مصر تشيّع اليوم البابــــــــا شنودة.. و«العسكري» يعلن الــــحداد العام
صدق رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية المشير محمد حسين طنطاوي على إعلان حالة الحداد العام في مصر، اليوم، وذلك لوفاة قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فيما تستعد البلاد لتشييع البابا، اليوم، في اجواء لا تخلو من قلق، فيما يبدو اختيار خليفة له، من بين مرشحين أربعة بارزين، مسألة حساسة بسبب الوزن السياسي للمنصب في بلد يمر بمرحلة انتقالية مملوءة بالتقلبات.
ونكست جامعة الدول العربية علمها حداداً، ونعى أمينها العام نبيل العربي البابا، في بيان أمس، معرباً عن تعازي الجامعة ومواساتها «للمسيحيين والمسلمين في العالم لهذا المصاب الأليم».
وتفصيلاً، جاء إعلان المجلس الأعلى للقوات المسلحة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أمس، في الرسالة رقم 8 للمجلس العسكري، أنه من المقرر تشييع جنازة البابا شنودة اليوم. واتخذت السلطات المصرية إجراءات عدة، من بينها رفع حالة الطوارئ بمطار شرق القاهرة العسكري، كما تم تخصيص طائرتين عسكريتين، الأولى لنقل جثمان البابا إلى مثواه الأخير بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون، والثانية لنقل المرافقين وعدد من الإعلاميين المشاركين في مراسم الدفن.
وتواصل، أمس، توافد آلاف الاقباط على مقر كاتدرائتهم في حي العباسية بقلب القاهرة، من أجل القاء نظرة الوداع على البابا، الذي وضع جثمانه عل كرسيه البابوي مرتدياً زيه الكنسي وتاجه المذهب. وكان التنظيم مع ذلك افضل من أول من أمس، عندما ادى التدافع والزحام الى مقتل ثلاثة اشخاص، وفقاً لمصادر كنسية وطبية. وقال الانبا كيرلس، الذي جاء هو نفسه من نجع حمادي في صعيد مصر، إن «الناس تريد بأي شكل رؤية البابا لآخر مرة».
ونعت مصر كلها، ابتداء من المجلس الحاكم انتهاء بجماعة الاخوان المسلمين مروراً بالازهر، البابا شنودة الثالث، باعتباره «قامة وطنية كبرى»، تمكن من قيادة الكنيسة القبطية على مدى اربعة عقود شهدت مصر خلالها تطورات وتقلبات سياسية واجتماعية عدة.
وسيقام القداس الجنائزي في مقر الكاتدرائية في القاهرة، ثم يتم نقل الجثمان بطائرة عسكرية الى دير وادي النطرون على بعد قرابة 100 كيلومتر شمال القاهرة، حيث سيدفن بناء على وصية البابا الراحل.
وبدأت التكهنات في مصر حول خليفة البابا شنودة الثالث وتحدثت الصحف عن اربعة من قيادات الكنيسة وهم سكرتير المجمع المقدس للكنيسة القبطية الانبا بيشوي، وأسقف الشباب الانبا موسى، وسكرتير البابا الانبا يؤنس، وأسقف شبرا الخيمة (شمال القاهرة) الأنبا مرقس.
وربما تستغرق عملية اختيار البابا الجديد اشهراً. ووفقا للائحة الكنيسة التي وضعت في عام ،1957 ستقوم المطرانيات المختلفة في مصر بترشيح وتزكية اساقفة لتولي منصب البابا، ثم تعرض اسماء المرشحين على جمعية ناخبين تضم اعضاء المجمع المقدس وشخصيات عامة، من بينها النواب الاقباط الحاليون والسابقون والوزراء الحاليون والسابقون واعضاء المجلس الملي. وبعد عملية الاقتراع يتم اجراء «قرعة هيكلية» بين المرشحين الثلاثة الذين حصلوا على اعلى الاصوات، اذ يقوم طفل باختيار ورقة من بين ثلاث اوراق تحمل كل منها اسم احد المرشحين.
وبسبب الرهانات السياسية والطائفية المحيطة بمنصب البابا، فإن عملية اختيار خليفة لشنودة الثالث ستكون صعبة، خصوصا في ظل تعقيدات إجراءات الترشيح والانتخاب.
ويمثل الأقباط ما بين 6٪ الى 10٪ من نحو 82 مليون مصري. وأدى ضعف تمثيلهم في المؤسسات السياسية للبلاد الى تعزيز دور البابا، باعتباره راعياً وممثلاً لهذه الطائفة في مواجهة السلطة. وقال المثقف القبطي جمال اسعد في تصريح لصحيفة «ديلي نيوز» إن «موقع البابا اصبح موقعاً سياسياً، إضافة الى طابعه الديني والروحي، ولذلك فإننا قد نشهد صراعاً كبيراً بين قيادات الكنيسة اثناء عملية اختيار البابا الجديد».
وكان شنودة الثالث متشدداً على الصعيد العقائدي وأيد الرئيس السابق حسني مبارك الذي اطاحته ثورة شعبية في يناير ،2011 اذ كان يرى فيه حائط صد امام تصاعد نفوذ الاسلاميين. وسيُجرى اختيار خليفة للبابا شنودة في ظل وضع سياسي غير واضح المعالم، اذ لم يتم وضع دستور جديد للبلاد بعد، وبالتالي لم يتحدد شكل النظام السياسي (برلماني ام رئاسي ام مختلط)، ولم يتم انتخاب رئيس للجمهورية بعد.
كما تجرى في ظل صعود كبير للحركات الاسلامية التي تهيمن على البرلمان، فيما يحكم البلاد منذ سقوط مبارك مجلس عسكري وعد بنقل السلطة التنفيذية الى رئيس منتخب قبل نهاية يونيو.