متظاهر يقذف قوات الجيش بالحجارة بالقرب من مقر الحكومة بالقاهرة. إي.بي.أيه

«الجامعة» تحذر من انجرار مصر إلى الفوضى.. والأزهر يدعو لوقف العنف

أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، عن أسفه الشديد لما آلت إليه أحداث العنف التي جرت بمصر في ميدان التحرير والشوارع المحيطة بمقر مجلس الوزراء والقصر العيني، وما رافقها من استخدام للقوة ضد المتظاهرين والمعتصمين، محذراً من جر مصر نحو حالة من الفوضى والاضطراب الأمني والسياسي، ودعا الأزهر إلى وقف العنف الدائر بالقاهرة حالياً والعمل على حقن الدماء، معرباً عن أسفه وألمه البالغين لأحداث العنف التي وقعت بين «شركاء الوطن الواحد»، واستمرت الاشتباكات، أمس، لليوم الثالث على التوالي بين متظاهرين مصريين مناهضين للمجلس العسكري الحاكم وقوات من الجيش في وسط القاهرة بالقرب من ميدان التحرير، فيما نظم مجموعة من أعضاء مجلس الشعب المصري الجدد وعدد من النشطاء السياسيين مسيرة من ميدان التحرير باتجاه شارع الشيخ ريحان، حيث الاشتباكات، من أجل إيقاف إراقة الدماء، إلا أنها واجهت رفض المتظاهرين، وفي وقت قال السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة إن الخارجية الإسرائيلية منعته من محاولة الاتصال بـ«الإخوان المسلمين»، قال دبلوماسي إسرائيلي إن السفير الحالي سيحاول الاتصال بـ«الإخوان المسلمين» والسلفيين.

وتفصيلا، عبر العربي عن حزنه وأسفه الشديدين لسقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والمصابين جراء تلك الأحداث، واصفاً الحريق الذي اندلع في مبنى المجمع العلمي المصري، الذي يتشرف بعضويته، بأنه جريمة في حق مصر لما يحويه هذا المبنى العريق من كتب ومخطوطات ووثائق نادرة لا تقدر بثمن حول تاريخ مصر وتراثها وتاريخ المنطقة العربية. ودعا إلى التحقيق الفوري لكشف ملابسات ما جرى من أحداث مؤسفة أمام الرأي العام، منعا لتكرارها، وناشد جميع القوى السياسية التحلي بأقصى درجات المسؤولية وضبط النفس.

من جانبه، شدد الأزهر، في بيان، على ضرورة الالتزام بسلمية التظاهرات والاعتصامات وحماية المؤسسات والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة، معرباً عن عميق حزنه «لما حلّ بمبنى ومحتويات المجمع العلمي العريق الذي يضم تراثاً ثقافياً مصرياً فريداً ونادراً».

وطالب بمحاسبة المسؤولين عن أحداث الشغب والعنف التي وقعت خلال الأيام الماضية وفقاً للقانون مع إعلان نتائج التحقيقات أولاً بأول، داعياً المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى تأكيد استمرار التزامه بأهداف هذه الثورة من خلال المواقف والقرارات التي تصون كرامة الشعب والجيش معاً.

كما دعا الأزهر، الشباب المصري إلى «الحفاظ على الطابع السلمي لثورتهم وتحمّل مسؤولياتهم «بنبذ الخارجين على القانون ولفظ وجودهم لإفساح الطريق نحو استكمال المسيرة الديمقراطية والانتقال نحو الدولة الديمقراطية العصرية التي ننشدها جميعاً». وناشد مختلف الأطراف السياسية الحرص علي التوافق الوطني وتفعيل الحوار الإيجابي بينهم وبين شباب الثورة.

وكان المتظاهرون، ومعهم عدد كبير من الاطفال الذين تراوح اعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة تقريبا، يتبادلون التراشق بالحجارة مع افراد من الجيش المتمركزين امام مقر مجلس الوزراء على بعد عشرات الامتار من ميدان التحرير، بينما تم إغلاق الطريق المؤدية الى مقري الحكومة ومجلس الشعب المتجاورين بكتل اسمنتية كبيرة.

ورفع متظاهرون صحيفة «التحرير» المستقلة التي صدرت، أمس، وهي تحمل صورة كبيرة لمتظاهرة جردت من ردائها العلوي فظهرت ملابسها الداخلية اثناء قيام جنود بسحلها.

وانتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي هذه الصورة ومقاطع فيديو عديدة لما اسماه الناشطون «انتهاكات الجيش» ضد المتظاهرين. وكتبت صحيفة التحرير في عنوانها الرئيس «المجلس العسكري ينفي إطلاق الرصاص والجنزوري يقول انه لم يلجأ الى العنف: كذابون».

من جهته، نشر المجلس العسكري على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» مقطع فيديو يظهر فيه متظاهرون يقذفون الحجارة على مبنى مجلس الشعب، ويلقون كرات من النار داخل الطابق السفلي من المبنى نفسه من خلال احدى نوافذ المبنى.

إلى ذلك، انهار سقف الطابق الثاني لمبنى المجمع العلمي بشارع الشيخ ريحان بفعل النيران التي أضرمها به «خارجون على القانون». وقام بعض رجال الإطفاء بمحاولة إخماد الحريق، وقام عشرات الصبية بـ«التعدي» على المبنى، حيث قاموا بالاستيلاء على ما تبقى من أمهات الكُتب التاريخية والتراثية التي يزخر بها المبنى، فيما تمكن المتظاهرون من ضبط عدد من البلطجية والخارجين على القانون قاموا بإضرام النار في المبنى.

ووصف وزير الثقافة شاكر عبدالحميد، احتراق مبنى المجمع العلمي ووثائقه بـ«الكارثة»، واعلن تشكيل لجنة من الخبراء لترميم الكتب والمخطوطات التي امكن إنقاذها.

في السياق، تظاهر بميدان التحرير وسط القاهرة عشرات من المواطنين تأييداً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مرددين هتافات «الشعب يريد سيادة المشير»، و«الجيش والشعب إيد واحدة».

ووقعت ملاسنات بين متظاهرين ومعتصمين ومناوئين للمجلس العسكري، وكادت الأوضاع أن تتطور بين الجانبين إلى تشابك بالأيدي لولا تدخل العقلاء من الجانبين.

وقام عُمال النظافة بإزالة الخيام المحترقة بميدان التحرير وتنظيف الحديقة الرئيسة بالميدان من آثار الاشتباكات، وعادت حركة المرور إلى طبيعتها بين الميدان والشوارع المؤدية إليه. وإزاء هذه الأحداث، أعرب وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله عن قلقه، وقال إنها تنطوي على خطر «خنق روح التغيير»، وأضاف أن مصير مصر يجب أن يتحدد من خلال صناديق الاقتراع والإصلاحات الديمقراطية.

من ناحية أخرى، كشف السفير الإسرائيلي السابق في مصر يتسحاق ليفانون، عن أن وزارة الخارجية الإسرائيلية منعته من إجراء اتصالات مع الإخوان المسلمين في مصر، واصفاً الحركة بأنها أقل تطرفاً مما تصفها إسرائيل، وأن من شأن التحاور مع الإخوان التأثير في مواقف حركة حماس وإقناعها بالتنازل عن المقاومة المسلحة ضد إسرائيل.

وقال ليفانون، الذي أنهى مهامه قبل شهر وخرج للتقاعد، في مقابلة أجرتها معه صحيفة «معاريف» نشرتها، أمس، إنه بعد الثورة مباشرة أرسل توصية إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، وطلب المصادقة على أن يحاول البدء بالتحدث مع الإخوان المسلمين، لكن إدارة الوزارة رفضت ذلك. ورأى ليفانون أنه يحظر على إسرائيل تجاهل وجود الإخوان المسلمين، وأنهم ليسوا متطرفين كما يتم تصويرهم في إسرائيل، بل إنهم براغماتيون. وأضاف ليفانون أن الإخوان المسلمين بإمكانهم التأثير بشكل إيجابي في حركة حماس، وإقناعها بالتنازل عن المقاومة المسلحة، والتركيز على النضال السياسي ضد إسرائيل. يأتي ذلك بالتزامن مع كشف مسؤول دبلوماسي إسرائيلي عن أن السفير الجديد في القاهرة يعقوب أميتاي، سيحاول فتح قنوات اتصال مع المسؤولين الاسلاميين في مصر، ومن بينهم ممثلون للإخوان المسلمين وحزب النور السلفي.

الأكثر مشاركة