كارتر يشكّك في نوايا الجيش تسليم السلطة كاملة إلى حكومة مدنية

أحزاب مصرية تتعهّد بحماية الحريات في الدستور الجديد

كارتر خلال مراقبته المرحلة الأخيرة من الانتخابات. أ.ف.ب

اتفقت أحزاب وشخصيات سياسية مصرية، أول من أمس، على حماية الحريات المدنية في الدستور الجديد للبلاد، لكنها تجنبت الاقتراب من المسائل المثيرة للجدل بشأن مستقبل الدولة، بعد إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، فيما بحث رئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري مع مساعد وزير الخارجية الأميركية ويليام بيرنز، أمس، سبل دفع العلاقات بين مصر والولايات المتحدة، بينما قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن «الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر عبر، عقب اجتماعه بأعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير مصر حاليا، عن تشككه في أن يسلم المجلس السلطة كاملة إلى حكومة مدنية».

وتفصيلاً، تم إقرار هذه المبادئ في اجتماع دعا إليه الأزهر الشريف، وحضره كبار رجال الدين المسيحي وباحثون إسلاميون وليبراليون ونشطاء من الشباب، ووصف الاجتماع، الذي حضره رئيس مجلس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري المختار من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بأنه إظهار للوحدة الوطنية، قبل الذكرى السنوية الأولى لإسقاط مبارك.

وتشمل المبادئ، التي تلاها الإمام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب «استكمال أهداف الثورة»، وضمان الحريات، لكنهم تجنبوا قضايا معينة مثل سلطات البرلمان والرئيس، وهي مسائل قد تثير نقاشات ساخنة في البرلمان الجديد، الذي يتعين عليه أن يختار جمعية تأسيسية من 100 عضو، تضع الدستور الجديد.

والدستور الجديد هو الجزئية الأساسية من جهود وضع البلاد على طريق الديمقراطية، ويخشى الليبراليون أن يكون من شأن المكاسب التي حققتها الأحزاب الإسلامية أن تسيطر على وضع الدستور، ما يجعل توجهاته دينية بشكل أكبر، ويصر الإسلاميون على أنهم يريدون حكومة توافقية، ودستورا يمثل جميع المصريين.

وقال رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي محمد أبوالغار، إن هناك توافقا تاما بين كل القوى الوطنية على حقيقة أن المصريين متساوون في الحقوق والواجبات، وأن أحدا لا يمكنه أن يهيمن على شيء في مصر. وقال رئيس حزب «النور» عماد عبدالغفور، إن «الوثيقة تطرح، فحسب، اتفاقا عاما». ويلي حزبه في النتائج الانتخابية حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين».

وظهرت خلافات، خلال الاجتماع، بشأن سرعة تسليم الحكم إلى المدنيين من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. وتعهدت الوثيقة بالالتزام بالجدول الزمني، الذي حدده المجلس العسكري، لتسليم السلطة في يونيو المقبل.

لكن حركة «شباب 6 أبريل»، التي كان لها دور في الحشد لاحتجاجات 25 يناير الماضي، التي أطاحت مبارك بعد 18 يوما، قالت إنه لا يوجد اتفاق واسع على الجدول الزمني، وإنها تريد تسليم السلطة بأسرع مما هو مقرر. وقال رئيس حزب «الوفد» سيد البدوي، وهو حزب ليبرالي، إن استفتاء على الدستور سيعقد يوم 15 من مايو المقبل، وإن انتخابات الرئاسة ستجرى يوم 20 من يونيو المقبل، وهو ما يتفق مع الجدول الزمني المعلن من قبل الجيش. وقال البدوي إن الخطة التي أفصح عنها متفق عليها مع المجلس العسكري، لكن قياديا شبابيا قال إنه لا يوجد اتفاق على الجدول الزمني.

وقال المنسق العام لجناح في حركة «شباب 6 أبريل» أحمد ماهر إن هناك اتفاقاً فحسب على وثيقة الحريات واستكمال أهداف الثورة. وقال بعد الاجتماع إن حركته تريد تسليم السلطة بأسرع ما يمكن. وأضاف أن الجيش مطلوب منه تسليم السلطة إلى أي هيئة منتخبة، إذا كانت انتخابات الرئاسة ستجرى في يونيو المقبل. وقال ماهر إن حركته لا يضيرها أن تقام احتفالات يوم 25 يناير الجاري، لكنها ستحتفل وتحتج في الوقت نفسه.

من ناحية أخرى، قالت صحيفة «نيويورك تايمز»، إن كارتر زار القاهرة بصحبة مجموعة من مركز «كارتر»، الذي يرأسه والمعني بحقوق الانسان، للمساعدة في مراقبة نهاية المرحلة الثالثة من أول انتخابات برلمانية منذ إطاحة بمبارك. ونقلت عن كارتر قوله لها «أعتقد أن السيطرة المدنية الكاملة تنطوي على قليل من المبالغة»، وذلك في إطار حديثه عن لقائه مع المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى. وأضاف «لا أظن أن المجلس الأعلى سيسلم المسؤولية بالكامل إلى الحكومة المدنية، ستكون هناك بعض الامتيازات للجيش، الذي سيتمتع بالحماية على الأرجح». وفي حين قال كارتر إن الانتخابات حرة ونزيهة في ما يبدو، فإن القضية الأكثر إلحاحا، هي مقدار السلطة التي سيتخلى عنها المجلس العسكري للبرلمان المنتخب حديثا، أو الجمعية التأسيسية التي ينتظر أن يختارها. ونقلت الصحيفة عنه قوله إنه تحدث مع طنطاوي، خلال اجتماعهما، عن كيفية حل الخلافات المحتملة بين المجلس العسكري والهيئات المدنية المنتخبة، في ما يتصل بصلاحيات الجيش وامتيازاته في المستقبل. وقال كارتر إنه خلال حواره مع أعضاء المجلس العسكري، أكدوا أنه سيكون هناك «اتفاق متناغم» بين الجيش والمدنيين المنتخبين. وقالت إن كارتر وصف نفسه بأنه متفائل بأن تمثل نتيجة المفاوضات خطوة كبيرة نحو ديمقراطية مدنية. وأضاف «أعتقد أنه لا مفر من هذا، ولا أظن أن احتفاظ الجيش بقدر من المكانة الخاصة سيوقع ضررا كبيرا».

وكان الجنزوري قد ناقش مع ويليام بيرنز التطورات الراهنة على الساحة المصرية، على ضوء انتهاء مراحل انتخابات مجلس الشعب المصري. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن بيرنز قوله «إن اللقاء كان مثمراً، والولايات المتحدة تتمسك بالشراكة مع مصر خلال هذه الفترة الصعبة». وأضاف «ان مصر دولة رائدة ومحورية فى المنطقة، وتسعى في الوقت الراهن إلى التحول الديمقراطي»، مؤكداً التزام بلاده بمساعدة مصر، وتقديم الدعم إليها في مرحلة التحول الديمقراطي التي تمر بها، ومرحلة التعافي الاقتصادي، من خلال برنامج المعونات والمساعدات الأميركية.

تويتر