أجواء فرح في بنغازي.. والمعارضة تعتبر «العدالة تحققت» وتتقدم نحو طرابلس
«الجنائية» تصدر مذكرة توقيــف بـحق القذافي
أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، أمس، إصدار مذكرة توقيف بحق العقيد معمر القذافي، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية ليصبح ثاني رئيس دولة تلاحقه هذه المحكمة اثناء وجوده في السلطة بعد الرئيس السوداني عمر البشير، وفي وقت عمت أجواء افرح في بنغازي عاصمة الثوار، وسط ترحيب دولي، اعتبرت المعارضة الليبية أن «العدالة تحققت» مع إصدار مذكرة التوقيف، وأعلنت عن تقدمها صوب طرابلس، بالتزامن مع تصريح لنائب الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية لين باسكو أن المعارضة أصبحت لها الآن، بمساعدة حلف شمال الاطلسي، اليد العليا في القتال ضد قوات القذافي «لكن ذلك لايزال تقدما أوليا».
وتفصيلاً، قالت القاضية سانجي مماسينونو موناغينغ خلال جلسة عامة في لاهاي إن «المحكمة تصدر مذكرة توقيف بحق القذافي». وأضافت «هناك دوافع معقولة للاعتقاد بان معمر القذافي وبالتنسيق مع دائرته المقربة صمم ودبر خطة تهدف الى قمع واحباط عزيمة السكان الذين كانوا ضد النظام».
وأصدر القضاة أيضاً مذكرات توقيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية بحق نجل القذافي سيف الاسلام ورئيس الاستخبارات الليبية عبدالله السنوسي، بموجب طلب مدعي المحكمة لويس مورينو-اوكامبو في 16مايو.
وعمت أجواء فرح مدينة بنغازي بعد إعلان المحكمة الجنائية الدولية، حيث عبر سكان ثاني مدن ليبيا عن فرحتهم خصوصا باطلاق الرصاص في الهواء، فيما أشادت المعارضة الليبية بأوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة، قائلة انها ستسرع من رحيل القذافي عن السلطة.
وقال المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي جلال القلال، في مكالمة هاتفية من بنغازي، إن المجلس سعيد للغاية لان العالم بأكمله توحد في مقاضاة القذافي عن الجرائم التي ارتكبها، وان مثل هذه الخطوة جعلت الناس يشعرون بأن هناك من يدافع عن حقهم.
وعندما سئل القلال عما إذا كان أمر الاعتقال الذي أصدرته المحكمة سيجعل تنحي القذافي ومغادرته البلاد غير مرجح، أجاب بأن القذافي لم يمل قط الى ترك ليبيا وأنه يشتري الوقت ويتمسك بالسلطة لاكبر وقت ممكن. وتابع أن هذا الوضع سيسرع من رحيل القذافي ونظامه. وأضاف أن الكلام عن التفاوض لم تعد له أهمية الآن بعد أمر الاعتقال. وتابع أنه لا يمكن التفاوض مع مجرمي حرب، وأن العالم اكد ما كانوا يقولونه طول الوقت. وأضاف أن القذافي مجرم حرب، ولابد أن يحاكم على هذا.
وفي ردود الفعل، اعتبر الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن أن اصدار مذكرة توقيف بحق القذافي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية «يؤكد مرة جديدة عزلته» «ويعزز» دوافع شن العملية في ليبيا. ودعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ المقربين من القذافي الى ان «يتخلوا عنه» أو أن «يحاسبوا» في حين اعربت الخارجية الايطالية في بيان عن «ارتياحها». واضافت الوزارة ان اصدار مذكرات التوقيف «تضفي شرعية جديدة للمهمة الانسانية التي يقوم بها الاطلسي في ليبيا، التي تعتبر ضرورية جدا». وتابع البيان أن «القرار يؤكد ان القذافي فقد شرعيته الاخلاقية قبل شرعيته السياسية أمام الشعب الليبي والاسرة الدولية، وانه بالتالي لم يعد يستطيع ان يلعب دورا في مستقبل ليبيا».
ودعت منظمة العفو الدولية إلى القبض على القذافي وكبار المسؤولين في نظامه وتسليمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمتهم بتهم ارتكاب جرائم خطيرة لحقوق الإنسان. وحذرت من «أن الفشل في اعتقال ومحاكمة المتهمين في ليبيا سيوجه رسالة مزعجة بأن مثل هذه الجرائم يمكن أن تستمر من دون عقاب». كما دعت إلى «عدم السماح لأحد بالتهرب من العدالة».
وقال ريتشارد ديكر من «هيومن رايتس ووتش» في بيان إن «مذكرة التوقيف بحق رئيس دولة يظن نفسه فوق القانون تبعث رسالة واضحة الى الطغاة وتضمن للضحايا فرصة لاحلال العدالة».
وطلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مجدداً، قبل دقائق من اعلان المحكمة، رحيل القذافي، مؤكدا ان الزعيم الليبي «يعرف تماما ما يجب القيام به لاحلال السلام في ليبيا». كما رحب وزير خارجية ألمانيا جيدو فيسترفيله بقرار المحكمة.
وفي وقت أكد وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس أن بلاده قادرة على تحمل اعباء العمليات العسكرية في ليبيا، وتملك العزم السياسي والمعنوي لمواصلة حماية السكان المدنيين ضد ما اعتبرته تجاوزات نظام القذافي، أفادت صحيفة «ديلي ميرور» أن مصادر مطلعة في الحكومة البريطانية أبدت مخاوفها من أن لندن قد تضطر إلى نشر قوات برية في ليبيا إذا ما أُطيح بالقذافي أو تعرض للقتل. وقال رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو إن بلاده أجرت اتصالات مع كل من طرفي الصراع في ليبيا. وأضاف متحدثا عبر مترجم خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون «نأمل أن تحل القضية الليبية عبر وسائل سياسية سلمية لتقليل الاضرار البشرية، خصوصاً الاضرار بالمدنيين الابرياء».
ميدانياً، قال جمعة ابراهيم وهو متحدث باسم المعارضة لـ«رويترز»، أمس، ان المقاتلين المعارضين جنوب طرابلس تقدموا الى نحو 80 كيلومتراً من العاصمة الليبية ويقاتلون قوات القذافي للسيطرة على بلدة بئر الغنم. وتابع في بلدة الزنتان القريبة عبر الهاتف «نحن على المشارف الجنوبية والغربية لبئر الغنم». واستطرد «دارت معارك هناك معظم أمس. استشهد بعض مقاتلينا، وتكبدت قوات القذافي أيضا خسائر في الارواح، واستولينا على معدات وعربات. الهدوء يسود المكان اليوم، والمعارضون مازالوا في مواقعهم».
واستهدف حلف الأطلسي في عملية القصف الجوي التي نفذها ظهر أمس بباب العزيزية، إحدى ضواحي العاصمة طرابلس، الحافلة الخاصة بالقذافي التي تستعمل عادة منزلاً متنقلاً في رحلاته البرية.
وكان دوي ثلاثة انفجارات قد سمع بالقرب من الفندق الذي يقيم فيه الصحافيون، وهو القريب جداً من باب العزيزية مقر إقامة القذافي. وقامت إدارة الإعلام الخارجي الليبية بنقل الصحافيين لمشاهدة الحافلة التي دمرت بالكامل إثر قصفها بصواريخ موجهة من طائرات الحلف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news