72 قتيلاً.. والأسعد ينأى عن «المجلس العسكري».. وواشنطن تغلق سفارتها في دمشق

الجيش يقتحم الزبداني ويقصف حمص براجمات الصواريخ

تظاهرة حاشدة ضد الأسد في مدينة معرّة النعمان بريف إدلب. رويترز

قتل 72 شخصاً بينهم 50 بقصف عنيف نفذته القوات السورية على مدينة حمص واستخدمت فيه للمرة الأولى راجمات الصواريخ، في إطار هجوم عنيف مستمر على أحياء عدة من المدينة، فيما اقتحم الجيش مدينة الزبداني في ريف دمشق بمئات الدبابات والمدرعات، في وقت أعلن فيه العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ إنشاء المجلس العسكري السوري الاعلى برئاسته ليكون بمثابة «هيكل تنظيمي» للمنشقين، وبهدف «تحرير سورية» من نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بينما نأى «الجيش السوري الحر» بنفسه عن هذا المجلس. في حين أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في دمشق وأجلت آخر موظفيها الباقين هناك بعدما رفضت دمشق تلبية مطالب واشنطن في مجال الامن.

وتعرضت مدينة حمص إلى قصف عنيف هو الأول بهذه القسوة منذ بدء الانتفاضة ضد النظام السوري قبل 11 شهراً، ما ادى الى سقوط 50 قتيلاً على الاقل.

وقالت عضو المجلس الوطني السوري المعارض كاترين التلي لـ «رويترز» إن عدد القتلى الذي أعلن عنه عدد من الناشطين من حمص منذ بدء القصف هو 50 قتيلاً معظمهم مدنيون. وأضافت أن النظام السوري يتصرف كأنه محصن ضد التدخل الدولي، وأن له مطلق الحرية في استخدام العنف ضد المواطنين. وقال ناشط من سورية على اتصال بسكان حمص «هذا أعنف قصف منذ أيام عدة». وقال ناشط آخر إن قوات الاسد استخدمت في الهجوم قاذفات صواريخ.

وذكر ناشطون ان الهجوم الذي بدأ بعد الساعة الثانية صباحاً (منتصف الليل بتوقيت غرينتش) كان أوسع نطاقاً في ما يبدو حيث استهدف أحياء الخالدية وبابا عمرو والبياضة وباب الدريب.

وذكر ناشطون ان القصف المدفعي والصاروخي على حي باب عمرو، احد معاقل الانتفاضة الشعبية ضد نظام الاسد، تسبب في تدمير مبان وحرائق. كما ادى الى اصابة مستشفى ميداني حيث وقع قتلى وجرحى.

وقال الناشط عمر شاكر الموجود في باب عمرو في وقت سمعت بوضوح اصوات الانفجارات المتتالية بالقرب منه «إنها المرة الاولى (منذ بدء الانتفاضة) التي نتعرض فيها لمثل هذا القصف»، مشيراً الى وقوع عشرات الجرحى الذين يحاول ناشطون اخلاءهم نحو المساجد. وأوضح شاكر لـ «فرانس برس» أن «المدينة الجامعية في حمص التي ينطلق منها القصف، والتي اخليت الأحد (أول من أمس) من الطلاب تحولت الى ثكنة عسكرية». وفي ريف دمشق اقتحمت قوات عسكرية نظامية ومئات المدرعات مدينة الزبداني.

وقال المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان، إن «القوات العسكرية النظامية معززة بمئات المدرعات اقتحمت مدينة الزبداني، بالتزامن مع اطلاق نار كثيف وقصف من الدبابات». وأشار المرصد الى ارتفاع عدد القتلى الذين سقطوا في سهل مضايا المجاور للزبداني الى ثلاثة، بالاضافة الى عشرات الجرحى.

من جهة ثانية، اشار بيان المرصد الى ان «قوات عسكرية امنية مشتركة اقتحمت بلدة داريا (ريف دمشق) وسقط جرحى اثر اطلاق الرصاص العشوائي».

وفي محافظة إدلب قال المرصد إن ثلاثة ضباط قتلوا وأسر 19 جندياً في الجيش النظامي السوري في هجوم شنه منشقون على حاجز في قرية البارة في جبل الزاوية.

وأضاف أن الضباط القتلى هم عميد ونقيب وملازم أول، مؤكداً أن الهجوم «أدى الى تدمير الحاجز تدميراً كاملاً».

كما قتل خمسة مواطنين في قصف على مدينة الرستن في محافظة حمص. وفي ريف دمشق، قتل شخصان، احدهما طفل، نتيجة اطلاق الرصاص على سيارة في بلدة سرغايا.

وفي محافظة حلب، قتل شخص من بلدة مارع اثر اطلاق الرصاص على حافلة صغيرة كان موجودا فيها، بحسب المرصد.

كما أشار المرصد الى مقتل اربعة مواطنين بينهم امرأتان وطفل في سقوط قذيفة على حقل زراعي كانوا يعملون فيه قرب بلدة تفتناز في محافظة ادلب (شمال غرب)، فيما قتل رجل برصاص قناصة في مدينة ادلب.

وقتل ناشطان في إطلاق نار من القوى الامنية السورية خلال محاولتهما تسيير تظاهرة في مواجهة دبابات النظام في معرة النعمان في ادلب.

من ناحية أخرى، أعلن العميد الركن مصطفى أحمد الشيخ عن انشاء المجلس العسكري السوري الاعلى برئاسته.

وجاء في بيان موجه الى «الشعب السوري العظيم» انه «تم الاتفاق على تشكيل المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سورية تمهيداً لإعلان النفير العام لتحرير سورية من هذه العصابة (الحاكمة) وتلبية لنداء الحرية ووفاء لدماء الشهداء». وأشار الى ان انشاء المجلس جاء «بعد التشاور مع الضباط المنشقين على امتداد ساحات الوطن وبعد العمل المضني في التنظيم الدقيق لصفوف المنشقين وتنظيم الثوار الذين أتموا الخدمة الإلزامية والراغبين في التطوع في كتائبنا التابعة للمجالس العسكرية الثورية الفرعية في المحافظات السورية كافة وضم العسكريين المسرحين والمتقاعدين الى صفوف المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سورية».

ووصف البيان المجلس بأنه «هيكل تنظيمي مؤسساتي بعيد عن الانتماءات المذهبية والسياسية والعرقية والقومية».

وأشار البيان الى ان قائد المجلس العسكري الثوري الأعلى لتحرير سورية هو العميد الركن مصطفى الشيخ الموجود في تركيا.

ولم يشر البيان لا من قريب ولا من بعيد الى الجيش السوري الحر، على الرغم من انه اشار الى ان المتحدث باسم المجلس سيكون الرائد المظلي ماهر النعيمي، المتحدث باسم الجيش الحر. ونأى «الجيش السوري الحر» في بيان عن «المجلس العسكري الثوري السوري الاعلى»، معتبرا ان توقيت اعلانه يصب في «خدمة النظام» السوري.

وقال قائد الجيش الحر العقيد رياض الاسعد، في بيان على صفحة «الجيش الحر» على موقع فيس بوك الالكتروني ان مصطفى احمد الشيخ لا ينتمي الى صفوف الجيش السوري الحر، وان«أي مشاورات لم تجر مع العميد المذكور بخصوص تشكيل المجلس المزعوم»، وان العميد «لا يمثل إلا نفسه». وأكد أن الجيش السوري الحر «لديه هيكلية تنظيمية اعلن عنها في بيان تشكيل المجلس العسكري للجيش الحر بتاريخ 13 نوفمير».

من جهتها أغلقت واشنطن، أمس، سفارتها في دمشق وأجلت آخر موظفيها الموجدين في سورية. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن سفارة الولايات المتحدة في دمشق «علقت كل انشطتها اعتبارا من 6 فبراير 2012 نظرا لاستمرار العنف وتدهور الظروف الامنية».

وأضافت أن جميع موظفي السفارة وعائلاتهم غادروا دمشق، داعية كل الاميركيين الذين لايزالون في سورية الى مغادرة البلاد.

واعتبرت الخارجية الاميركية أن «تدهور الوضع الامني الذي ادى الى تعليق مهامنا الدبلوماسية يشير مجددا الى الطريق الخطيرة التي قرر الاسد سلوكها وعجز النظام عن السيطرة الكاملة على سورية».

من جهته قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، ان الحل التفاوضي مع سورية لايزال ممكنا، ودافع عن تعاطي ادارته مع الازمة، معتبرا ان بلاده تطالب بتنحي الاسد «بلا كلل». وقال في مقابلة مع تلفزيون «إن بي سي» بثت، أمس، إن «من المهم حل هذه الازمة من دون تدخل عسكري خارجي واعتقد ان الامر ممكن».

وفي لندن أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أمس، أن بلاده استدعت سفيرها في دمشق للتشاور.

وقال أمام مجلس العمو انه استدعى السفير السوري في لندن الى وزارة الخارجية احتجاجا على الوضع في سورية.

وأضاف «سنستخدم جميع القنوات المتبقية لدينا مع النظام السوري لنوضح لهم اشمئزازنا من العنف الذي نعتبره غير مقبول مطلقا بالنسبة للعالم المتحضر».

إلى ذلك اتهمت جماعة الاخوان المسلمين في سورية في بيان روسيا والصين وإيران بأنهم شركاء في «المذبحة البشعة» في سورية، مطالبة دول العالم العمل على ايقاف هذه «المجزرة». وقال الناطق الرسمي باسم الجماعة زهير سالم في بيان «نعتبر روسيا والصين وإيران شركاء مباشرين في المذبحة البشعة التي تنفذ على شعبنا ليس فقط بدعمهم للنظام، وإنما بمشاركتهم التعبوية المباشرة بالسلاح والعتاد في ذبح أبناء شعبنا الأعزل».

تويتر