مجلس الأمن يُخفق في التوافـــق على قرار حول سورية
دان مجلس الأمن الدولي الهجومين الانتحاريين اللذين استهدفا مركزين امنيين في دمشق، لكنه أخفق في التوصل الى توافق بشأن الأزمة في سورية وسط تبادل للانتقادات اللاذعة بين سفيري روسيا والولايات المتحدة. وفيما شارك آلاف الأشخاص، أمس، في الجامع الأموي في تشييع جنازة 44 عسكرياً ومدنيا قتلوا في الهجومين، نفت جماعة الإخوان المسلمين في سورية مسؤوليتها عن الاعتداءين، متهمة نظام الرئيس السوري بشار الأسد بـ«افتعال» بيان عن تبني «الإخوان» الاعتداءين. في وقت أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل اربعة مدنيين في حمص، ودعا بعثة المراقبين التابعة للجامعة العربية الى التوجه الى هذه المحافظة الواقعة وسط البلاد، وتشهد اعمال عنف. وفشل مجلس الأمن، أول من أمس، في التوصل الى توافق بشأن الأزمة في سورية، وسط تبادل للانتقادات اللاذعة بين سفيري روسيا والولايات المتحدة. وقدمت روسيا، أول من أمس، مشروع قرار بشأن الأزمة رفضته الدول الغربية فوراً معتبرة انه مازال لا يتمتع بالحزم الكافي حيال الأسد.
وحمل سفير روسيا فيتالي تشوركين، بعنف على سفيرة الولايات المتحدة سوزان رايس، معتبراً انها تستخدم ضده «مجرد حشو كلام من قاموس استانفورد».
وكانت رايس خريجة هذه الجامعة المخصصة للنخبة في كاليفورنيا وصفت دعوة تشوركين الى التحقيق في الضربات الجوية التي شنها حلف شمال الأطلسي في ليبيا، بأنها «محاولة رخيصة» لتحويل الانتباه عن سورية. ورسم تشوركين حدود اي قرار مقبل، وأكد في مؤتمر صحافي أنه «إذا كان المطلوب هو اسقاط كل اشارة الى العنف الصادر عن المعارضة المتطرفة، فهذا لن يحدث». وأضاف «إذا كانوا يتوقعون منا ان نفرض حظراً على الأسلحة فهذا لن يحدث». لكن رايس قالت ان تصريحات نظيرها الروسي «ادعاءات مزيفة وكلام طنان» و«محاولة رخيصة» لتحويل الانتباه عن سورية. اما السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار ارو فقال انها «خدعة».
ودعا المبعوثون الغربيون الى فرض حظر على شحن الأسلحة الى سورية، كما رفضوا اصرار روسيا على المساواة بين المعارضة والقمع الذي تمارسه السلطات السورية. وقال السفير الألماني لدى المنظمة الدولية بيتر فيتيغ ان الدول الأوروبية تأمل ان يتضمن المشروع دعماً اقوى لقرار الجامعة العربية التي فرضت عقوبات على سورية. واضاف انه ينبغي ان يدعو القرار الى «الإفراج عن السجناء السياسيين» وان «يعبر بوضوح عن ضرورة احالة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان إلى القضاء». ورأى ان المقترحات الروسية «ليست كافية».
لكن المجلس دان في بيان صدر بعد مفاوضات شاقة بين الدول الـ15 الأعضاء «بأشد العبارات الهجومين الإرهابيين» في دمشق.
وعبر المجلس عن تعازيه الى «الضحايا واسرهم والشعب» السوري متجاهلاً الحكومة. وعادة يعتمد المجلس صيغة واحدة لإدانة الهجمات الإرهابية تعبر عن التعاطف مع الحكومة.
وفي دمشق شارك آلاف الأشخاص في تشييع قتلى الاعتداءين، وقرأ وزير الأوقاف السوري، عبدالستار السيد، في الجامع، بياناً مشتركاً أصدره رجال دين مسيحيون ومسلمون نددوا فيه بـ«الاعتداءات الإجرامية التي وقعت الجمعة، وبعمليات القتل والتدمير والتخريب التي ارتكبت (في اطار) مؤامرة خطرة مدبرة ضد سورية». من جهته قال خطيب الجامع الأموي محمد سعيد رمضان البوطي، إن «الشهداء والجرحى هم هدية (رئيس المجلس الوطني السوري) برهان غليون، وصحبه من ذوي المعارضة الخارجية والداخلية، والذين يصرون على ان يكون الإصلاح في احضان اعداء سورية القادمين من وراء البحار».
في سياق متصل، نفى المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في سورية، زهير سالم، أمس، مسؤولية الجماعة عن الاعتداءين الانتحاريين، متهماً النظام بـ«افتعال» بيان عن تبني تلك الاعتداءات باسم «الإخوان».
ورداً على بيان نشره احد المواقع، التي قيل انها لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، وتبنى باسمها الاعتداءات، قال المتحدث «إنها صفحة مفتعلة باسمنا على الانترنت». واضاف أن «النظام هو الذي أعد البيــان وكذلك الاعـتداءات»، على حد قـوله.
بدوره، اتهم المركز الإعلامي للجماعة على موقعه الإلكتروني، المخابرات السورية بـ«صياغة بيانات» تزعم أنه صادر عن الجماعة، وتنسب إليها أنها تتبنى نسف مبنيي المخابرات في كفر سوسة. وقال في بيان: «وحتى تمرر كذبها (المخابرات السورية) على الناس، وضعت على البيان شعار جماعة الإخوان المسلمين، وزادت في الكذب إذ وضعت البيان في موقع إلكتروني من تصميمها وتنفيذها يشابه موقع الجماعة وروّسته بشعار الجماعة، وسمته موقع الجماعة».
وأكد البيان أن الرابط الذي نشروا عليه تلك الأكاذيب يختلف عن رابط موقع الجماعة ولا يمت لموقع الجماعة بأي صلة.
وكانت تقارير إعلامية ذكرت من قبل أن «الإخوان المسلمين» في سورية أعلنوا على موقعهم الإلكتروني مسؤوليتهم عن الاعتداءين. وفي الوقت نفسه، نفت المعارضة السورية تلك التقارير، وقال عضو المجلس الوطني السوري أنس عيروت، إن المخابرات السورية «صاغت هذا البيان المزعوم ونسبته لـ(الإخوان المسلمين) على الإنترنت». على الصعيد الميداني، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان ان اربعة مدنيين قتلوا في حمص. وقال إنه «عثر صباح اليوم (أمس) في شوارع مدينة الحولة على جثامين اربعة مواطنين، ظهرت على اجسادهم آثار تعذيب»، مشيراً الى ان «الأجهزة الأمنية ومجموعات الشبيحة كانت اعتقلتهم أمس، من حي البستان في كفر لاها». وأضاف انه «عثر على مواطن خامس في حالة خطرة». وطالب المرصد «وفد مراقبي الجامعة العربية بالتوجه الفوري الى مدينة الحولة لتوثيق هذا الانتهاك الفاضح لحقوق الإنسان الذي يعد غيضاً من فيض لما جرى ويجري في سورية». وذكر المرصد من جهة اخرى، ان قوات عسكرية كبيرة ترافقها دبابات وناقلات جند مدرعة اقتحمت بلدة بصر الحرير ومنطقة اللجاة في محافظة درعا (جنوب). واضاف المرصد ان هذه القوات «تبحث عن عشرات الجنود المنشقين المتوارين في تلك المنطقة»، معرباً عن خشيته من ان «يكون مصيرهم مصير عشرات الجنود المنشقين الذين قتلوا يوم الاثنين الماضي، في جبل الزاوية، بعد محاصرتهم قرب بلدة كنصفرة». من جهة اخرى، قال المرصد إن «مواطنَين استشهدا في مدينة نوى، احدهما طفل يبلغ من العمر 15 عاماً، متأثرين بجروح اصيبا بها خلال اطلاق رصاص من قبل قوات الأمن السورية الجمعة».