مقاتل يرفع شارة النصر في نقطة تفتيش للثوار على الطريق بين ترهونة وبني وليد. أ.ب

ثوار ليبيا يستعدون لدخول «بنـي وليد»

انتهى الإنذار الذي حدده مسؤولون محليون في المجلس الوطني الانتقالي الليبي لاستسلام بني وليد، احد آخر معاقل معمر القذافي، وأعلن رئيس المفاوضين من قبل المجلس عبدالله كنشيل، أمس، اخفاق المفاوضات لضمان استسلام المقاتلين الموالين لمعمر القذافي في المدينة بجنوب شرق ليبيا، مؤكدا انتهاءها، فيما قال مسؤول بالمجلس إن المجلس يأمل في السيطرة من دون مقاومة على واحد من المعاقل الأخيرة المتبقية للقذافي، وتوقع قائد ميداني للثوار دخول مدينة بني وليد خلال الساعات المقبلة بعد سيطرتهم على نقاط مهمة في محيطها، وصرح المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي في لندن، جمعة القماطي، انه يتعين ان يمثل القذافي امام المحكمة في ليبيا عن الجرائم التي وقعت في ظل حكمه، بغض النظر عن الاتهامات الموجهة، وقال مراسل لتلفزيون «الجزيرة»، أمس، إن قوات المجلس الوطني الانتقالي حددت مكان القذافي، ونقل المراسل الخبر عن عبدالحكيم بلحاج رئيس المجلس العسكري في طرابلس التابع للمجلس الوطني، لكن «الجزيرة» لم تحدد المكان، وقال المستشار الخاص للامين العام للامم المتحدة بشأن ليبيا ايان مارتن، أمس، ان انتشار الاسلحة في ليبيا مشكلة خطرة، وإن الحكام الجدد للبلاد ينبغي ان يبدأوا عملية الانتخابات سريعاً وفاء بالتزامهم ببناء الديمقراطية.

وقال اثناء زيارة لطرابلس «انتشار الاسلحة مبعث قلق شديد». وأضاف أن على ليبيا التحول من جماعات مسلحة متعددة إلى قوة امنية رسمية واحدة وجيش نظامي حكومي، فيما سعى المجلس لطمأنة مقاتليه ودعم الاستقرار باعلانه عن خطط لدمج آلاف الرجال الذين اطاحوا بالقذافي في الشرطة، وتوفير وظائف للبقية.

وتفصيلاً، وقال كنشيل للصحافيين حول احتمال شن هجوم على بني وليد، اثر فشل المفاوضات المستمرة منذ ايام عدة عبر زعماء قبائل، «أترك لقائد (الثوار الليبيين) التعامل مع المشكلة».

وقال القائد عبدالرزاق ناضوري، الرجل الثاني في المجلس العسكري في ترهونة، على بعد نحو 80 كلم شمال بني وليد (جنوب شرق طرابلس)، في وقت سابق لوكالة «فرانس برس»: «اليوم (أمس) سنتفاوض مع مشايخ القبائل، اننا ننتظرهم». وكان هذا المسؤول امهل سكان بني وليد حتى نحو الساعة العاشرة من صباح أمس، لرفع الراية البيضاء. واضاف أمس «كل شيء سيتوقف على المفاوضات، اذا رفضوا (الاستسلام) سنتقدم. واذا جرت المفاوضات بشكل جيد، سندخل ونرفع الراية من دون معارك، انها الفرصة الأخيرة، لكن لا يمكننا ارجاء الإنذار».

وكان القائد الموالي للمجلس الانتقالي، محمد الفاسي، اكد في وقت سابق ان المفاوضات توقفت. وقال «هؤلاء الناس غير جديين، لقد قطعوا لنا وعدين بالاستسلام لم يفوا بهما».

وبعد مواجهات بسيطة، الليلة قبل الماضية، في محيط المدينة، بدت جبهة بني وليد هادئة، صباح أمس، ولو انه تم توقيف المراسلين عند نقطة مراقبة اقيمت في وسط الصحراء على بعد نحو 40 كلم شمال المدينة.

وكان المتحدث باسم المجلس الانتقالي في موقع شيشان للمراقبة، على بعد عشرات الكيلومترات من بني وليد، محمود عبدالعزيز، اعلن، أول من أمس، عن هجوم على المدينة. وقال القائد العسكري اسامة غازي «هناك معارك».

وبحسب المقاتلين المحليين، فإن الكثيرين من المقربين من القذافي، وبينهم نجله الساعدي، موجودون حاليا في بني وليد، لكن معمر القذافي نفسه غير موجود فيها خلافاً لما اعلنه مسؤولون في المجلس الوطني الانتقالي في الأيام الأخيرة.

وذكر مدنيون فروا من بني وليد، أول من أمس، ان عددا كبيرا من المقاتلين الموالين للقذافي غادروا المدينة وحملوا معهم الأسلحة الثقيلة الى الجبال المجاورة.

بدوره، قال القماطي لتلفزيون «بي بي سي» «المحكمة الجنائية الدولية ستحاكم القذافي على جرائم ارتكبت خلال الأشهر الستة الماضية فقط، غير ان القذافي مسؤول عن سجل مروع من الجرائم التي ارتكبت على مدار 42 عاماً، وينبغي ان يمثل للمحاكمة عنها ويتحمل المسؤولية عنهاو وهو ما لا يمكن ان يحدث بالشكل المناسب الا في ليبيا نفسها».

واضاف ان محكمة ليبية هي التي ستقرر ما اذا كانت ستصدر عقوبة الإعدام على القذافي، غير انه اضاف «ستكون المحكمة عادلة ونزيهة وستفي بالمعايير الدولية». وتابع «سيُسمح بمراقبين دوليين من منظمات لحقوق الإنسان ومنظمات اخرى تحظى بالاحترام ومن الأمم المتحدة لمتابعة مسارها».

وتابع «ستكون محاكمة عادلة وهو ما لم يقدمه القذافي أبداً لليبيين ممن تجاسروا على انتقاده طيلة 42 عاماً». واكد ان المجلس الانتقالي لن يجدد عرضه للقذافي بالبقاء في ليبيا شرط ان يتخلى عن القتال.

واضاف «انقضى وقت ذلك، لقد عرض عليه المجلس ذلك قبل اشهر، قبل نحو ثلاثة او اربعة اشهر، وقد رفض العرض».

وقلل رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، من شأن الخلاف بين بلاده والمجلس الانتقالي، متوقعاً علاقات قوية مع النظام الجديد بعد عودة الاستقرار إلى ليبيا.

في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية الايطالي، فرانكو فراتيني، المجتمع الدولي والنظام الجديد في ليبيا، الى عدم تدمير كل بنية اجهزة الدولة كي لا يتم في ليبيا ارتكاب «الخطأ الفادح» نفسه الذي وقع في العراق.

وقال الوزير الإيطالي «اذا عمل شخص ما لحساب النظام ويداه غير ملطختين بالدم، فلماذا تدمير كل البنية، كل الجهاز الليبي، كما فعلنا في العراق فارتكبنا خطأ فادحاً؟ ينبغي ألا نكرر، ألا نضاعف هذا الخطأ».

وبحسب فراتيني، الذي كان يتحدث على هامش منتدى امبروسيتي، الذي يضم شخصيات من عالم السياسة والاقتصاد في تشرنوبيو على ضفاف بحيرة كومو (شمال)، فإنه يتعين على المجتمع الدولي في المقابل ان يساعد السلطات الانتقالية لمنع تسلل «المتطرفين». واضاف ان «النقطة المهمة جداً هي بذل الجهود لاستئصال اي محاولة تسلل لمنظمات متطرفة الى بنية حكومة ليبيا المستقبلية، يجب ان نساعد جبريل بقوة في هذه النقطة».

في السياق ذاته، قال وزير خارجية روسيا، سيرجي لافروف، أمس، ان أعضاء الحكومة الليبية السابقة يجب ان يشاركوا في عملية المصالحة. ونقلت وكالة انترفاكس عن لافروف قوله «هذه القوى السياسية والعشائرية والقبلية التي مثلت قادة سابقين في الحكومة الليبية يجب ان تكون جزءاً من عملية المصالحة الوطنية من دون شروط».

الأكثر مشاركة