الأسد يتحدّث عن « انتهاء الأزمـــة ».. وواشنطن تخيّره بين الإصلاح أوالرحيل
خيّرت الولايات المتحدة الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، بين «قيادة الانتقال السياسي أو الرحيل»، بعد أن أعلنت عن فرض عقوبات تستهدفه مباشرة بسبب دوره في القمع الدامي للاحتجاجات التي تشهدها بلاده، فيما قتل ثمانية أشخاص على الأقل، أمس، إثر قصف على مدينة تلكلخ القريبة من حمص، بينما اقتحمت الدبابات السورية، مدينة نوى في ريف محافظة درعا مهد الانتفاضة الشعبية ضد الأسد، الذي قال إن الأزمة التي مرت بها سورية، تم تجاوزها مقرا بوجود «بعض الممارسات الأمنية الخاطئة»، في حين فتحت المدارس والمحال التجارية، أمس، أبوابها بشكل طبيعي متجاهلة دعوة المعارضة إلى إضراب عام ولم تلتزم بالإضراب سوى بعض المناطق خوفا من انتقام رجال النظام، بالتزامن مع اندلاع تظاهرات في ضاحية دوما بدمشق وحلب والزبداني وحماه ودير الزور، قوبلت برد فعل عنيف من قوات الأمن.
وأعلنت واشنطن عن عقوبات بحق الأسد ونائبه فاروق الشرع، ورئيس الوزراء عادل سفر، ووزير الدفاع علي حبيب، وأربعة من قادة أجهزة الأمن.
كما قررت الولايات المتحدة معاقبة اثنين من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني بسبب دورهما في قمع الحركة الاحتجاجية المناهضة لنظام الأسد.
وتناول الأمر التنفيذي الذي اصدره الرئيس الأميركي باراك أوباما، في ابريل الماضي، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، وأحد معاونيه الرئيسين محسن شيرازي. وكانت مجموعة قرارات العقوبات تستهدف «فيلق القدس» على اساس انه منظمة «تؤمّن الدعم المادي» لأجهزة الاستخبارات السورية.
وفي تلكلخ قتل ثمانية أشخاص على الأقل، أمس، إثر قصف على المدينة.
وقال ناشط حقوقي، فضل عدم الكشف عن اسمه، إن ثمانية اشخاص قتلوا، أمس، إثر إطلاق قذائف على مدينة تلكلخ، وإطلاق عيارات نارية رشاشة.
واشار إلى وجود «العديد من الجرحى في الطرقات، إلا أنه ليس من الممكن نقلهم لإسعافهم».
واضاف أنه بذلك ترتفع حصيلة الذين قتلوا من المدنيين الى 26 شخصاً منذ أن اقتحم الجيش مدينة تلكلخ.
وفي نوى قال ناشطون إن الدبابات السورية دخلت المدينة في سهل حوران الجنوبي، بعد أن حاصرتها طوال ثلاثة أسابيع.
وأكدوا أن الجنود السوريين أطلقوا نيران الأسلحة الآلية، فيما اقتحمت الدبابات وناقلات الجند المدرعة المدينة التي يسكنها 80 ألف نسمة، وتبعد 60 كيلومترا إلى الشمال من مدينة درعا.
وقال ناشط حقوقي إن المحافظ أعلن أن «القوات لديها اسماء 180 مطلوبا في نوى، لكن الاعتقالات تجري تعسفيا».
وفي درعا، مازالت الدبابات في الشوارع، بعد قصف الحي القديم في المدينة الشهر الماضي، فيما تحدث سكان بالمدينة عن مقابر جماعية وهو ما نفته السلطات.
وقال ناشطون مدافعون عن حقوق الإنسان، إن بلدتي أنخل وجاسم لاتزالان تحت الحصار، وإن الاعتقالات الجماعية متواصلة في سهل حوران، ومناطق أخرى في سورية.
إلى ذلك اندلعت التظاهرات المطالبة بالديمقراطية في ضاحية دوما بدمشق، وفي حلب ثانية أكبر المدن السورية، وكذلك في الزبداني على سفح منطقة جبلية وفي حماه ودير الزور قرب الحدود مع العراق. وقال ناشطون ان التظاهرات لم تكن ضخمة، في معظمها، لكنها واجهت رد فعل عنيفا من قوات الأمن.
من جهته، أكد الأسد، خلال لقاء جمعه مع وجهاء حي الميدان بدمشق، أن «الأزمة التي مرت بها سورية تم تجاوزها، وأن الأحداث بنهايتها»، حسب ما نقلت صحيفة «الوطن» عن أعضاء في الوفد.
وقال عضو الوفد عمر السيروان إن الاسد بين «أن بعض الممارسات الأمنية الخاطئة التي حصلت، كانت نتيجة عدم دراية القوى الأمنية بكيفية التعامل في ظروف كهذه». وأضاف الأسد أن «هذا العمل هو عمل الشرطة، وهو ما يتم العمل على تلافيه، من خلال تدريب 4000 شرطي ليقوموا بالعمل الصحيح، بما يمنع مثل هذه التجاوزات» بحسب السيروان. وأوضح عضو الوفد عصام معتوق أن الأسد، أكد «أنه أعطى توجيهاته بأن دور الأمن هو جمع المعلومات وتحليلها، وتقديمها للجهات الرقابية».
في الأثناء، فتحت المدارس والمحال التجارية أبوابها بشكل طبيعي في العاصمة دمشق ومدن سورية أخرى عدة، على الرغم من الدعوة التي وجهها معارضون الى القيام بإضراب عام، ردا على العنف الذي تبديه السلطات في قمع الاحتجاجات غير المسبوقة ضد النظام.
وقد دعت صفحة «الثورة السورية 2011» المعارضة على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى القيام بالإضراب، سعيا لمزيد من الضغوط على نظام الأسد، الذي يتعرض لعقوبات دولية.
وبدت الحياة طبيعية في العاصمة ومدينة حلب والقامشلي وحماه واللاذقية، حسب ما أكد سكان هذه المدن في اتصالات هاتفية مع «فرانس برس».
وقال احد رجال الأعمال، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه «من سيجرؤ على القيام بإضراب سيخاطر بفقدان عمله أو أن يستهدف من قبل السلطات؟».
وأضاف «إذا أغلق أي شخص متجره، فسيتم توقيفه على الفور وسيفقد لقمة عيشه». إلا ان الناشط الحقوقي مصطفى سليمان أكد أن «نصف المحال في الأحياء الشعبية في حلب مغلقة». وأضاف الناشط أن «المدينة الجامعية في حلب مغلقة بالكامل، إذ لا يسمح لأحد بدخولها أو الخروج منها، باستثناء المقيمين والموظفين». ولفت الناشط إلى ان «قرى فرومة وحاس وكفر نبل، في ريف إدلب (شمال)، مضربة كليا». وأضاف ان «تظاهرة شارك فيها اكثر من 2000 شخص جرت، أمس، في عفرين (شمال غرب حلب)، تضامنا مع المعتقلين». وقال ناشط عبر الهاتف من دمشق، إن المواطنين في العاصمة يخشون الانضمام للإضراب، خوفا من أن يتم اعتقالهم.
وقال ناشط آخر، طلب عدم ذكر اسمه، إن الحملة القمعية العنيفة التي شنها النظام على المتعاطفين مع المعارضة السورية، منعت الناس في دمشق من إعلان عدم رضاهم عن الأوضاع صراحة. وأضاف أن الناس خائفون الآن، فلديهم أسر وأطفال يريدون إطعامهم، وإذا ما أغلقوا متاجرهم فسيخسرون أعمالهم أو سيذهبون للسجن.