صحافة القاهرة تنتقد التطورات « الغريبة » لقضية « التمويل الأجنبي ».. وواشنطن قلقة بشأن المنظمات
تفاعل أزمة السماح لمتهمين أمــيركيين بمغادرة مصر
ارتفعت حدة الانتقادات الموجّهة للنظام المصري على خلفية صدور قرار النائب العام المصري بالسماح لمتهمين أميركيين في قضية «التمويل الأجنبي» بمغادرة مصر. وانتقد ساسة مصريون ما اعتبروه ضغوطاً مارسها النظام على السلطة القضائية لاستصدار قرار يسمح بمغادرة الأميركيين البلاد، على الرغم من قرار سابق بمنعهم من السفر لاستكمال التحقيقات في القضية، فيما انتقدت الصحف المصرية، أمس، التطورات «الغريبة» للقضية، واتهمت احداها السلطات المصرية بالتدخل في شؤون القضاء، بينما عبرت الولايات المتحدة، أول من أمس، عن قلقها المتواصل بشأن الحملة التي تشنها مصر على المنظمات.
وتفصيلاً، رفض المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية حمدين صباحي، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، أمس، قرار السفر المفاجئ للمتهمين الأميركيين في قضية التمويل الأجنبي.
كما انتقد صباحي ما وصفه «التدخل في أحكام القضاء»، معتبراً أن استقلال القضاء أساس الدولة الديمقراطية.
من جهته، طالب المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى، على موقع تويتر بإعلان ملابسات تنحي هيئة المحكمة في قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني، على خلفية قرار رفع الحظر عن المتهمين، مؤكداً على حق الشعب المصري في معرفة ملابسات ما حدث.
وقال موسى «واضح أن هناك ضغوطاً سياسية مُورست، وأن هناك تدخلاً أدى إلى تنحي المحكمة في قضية التمويل الأجنبي الخاصة بمنظمات المجتمع المدني»، مضيفاً «ماذا حدث بالضبط؟ من حق الشعب أن يعلم». وأبدى موسى أسفه لما وصفه بـ«دخول القضاء المصري دائرة من الإلتباس والغموض، زادها سوءاً تبادل الاتهامات علنياً بين كبار القضاة». وأضاف «إن هذا هو ما أُدينه بكل قوة.. هذا لا يصح».
وكان المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية محمد سليم العوا، طالب خلال مؤتمر انتخابي عقده في مدينة فايد بمحافظة الإسماعيلية، أول من أمس، بضرورة توضيح أسباب الإفراج عن المتهمين الأميركيين، وقال إن «السياسة فن التفاوض وكل شيء مباح في السياسة، فيجب أن يعلم الشعب المصري المقابل للإفراج عن المتهمين الأميركيين حتى يتم تقييم هذا المقابل، ويمنع البلبلة في الوقت الحالي».
من جهته، كتب المعارض المصري محمد البرادعي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، «لمن يتكلمون عن السيادة والاستقلال.. أيا كانت ملابسات احالة قضية التمويل الى القضاء، فإن التدخل في عمله امر يضرب الديمقراطية في مقتل». وأضاف أن «هناك دولاً مستقلة وهناك جمهوريات موز».
وكان وكيل مجلس الشعب المصري (البرلمان) النائب محمد عبدالعليم داود، قد تقدم باستجواب للحكومة للاستماع إلى ملابسات عملية السماح بسفر المتهمين الأميركيين.
كما قدم مجموعة من النواب طلبات إحاطة للحكومة المصرية حول الموضوع ذاته. وكان 16 من بين 19 أميركياً متهمين في قضية إدارة منظمات حقوقية وتلقي أموال من الخارج من دون تصريح من السلطات المصرية، قد غادروا، أول من أمس، مطار القاهرة، وقام الملحقان العسكري والصحافي للسفارة الأميركية بالقاهرة بإنهاء إجراءات السفر.
وقالت تقارير صحافية إن تلك المصادر كشفت عن أن كل متهم من الـ16 قام بدفع مبلغ مليوني جنيه (330 ألف دولار) على سبيل الكفالة، حتى يصدر قرار من النائب العام (المصري) بالسماح لهم بمغادرة البلاد.
وكتبت صحيفة «التحرير» المستقلة في عنوان رئيس «فضيحة.. القضاء يفرج عن الأميركان ويسمح بسفرهم بأوامر العسكري». وقالت الصحيفة «في 24 ساعة فقط اثبت المجلس العسكري للعالم ان الحديث عن استقلال القضاء في مصر مجرد اوهام». واضافت «يبدو ان الضغوط والمفاوضات والزيارات التي قام بها مسؤولون اميركيون الى القاهرة.. قد اثمرت تراجعاً من المجلس العسكري عن تشدده».
اما صحيفة الاخبار، فكتبت ان «قضية التمويل الاجنبي شغلت الرأي العام عند الاعلان عنها وأثارت الرأي العام بنهايتها الغريبة المؤسفة». وعنونت صحيفة الاهرام الحكومية «غضب في مصر بعد السماح للمتهمين الأجانب بالسفر».
كما عنونت صحيفة «الشروق» «الحكومة والقضاء في محكمة الشعب». وكتبت «إذا كانت الحكومة المصرية اقامت الدنيا ولم تقعدها دفاعا عن السيادة ضد الغزاة القادمين مع هذه المنظمات التي تريد هدم اسس الدولة، وعاثت في الارض فسادا طبقا للاتهامات الموجهة اليها، فلماذا سمحنا لهؤلاء العتاة بالسفر؟». واضافت ان «السؤال هو كيف سيصدق هؤلاء (الذين ساندوا الحكومة في اتهاماتها) الحكومة مرة اخرى عندما تصرخ قائلة الذئب الذئب».
في المقابل، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند، «سعدنا كثيراً لان المحاكم المصرية رفعت الآن حظر السفر على موظفينا العاملين في منظمات غير حكومية. قدمت الحكومة الاميركية طائرة لتسهيل رحيلهم وغادروا البلاد. وهم الآن في طريقهم الى ارض الوطن». لكن نولاند قالت ان الإفراج عن المتهمين لم ينه قلق الولايات المتحدة بشأن تحول مصر إلى الديمقراطية والذي اثار التساؤلات بشأن مستقبل نحو 1.3 مليار دولار تقدمها الولايات المتحدة مساعدات عسكرية لمصر سنويا.
وقالت «مغادرة موظفينا لا يحل القضية القانونية أو القضايا الاكبر التي تتعلق بالمنظمات غير الحكومية». وأضافت «مازلنا نشعر بقلق بالغ بشأن محاكمة المنظمات غير الحكومية في مصر، والنتيجة النهائية للعملية القانونية وسنستمر في العمل مع الحكومة المصرية بشأن هذه القضايا».
وأكدت نولاند ان أي قرار أميركي بالإبقاء على المساعدات سيتوقف على شهادة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بأن مصر تفي بعدد من المعايير الديمقراطية. وأضافت «لن أتحدث عن الكيفية التي ستتخذ بها القرارات عندما يحين الوقت». وتابعت «مستمرون في رغبتنا في ان نرى تسوية وضع المنظمات غير الحكومية بطريقة تسمح بتسجيل جميع المنظمات غير الحكومية.. منظماتنا والمنظمات غير الحكومية الاوروبية والمنظمات الاخرى الدولية والمنظمات غير الحكومية المصرية. نعتقد ان هذا جزء لا يتجزأ من الانتقال الديمقراطي».
وقال الزعيم الديمقراطي السيناتور جون كيري، للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ ان الأزمة الجارية بشأن المنظمات غير الحكومية يجب ان تسمح للقيادة المصرية الجديدة بإعادة ترتيب اولوياتها. وقال في بيان «نأمل ان يعكس حدث اليوم عزما جديدا على احترام المجتمع المدني المصري مع إعادة تركيز الانتباه على الاقتصاد المصري، لا يمكن للمصريين ان يتحملوا كسب ثورة وخسارة تلك اللحظة السانحة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news