إرجاء إعلان الحكومة الانتقالية في ليبيا
أعلن رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي، محمود جبريل، أمس، إرجاء اعلان الحكومة الانتقالية في ليبيا، وقال في مؤتمر صحافي عقده في بنغازي ان اعلان الحكومة الانتقالية «أرجئ لاستكمال المشاورات»، فيما ذكرت مصادر في مكتب الشؤون الخارجية التابع للمكتب التنفيذي للمجلس، أن جبريل سيتولى منصبي رئيس الوزراء ووزير الخارجية في الحكومة الجديدة.
وذلك في وقت تحاول قوات المجلس التغلب على فلول نظام معمر القذافي التي تبدي مقاومة عنيفة في آخر معاقلها، إذ تواصلت الاشتباكات، أمس، بين مقاتلي المجلس وقوات موالية للقذافي في بني وليد، حيث يحاول الثوار التقدم في المدينة وسط مقاومة ضارية.
وتفصيلاً، قال جبريل في مؤتمر صحافي مقتضب عقده في بنغازي ان الحكومة الانتقالية «في شكلها النهائي سيعلن عنها عندما تنتهي المشاورات»، مضيفا «ارجو ان تنتهي قريبا»، من دون تحديد اي موعد. وأوضح جبريل في مقر المجلس الانتقالي ببنغازي، انه تم خلال الاجتماع بين المكتب التنفيذي والمجلس الوطني الانتقالي «الاتفاق على الكثير من الحقائب»، غير انه اشار الى انه «لاتزال هناك حقائب أخرى لم تطرح بالشكل الكافي وتحتاج الى المزيد من النقاش (..)، لكنني اعتقد ان جزءا اساسيا من هذه المشاورات استكمل (أمس)».
وأضاف انه ستطرح ايضا «قائمة بوكلاء الوزارات»، مؤكدا ان «المبدأ العام المتفق عليه هو ان يكون للشباب والمرأة نصيب اساسي على الاقل في مناصب وكلاء الوزارات والمديرين العامين بالوزارات».
من جهة أخرى، أكد جبريل انه رغم بداية العام الدراسي في معظم المدن الليبية ما يؤذن بعودة الحياة الطبيعية، إلا ان «ذلك لا يعني ان المعركة انتهت، فكامل التراب الوطني لم يحرر بعد، ولاتزال المعارك جارية».
ووسط تكتم شديد يحاول اعضاء المجلس بقيادة رئيسه مصطفى عبدالجليل «تذليل الخلافات القائمة بين القوى المكونة للمجلس» لاعلان تشكيل الحكومة لتنطلق الفترة الانتقالية الجديدة التي من المقرر ان تستمر ثمانية اشهر، بحسب ما افادت مصادر متطابقة.
في هذه الاثناء اشارت قنوات ليبية محلية خاصة، الى ان اعلان الحكومة الانتقالية بات قريباً وأنها «ستضم 30 عضواً من مختلف مناطق ليبيا»، وأضافت احداها ان الحكومة الجديدة «ستضم نساء».
وأفادت قناة النظام الجديد التلفزيونية «ليبيا الحرة» بأن الحكومة الجديدة ستعلن في وقت لاحق وستكلف ادارة المرحلة الانتقالية في انتظار انتخابات وصياغة دستور جديد.
وستساعدها الامم المتحدة، إذ اعلن مجلس الامن الدولي انه رفع جزئيا تجميد الاموال الليبية، وارسال بعثة الى ليبيا لمدة ثلاثة اشهر.
وفي بنغازي، اعلن مسؤول في المجلس الانتقالي، أمس، ان الحكومة الانتقالية الجديدة ستعلن في وقت لاحق وستضم 34 وزيراً بينهم امرأتان على الارجح. وأكد المصدر ان اجتماعاً يعقد بين عبدالجليل وجبريل واعضاء المجلس الآخرين. وتوقع ان يظل محمود جبريل في منصبه بمثابة رئيس وزراء مكلف الشؤون الخارجية وعلي ترهوني (المكلف حاليا المالية والنفط)، نائب رئيس الحكومة مكلفا بالمالية والاقتصاد، بينما يعين اسامة الجويلي وزيرا للدفاع وعبدالرحمن بن يزا وزيرا للنفط.
في هذا السياق، كشفت مصادر في مكتب الشؤون الخارجية التابع للمكتب التنفيذي للمجلس لصحيفة «قورينا» أن بالقاسم النمر تولى حقيبة البيئة، كما عين محمود شمام ناطقاً إعلامياً ومستشاراً إعلامياً لرئيس الوزراء. كما تولت أم العز الفارسي حقيبة مؤسسات المجتمع المدني، وتم استبعاد سالم الشيخي من الحكومة الجديدة التي من المتوقع أن تكون حكومة وفاق وطني.
من جهته، كشف مسؤول الإعلام في المجلس الانتقالي محمود شمام لـ«قدس برس» النقاب عن أن النقاش بشأن الحكومة الجديدة شمل جميع التيارات السياسية الليبية، وأن التشكيلة تتضمن ممثلين عن الثوار.
وقد اعلن المجلس الانتقالي، في الثاني من سبتمبر الجاري انه ينوي قيادة البلاد طوال ثمانية اشهر حتى انتخاب جمعية تأسيسية وانتخابات عامة في مهلة لا تتجاوز سنة. لكن موفد الامم المتحدة يان مارتن، اكد ان مهلة الاشهر الثمانية لن تبدأ الا عندما تعلن السلطات الجديدة التي تسيطر حاليا على 90٪ من الاراضي، «تحرير» البلاد تماماً.
لكن هذا الاعلان لا يبدو قريبا في الوقت الراهن، لأن مقاتلين لا يزالون اوفياء لمعمر القذافي يبدون منذ ثلاثة ايام مقاومة شرسة في اخر معاقلهم في سرت وبني وليد التي تحاول قوات المجلس الانتقالي السيطرة عليها. ميدانياً، قال قادة ميدانيون للثوار لوكالة «فرانس برس» ان «المعارك استمرت منذ بعد ظهر أول من أمس وحتى الساعات الاولى من صباح أمس، واندلعت من جديد ظهر أمس. ويتجمع عدد من المقاتلين على بعد نحو ستة كيلومترات من وسط المدينة، فيما يتدفق مقاتلون آخرون نحو احياء داخل بني وليد».
ويسمح بين الحين والآخر دوي اصوات الانفجارات والرصاص من داخل بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس)، فيما تتساقط صواريخ قرب مواقع للثوار في محيط المدينة.
وقال الطبيب مبروك كرناف، إن «عدداً غير محدد من الجرحى سقطوا في معارك» أمس. ويعود بعض الثوار الذين يجمعون على المقاومة العنيفة التي يلقونها من الجبهة محملين بعتاد غنموها من قوات موالية للقذافي، بينما يعود آخرون ومعهم عناصر من تلك القوات اسروهم خلال المعارك.
في هذا الوقت تواصل عائلات مغادرة المدينة. وقال محمد الخازمي وهو يعود من بني وليد مع افراد من عائلته لـ«فرانس برس» إنه «لا كهرباء ولا غذاء في المدينة». وأضاف ان «هناك اعداداً كبيرة من الثوار في الداخل تقاتل الموالين للقذافي، لكنها تعجز عن التقدم بسبب المقاومة العنيفة التي تلقاها». وقتل سبعة من الثوار في اليومين الماضيين في المعارك الدائرة في بني وليد، احد آخر معاقل القذافي.