاصيل.
وقال عبدالسلام محمد، قرب رأس لانوف «الناس يموتون هناك، قوات القذافي معها صواريخ ودبابات، هل ترون هذه، انها ليست جيدة»، مشيراً الى البندقية الآلية التي كان يمسكها. واستهدفت ضربات جوية قوات المعارضة خلف منطقة واقعة بين رأس لانوف وبن جواد على بعد 550 كيلومترا إلى الشرق من طرابلس.
وقال أحد السكان في مكالمة هاتفية ان بعض القوات الحكومية التي كانت تحاصر مدينة مصراتة التي تسيطر عليها قوات المعارضة غادرت المدينة أول من أمس، متجهة شرقاً نحو سرت، مع مجيء بعض القوات الموالية للقذافي من طرابلس. وأفادت تقارير بأن سرت تلقت تعزيزات من الجنوب.
وتقع سرت معقل القذافي ومسقط رأسه على الطريق المؤدي الى جبهة المعارك.
وأدى تزايد الخسائر البشرية والتهديد بالجوع وأزمة النازحين الى زيادة الضغوط على الحكومات الاجنبية لتتحرك، لكن كثيرين يخشون الانتقال من العقوبات الى العمل العسكري. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لقناة «سكاي نيوز»، «نريد أن يؤيد المجتمع الدولي أي تدخل عسكري محتمل.
وأضافت «أعتقد انه من المهم للغاية ألا يكون هذا جهداً تقوده الولايات المتحدة».
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي تحدث بالهاتف مع الرئيس الاميركي باراك أوباما عن فرض منطقة حظر جوي، لهيئة الاذاعة البريطانية «بي.بي.سي»، ان التخطيط ضروري في حالة رفض القذافي التنحي في مواجهة الانتفاضة الشعبية. وأضاف «أعتقد أن علينا الآن الاستعداد لما قد نقوم به، اذا استمر في المعاملة الوحشية لشعبه».
وقال البيت الأبيض في بيان، انه في مكالمة هاتفية اتفق الزعيمان على «المضي في التخطيط بما في ذلك على مستوى حلف شمال الاطلسي وعلى النطاق الكامل من الردود الممكنة بما في ذلك المراقبة والمساعدة الانسانية وتطبيق حظر على الاسلحة وحظر على طيران».
إلى ذلك زار القذافي فندقاً في طرابلس يقيم فيه صحافيون أجانب، في وقت متأخر أول من أمس، وسمح بأن تجرى معه مقابلات قصيرة مع أطقم تلفزيون من فرنسا وتركيا.
واتهم القذافي في خطاب امام شباب من قبيلة الزنتان، المجلس الوطني الانتقالي الذي شكله الثوار لإسقاط نظامه بـ«الخيانة». وقال ان «هؤلاء خونة لديهم استعداد للخيانة، هؤلاء معروفون ان لديهم ارتباطات أجنبية، أي خونة».
كما أشار القذافي في حديث إلى قناة «تي آر تي» التركية، إلى أنه في حال فرض حظر جوي، فإن الشعب الليبي سيتجه وجهة واحدة، وهي مواجهة الاستعمار الجديد والامبريالية، «وسيتضح أنها مؤامرة على ليبيا، وعدوان على ليبيا هدفه السيطرة على نفط ليبيا». وحذر الليبيين من مطامع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في نفط بلادهم، مؤكدا وجود مؤامرة للاستيلاء على النفط الليبي. وقال ان هناك «مؤامرة» من الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وفرنسا «لإذلال الشعب الليبي، واستعباده والسيطرة على النفط، محاولة لافتكاك لقمة الشعب من فمه ومغامرة كبيرة ترتكبها الدول في سبيل السيطرة على البترول». وأضاف أن الشعب الليبي كله سيحمل السلاح ويقاتل. وأكد انه «إذا انهار الاستقرار في ليبيا، فسينعكس على أوروبا وعلى الشرق الأوسط وما يسمّى إسرائيل»، مشيراً إلى ان ليبيا هي صمام الأمان للاستقرار في البحر المتوسط.