مبارك ونجلاه يُنكرون التهم المـوجهة إليهم

حضر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك على سرير طبي نقال محاكمته التاريخية التي بدأت، أمس، أمام محكمة جنايات القاهرة ونفى من داخل قفص الاتهام كل ما نسب اليه من جرائم، خصوصا القتل العمد للمتظاهرين اثناء الانتفاضة الشعبية التي اسقطته في 11 فبراير الماضي، وذلك بقوله «أنكرها كلها تماماً»، وهي العبارة التي رددها خلفه نجلاه علاء وجمال، فيما قرر رئيس الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات القاهرة المستشار أحمد رفعت، استمرار النظر بالقضية رقم 1227 جنايات المتهم فيها وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه بجلسة تعقد اليوم مع فض الأحراز (الأدلة)، كما قرّر رفعت، تأجيل النظر بالقضية رقم 3642 المتهم فيها مبارك ونجليه، إلى جلسة تعقد في 15 أغسطس الجاري، وأمر بإيداع مبارك مستشفى «المركز الطبي العالمي» على طريق القاهرة ـ الإسماعيلية الصحراوي مع استمرار مرافقة الفريق الطبي المعالج له.

وتفصيلاً، عرض التلفزيون المصري الذي يبث وقائع المحاكمة على الهواء، لقطات لمبارك وهو داخل قفص الاتهام على سرير طبي اثناء المحاكمة ولم يظهر الا وجهه وبدا في كامل وعيه. كما ظهر نجلا الرئيس السابق، علاء وجمال، اللذان يحاكمان معه في القضية نفسها بتهمة الفساد المالي، داخل قفص الاتهام في الملابس البيضاء التي يرتديها المحبوسون احتياطيا في السجون.

وقال الرئيس السابق أمام المحكمة بصوت واضح عبر مكبر صوت انه «ينكر كل الاتهامات» الموجهة اليه. وبعد ان تلا ممثل النيابة العامة قرار الاتهام الذي يتضمن اتهامات بالقتل العمد والفساد المالي، نادى رئيس المحكمة القاضي احمد رفعت على «المتهم الاول محمد حسني مبارك»، فأجاب «أفندم أنا موجود»، وسأله رأيه في الاتهامات الموجهة اليه، فقال «أنا أنكر كل هذه الاتهامات تماما».

وسأل القاضي نجلي مبارك، جمال وعلاء تباعا، عن رأيهما في الاتهامات بالفساد الموجهة إليهما فأجابا بالنفي.

ووجه ممثل النيابة العامة الى مبارك تهمة الاتفاق مع وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي وبعض قيادات الشرطة على ارتكاب «القتل العمد مع سبق الاصرار»، و«قتل عدد من المتظاهرين السلميين لدفع الآخرين إلى التفرق»، وإنهاء التظاهرات السلمية المطالبة برحيله.

كما اتهمه بقبول «عطية» ممثلة في خمس فيلات قيمتها تزيد على 39 مليون جنيه في مدينة شرم الشيخ من رجل الأعمال حسين سالم، الذي يحاكم غيابيا في القضية نفسها، مقابل منحه مساحة كبيرة من «الأراضي في أكثر المناطق تميزا في شرم الشيخ (..)، وإسناد أمر بيع وتصدير الغاز الطبيعي المصري لإسرائيل بسعر أدنى كثيرا من سعر السوق الى شركة البحر المتوسط التي يمثلها (حسين سالم) ويستحوذ على معظم أسمهما»، ما أدى الى إهدار للاموال العامة.

واحتج المحامي فريد الديب، الذي يدافع عن حبيب العادلي، وعن مبارك في الوقت نفسه، على القرار الصادر في 25 يوليو الماضي، بضم قضية وزير الداخلية الاسبق ومعاونيه الستة الى قضية مبارك ونجليه.

وقال الديب «المحكمة التي اصدرت هذا القرار قضاتها مردودون، وبالتالي يمتنع عليهم اتخاذ أي قرار موضوعي في القضية».

وطلب محام آخر للعادلي، من هيئة المحكمة، الانتقال للمعاينة لمقر المتحف المصري والجامعة الأميركية، ووزارة الداخلية، ومبنى مصلحة الأدلة الجنائية، وسنترال باب اللوق، وفندق رمسيس هلتون وذلك «لإثبات نفي حدوث الفعل المكون للجريمة، واستحالة حدوث الواقعة كما رواها شهود الإثبات».

من جهته، طالب الدفاع عن أسر الشهداء باستدعاء المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونائبه رئيس هيئة أركان حرب القوات المسلحة الفريق سامي عنان، وعمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وعبداللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار ورئيس القناة الأولى بالتلفزيون المصري سابقاً لسماع شهاداتهم بالقضية.

وطالب المدعون بالحق المدني بأقصى عقوبة للمتهمين، لاستخدامهم العنف ضد متظاهرين سلميين، وبضم جميع قضايا قتل وإصابة المتظاهرين بجميع أنحاء الجمهورية إلى دائرة المحاكمة نفسها.

كما طالبوا بنقل مبارك إلى مستشفى سجن طرة متهمينه بالاشتراك مع العادلي بارتكاب جرائم قتل المتظاهرين عمداً، مع سبق الإصرار وعقد العزم وتبييت النية لفعل ذلك.

وظهر جمال مبارك بعد بدء المحاكمة واقفا في ثبات بقفص الاتهام بجانب السرير الذي يرقد عليه والده، وكان ينحني بين الحين والاخر ليتحدث معه بينما وقف بجواره شقيقه علاء الذي كان يتحرك كثيرا وينظر الى الامام تارة والخلف تارة اخرى ويجلس احيانا على مقعد داخل القفص.

ووضع مبارك معظم الوقت ذراعه على جبينه حتى لا يظهر وجهه، بينما حاول نجله جمال أن يقف أمامه ليحجبه على ما يبدو عن الكاميرات.

ويحاكم في القضية نفسها وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي وستة من كبار معاونيه السابقين المتهمين جميعا بقتل المتظاهرين.

وارتدى العادلي الملابس الزرقاء وهي الخاصة بالمدانين، إذ سبق الحكم عليه بالسجن في قضية فساد.

وكان رئيس المحكمة القاضي أحمد رفعت استمع في بداية الجلسة الى محامي العادلي ومساعديه الذين تقدموا بطلبات اجرائية ثم رفع الجلسة لاستراحة استغرقت نحو 10 دقائق استؤنفت بعدها.

وتحدث أحد محامي ضحايا الانتفاضة مطالبا بـ«القصاص»، وبتوقيع اقصى عقوبة على المتهمين لقتلهم «متظاهرين سلميين»، وهي، بموجب القانون المصري، الاعدام، وهذه هي المرة الاولى التي يلتقي فيها علاء وجمال مبارك والدهما منذ حبسهم جميعا احتياطيا في أبريل الماضي، إذ أودع مبارك في مستشفى شرم الشيخ لأسباب صحية، بينما نقل ولداه الى سجن مزرعة طره في القاهرة.

وكان مبارك نقل بسيارة اسعاف الى مطار شرم الشيخ، في ساعة مبكرة من صباح أمس، قبل ان ينقل في طائرة اسعاف إلى أكاديمية الشرطة.

وتجرى المحاكمة في قاعة تتسع لـ600 شخص داخل اكاديمية الشرطة في ضاحية القاهرة الجديدة بشرق القاهرة. وإضافة إلى المتهمين والمحامين والصحافيين سمح لبعض أسر الضحايا بحضور المحاكمة بصفتهم «مدعين بالحق المدني». ورغم السماح لأسر المتهمين بحضور المحاكمة الا ان زوجة مبارك سوزان وزوجتي جمال وعلاء، خديجة الجمال وهايدي مجدي راسخ، لم يظهرن في القاعة.

الأكثر مشاركة