صورة وظلال

مانديلا ألمانيا.. رئيساً

يمثل يواكيم جاوك، وهو ناشط سابق مناهض للشيوعية، عمل في مجال حقوق الإنسان بألمانيا الشرقية سابقاً، والذي سيصبح رئيس ألمانيا القادم، قيمة أخلاقية كبيرة.وعرف جاوك يوماً بنيلسون مانديلا الألماني، وكان بين عدد من القساوسة البروتستانت الذين ساعدوا على إسقاط نظام ألمانيا الشرقية الشيوعي، ما مهد الطريق لسقوط سور برلين وإعادة التوحيد عام .1990

أدار جاوك، البالغ من العمر 72 عاماً، وهو متزوج، ولديه أربعة من الأبناء، أرشيف وزارة أمن الدولة، بعد إعادة التوحيد، ونال إشادة كبيرة، لكشفه جرائم الشرطة السرية التي كانت مرهوبة الجانب في ألمانيا الشرقية.

وحتى بعد تقاعده عام 2000 واصل جاوك الذي ألّف العديد من الكتب حملته في مجال حقوق الإنسان. وطرح كتابه الجديد «الحرية مطلب»، أمس، في الأسواق في كل أنحاء ألمانيا.

وربما كان الثقل الأخلاقي لجاوك من أسباب تخطي المستشارة انجيلا ميركل له عام 2010 في ترشيحات الرئاسة، قبل أن تمارس عليها ضغوط لترشيحه أول من أمس الأحد، وهو منافس قوي يأسر ألباب الألمان.

وقبل عامين، وعلى الرغم من معارضة ميركل، كان المرشح المفضل لدى المواطنين للرئاسة. وكانت وسائل الإعلام من كل الأطياف السياسية تؤيده، ونشرت صحيفة بيلد الذائعة الانتشار صورة له في صدر صفحاتها وبجوارها عنوان «نعم نختار جاوك». كما يمثل جاوك تناقضاً صارخاً مع الرئيس المنتهية ولايته كريستيان فولف، وهو سياسي محنك، استقال الجمعة الماضية، في إطار فضيحة متعلقة بحصوله على مزايا سياسية ومالية. وجاوك أكبر سناً من فولف بنحو 20 عاماً، ولا ينتمي إلى أي حزب سياسي، ويصف نفسه بأنه «محافظ ليبرالي يميل إلى اليسار». وقبل أن يصبح المرشح الرئاسي للمعارضة عام 2010 رفض عرضاً من المحافظين لكي يصبح رئيساً عام .1990 ويقول أنصاره إن كونه فوق أي سياسة حزبية يجعله المرشح المثالي لمنصب الرئيس المؤثر، وإن كان شرفياً بصورة كبيرة. كانت لجاوك دائماً آراؤه المستقلة. ولد عام 1940 في مدينة روشتوك بالشمال الشرقي، وهو يقول إنه عندما بلغ تسع سنوات كان يعرف بالفعل أن الاشتراكية «دولة ظالمة». وكان جاوك الشاب يريد أن يصبح صحافياً، لكن خططه أحبطت بسبب رفضه الانضمام إلى التجمعات الشيوعية الشبابية، ودرس بدلاً من ذلك علم اللاهوت.

وفي عام 1965 أصبح قساً بروتستانتياً، وكان يستخدم الكنيسة في الدعوة إلى قضايا حقوق الإنسان، وأصبح بعد ذلك واحداً من مؤسسي «المنتدى الجديد»، وهو حركة لحقوق الإنسان تشكلت عام 1989 في الأشهر التي سبقت انهيار جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

وفي اليوم الأخير لوجود جمهورية ألمانيا الديمقراطية، أصبح جاوك المفوض الذي أشرف على أرشيف وزارة أمن الدولة.

وتأكد من استخدام ملفات هذا الجهاز للتخلص من الموظفين السابقين والمتواطئين داخل أجهزة الدولة ودراسة ماضي البلاد. وكانت الهيئة التي يعمل بها تعرف بشكل غير رسمي باسم «هيئة جاوك».

وفي وقت لاحق اضطر للدفاع عن قراره بالإبقاء على موظفين سابقين في وزارة أمن الدولة في الأرشيف، وهم موظفون كان يعتقد أن معرفتهم الوثيقة بالوزارة تجعلهم «لا غنى عنهم». وقال جاوك وهو يقف إلى جوار ميركل، أول من أمس، انه ليس «رجلا خارقا» ولا «رجلا من دون أخطاء». وصرح بأنه وصل لتوه إلى العاصمة، ولم يغتسل، بل توجه رأساً إلى المؤتمر الصحافي، وقال وهو يغالب مشاعره إنه «مرتبك قليلاً»، لكنه حتماً سيشعر بالسعادة لاحقاً.

تويتر