صورة وظلال

ملاديتش.. السفاح داخل القفص

 

يأتي اعتقال راتكو ملاديتش بعد نحو ثلاث سنوات من اعتقال الزعيم السياسي الصربي البوسني رادوفان كرادزيتش ليعيد الى الأذهان ذكريات أليمة تمثل شهادة حية على ما جرى في البوسنة في أواسط التسعينات من القرن الماضي. وأزال اعتقال القائد العسكري السابق لصرب البوسنة الهارب، بذلك، عائقا كبيرا من امام انضمام صربيا الى الاتحاد الاوروبي. ويتهم ملاديتش، على غرار كرادزيتش، بارتكاب إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال حرب البوسنة والهرسك. واعتبرته الأمم المتحدة «المجرم الأكبر». وتعدأمجزرة سربرنيتسا، شرق البوسنة، التي ارتكبت في يوليو ،1995 أسوأ مجزرة شهدتها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية حيث راح ضحيتها نحو 12000 مسلم، والتي كان ملاديتش أحد منفذيها الرئيسين، حيث يتحمل المسؤولية الكبرى في المجزرة، فهو الذي وقف وراءها وحرض على ارتكابها.

انضم ملاديتش (69 عاما)، الى الجيش اليوغوسلافي وأصبح قائدا لقوات صرب البوسنة. وكان في الثانية من العمر عندما اعتقل والده على يد مناضلين كرواتيين قبل أن يتم إعدامه لانتمائه الى الحزب «الشيوعي» إبان الحرب العالمية الثانية. أوسيواجه ملاديتش السجن المؤبد في حال ادانته بخمسة عشر اتهاماً بالاضطهاد والتصفية وارتكاب جرائم وأعمال لا إنسانية واحتجاز رهائن واللجوء الى الترهيب. ومنذ 1995 ظل القائد الصربي الملقب بـ«جزار البلقان» في حالة فرار، حين أصدر مدعي محكمة الجزاء الدولية اتهاما بحقه. ورجحت المحكمة مرارا وجوده في صربيا، حيث اعتقل كرادزيتش.

مع حلول عام 1991 وبدء تفكك يوغوسلافيا، تولى ملاديتش قيادة الفيلق التاسع في الجيش لمواجهة القوات الكرواتية في كنين، ثم تولى قيادة الجيش الثاني اليوغوسلافي ومقره سراييفو. وفي العام التالي صوتت جمعية صرب البوسنة لتكوين جيش «صرب البوسنة»، وتم تعيين ملاديتش قائدا له. ويعتبر ملاديتش من أوائل المحرضين على حصار سراييفو وقاد هجمات الصرب عام 1995 على سربرنيتسا التي كانت تخضع لحماية الأمم المتحدة وارتكب واحدة من أسوأ الفظائع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

عاش ملاديتش علنا في بلغراد بعد انتهاء حرب البوسنة ودأب على زيارة الأماكن العامة وحضور مباريات كرة القدم حتى تم اعتقال ميلوسيفيتش. هرب ولجأ إلى مخبأ كان يستخدم أثناء الحرب في منطقة هان بييساك وهي منطقة ليست بعيدة عن سراييفو.

كان ملاديتش يحظى بحماية الجيش داخل الثكنات العسكرية حتى سنة ،2002 ويقول البعض انه كان يتقاضى راتب تقاعده من الجيش. وكانت أوساط سياسية وعسكرية تدري بأنه موجود في صربيا وهذا دليل على انه كان محميا سياسيا ومن الصعب توقيفه، على الرغم من وجود فدية تبلغ قيمتها مليون يورو. واشترط الاتحاد الأوروبي إلقاء القبض على ملاديتش واعتقاله الى جانب كرادزيتشأ من أجل انضمام صربيا الى الاتحاد. وقالت تقارير إخبارية إن ملاديتش يعاني تدهور حالته الصحية وعجزا جزئيا إثر سكتة دماغية أصيب بها في وقت سابق. وقد تم نقله إلى مقر الاحتجاز ومعه حقيبة مليئة بالعقاقير.

تويتر