المرزوقي: ماضون على درب الحرية بلا رجعة
شارك آلاف التونسيين رجالاً ونساء وأطفالاً، أمس، في الاحتفالات بالذكرى الأولى لسقوط زين العابدين بن علي، وتدشين «الربيع العربي»، في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس، مطالبين «بالحرية والكرامة»، وردد المتظاهرون على انغام اغنية عيد الميلاد باللهجة التونسية «مالا راحة بن علي»، قبل ان يهتفوا بصوت واحد الكلمة الشهيرة التي لقيت صداها عربياً وعالمياً «ارحل»، فيما قال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، أمس، إن بلاده ماضية على «درب الحرية» والمسار الديمقراطي «بلا رجعة»، واقامة «نظام جديد»، وذلك في كلمة القاها في الاحتفال الرسمي بالذكرى الأولى للثورة.
ومنذ الصباح الباكر بدأ التونسيون يتوافدون، أمس، على وسط العاصمة، ومنهم من قضى الليلة قبل الماضية امام المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة الرئيس، الذي شهد في 14 يناير اكبر الاحتجاجات.
وكانت السلطات التونسية قررت اعتبار 14 يناير من كل عام «عيداً للثورة والشباب»، تخليداً ليوم اطاح الشعب التونسي بنظام بن علي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد 23 عاماً. وفي اجواء احتفالية شكلت المناسبة فرصة للاحتجاج والمطالبة بالاستحقاقات الاجتماعية.
وكانت وزارة الداخلية التونسية التي شكلت رمز سياسة القمع التي اتسم بها نظام بن علي، وشهدت اكبر الاحتجاجات قبل عام، دعت، الخميس الماضي، الى الاحتفال بهذا الحدث بهدوء وتسامح احتراماً «لدماء الشهداء». وامام مبنى الوزارة اقيمت حواجز.
ورفع المتظاهرون امام المسرح البلدي لافتات كتب عليها «شغل حرية كرامة وطنية» و«أوفياء لدماء الشهداء» و«ثورة الحرارا من اجل استكمال مهام الثورة».
وردد المتظاهرون، الذين ارتدوا لباساً بالأحمر والأبيض لوني العلم التونسي، شعارات تطالب «بالاعتراف بالشهداء» في حين علت أبواق السيارات التي كانت تجوب الشارع. كما رفع المتظاهرون لافتة كبيرة تتوسطها خريطة تونس محاطة بأسماء شهداء الثورة التونسية وعلى رأس القائمة محمد البوعزيزي البائع المتجول الذي اقدم في 17 ديسمبر على احراق نفسه امام مقر الولاية في سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، احتجاجاً على مصادرة بضاعته وإهانته ومنعه من ايصال شكواه الى المسؤولين في المنطقة.
من جانبه، أكد المرزوقي، امام حشد من المدعوين في قصر المؤتمرات بالعاصمة التونسية «سنمضي على درب الحرية وشعارنا اليوم هو بناء نظام جديد يحقق ارادة الشعب ويحترم القانون، ويتواصل مع المسار الديمقراطي من دون رجعة». واضاف «نحتفل اليوم بهذه الذكرى العظيمة وسط شعور بالأسى لكل هذه العقود الضائعة تحت نظام الفساد، وما كلفنا للتخلص منها، والنشوة لأن الثورة فتحت امامنا الأبواب، وشكّلت فاصلاً بين يوم مظلم وآخر مشرق». وتابع «سنعمل على ألا تذهب تضحيات الشهداء والجرحى سدى، وعلى رد الاعتبار لسلك الأمن وحماية الجيش».
وشارك العديد من القادة والمسؤولين العرب والتونسيين احتفالهم الرسمي بالذكرى الأولى للثورة.
وبين المشاركين في الاحتفال رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، وأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
كما حضر الاحتفال رئيس مجلس النواب المغربي، كريم غلاب، ووزير خارجية الكويت، الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، ووزير العمل الإماراتي، صقر غباش، ووزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي.
وهنأ بوتفليقة، في اول زيارة له لتونس منذ الثورة، الشعب التونسي «لما انجزه بنفسه ولنفسه، بما مكنه من فتح صفحة جديدة من تاريخه»، مضيفاً «نحن الجزائريون متفائلون لنصركم هذا».
من جهته، أكد مصطفى عبدالجليل ان «نجاح الثورة في تونس كان عاملاً أساسياً في نجاح الثورة الليبية»، وشكر تونس لاستقبالها عشرات الآلاف من الليبيين خلال الأشهر الستة من المعارك التي أدت الى سقوط نظام القذافي في اغسطس الماضي، ووصف ذلك بأنه امر «لا ينسى». وحيّا أمير قطر في كلمته «الأنموذج التونسي الذي أثار العالم»، مضيفاً أن «شعوب الأمة العربية المضطهدة ترنو الى غد افضل، وأنا متأكد من انها ستقتدي بالثورة التونسية التي تعد بالحرية والكرامة». وشدد «على الجميع ان يدرك ان ما حصل هو ثورات وليست انقلاباً عسكرياً». وأكد مخاطباً التونسيين «شهداؤكم هم شهداؤنا» معلناً رغبة بلاده في الإسهام في «صندوق دعم شهداء وجرحى الثورة التونسية». وكان المرزوقي أكد، الليلة قبل الماضية، خلال لقائه أهالي الشهداء في قصر قرطاج في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس ان «جرحى وشهداء الثورة لم ينالوا الاعتراف اللائق بهم»، وقرر تسمية «ساحة 14 يناير» الواقعة قرب مقر وزارة الداخلية بـ«ساحة الشهداء»،وتشييد نصب تذكاري يحمل أسماءهم.